الوساطة العراقية بين إيران والسعودية: استمرار المفاوضات يشكل أول اختبار لحكومة السوداني

06 نوفمبر 2022
حسين والأعرجي خلال زيارة إلى طهران، إبريل 2022 (عطا كناره/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من استمرار اثنين من عرّابي الوساطة العراقية بين الرياض وطهران، وهما وزير الخارجية فؤاد حسين ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، في منصبيهما، مع تسلم الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني السلطة التنفيذية، إلا أن ثمة الكثير من الشكوك حيال مصير الوساطة التي بدأت فعلياً قبل أكثر من عام. وكان الجانبان الإيراني والسعودي عقدا عدة مباحثات مباشرة في بغداد، برعاية رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي.

حكومة السوداني... مؤشرات على مواصلة الوساطة

وصدرت إشارات واضحة عن المسؤولين العراقيين، خلال الأسبوع الماضي، بمواصلة الحكومة الجديدة لعب دور الوساطة بين السعودية وإيران.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي، إن "جزءاً من المسارات السابقة (لحكومة الكاظمي) سوف نستمر بها"، متحدثاً عن تلقي "إشارات إيجابية من كل الأطراف بطلب استمرار هذا الدور، وسيجرى هذا بأكثر من محور ولقاء رسمي عالي المستوى"، في تأكيد على استمرار مساعي العراق لعب دور الوساطة بين الرياض وطهران.

السوداني: سنستمر بجزء من المسارات السابقة لحكومة الكاظمي

إلا أنّ ثمة شكوك متعلقة بإمكانية استمرار الوساطة، خصوصاً أنها كانت تعتمد على رئيس الوزراء السابق الذي يتمتع بعلاقات قوية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى جانب التصريحات السلبية التي صدرت أخيراً عن مسؤولين إيرانيين تجاه الرياض.

وتستضيف العاصمة العراقية بغداد، منذ إبريل/نيسان 2021، مباحثات مباشرة على مستوى منخفض التمثيل بين إيران والسعودية، ضمن فرق ضمت ممثلين أمنيين ودبلوماسيين لكلا البلدين. ورعى الكاظمي 5 جولات منها، عقدت جميعها في بغداد، آخرها في إبريل الماضي.

وكان من المقرر عقد جولة سادسة نهاية يوليو/تموز الماضي، على مستوى وزيري الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والإيراني حسين أمير عبد اللهيان وفقاً لما أعلن عنه حسين في 23 يوليو الماضي. غير أنها تأجلت لأسباب متضاربة بحسب أوساط عراقية، من بينها أن ذلك جاء بطلب إيراني للعراق، وأخرى تحدثت عن خلافات حيال الملفات التي ستُطرح في هذه الجولة، ومنها الملف اليمني.

استمرار المفاوضات مصلحة عراقية

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، إن "مهمة الوساطة بين طهران والرياض ستتواصل من خلال حكومة السوداني". وأضاف أن "من مصلحة العراق استمرار العلاقات الطيبة بين السعودية وإيران، ولهذا، سيكمل السوداني مشروع الوساطة، بل ربما يحقق نجاحات أكثر من الكاظمي، بسبب الدعم السياسي الكبير الذي يملكه من كافة القوى السياسية العراقية، وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية التي رحبت بتشكيل حكومته"، وفقاً لقوله.

واعتبر الفايز أن الوساطة التي قادتها بغداد "لا تخص الكاظمي إنما هي تتعلق بالعراق كدولة، وتوتر العلاقة بين الرياض وطهران لن يخدم العراق واستقراره". ورأى أنه لهذا السبب "سيبقى العراق يلعب دور الوساطة من أجل ضمان استقراره واستقرار عموم المنطقة. والسوداني ستكون له علاقات طيبة مع كافة دول المنطقة والعالم، وليس من مصلحته ومصلحة العراق الوقوف مع محور ضد آخر، وهذا ليس من سياسة الحكومة الجديدة، والأمر مرفوض من قبل الأطراف السياسية
حتى".

الشمري: استمرار الوساطة مرتبط برغبات السعودية وإيران

في السياق ذاته، قال نائب بارز في ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، لـ"العربي الجديد"، إن "السوداني سيبقي على فريق الوساطة العراقية بين السعودية وإيران، بمن فيهم مسؤولو الاتصال وتنظيم الحوارات، وهم من وزارة الخارجية وجهاز المخابرات والأمن القومي ومكتب رئاسة الوزراء".

وأضاف أن "استمرار وجود فؤاد حسين على رأس وزارة الخارجية عامل رئيس في استمرارية الوساطة، كونه يتولى العمل على الملف مع مسؤولين آخرين، وحضر جميع الاجتماعات الثلاثية المشتركة". لكنه اعتبر أن "مهمة السوداني في إكمال مشروع الوساطة لن يكون سهلاً، والعمل على هذا الأمر يحتاج لوقت من أجل إعادة العمل به، وستكون هناك زيارات لمسؤولين إيرانيين وسعوديين الى بغداد قريباً من أجل الاستماع إلى وجهة نظر السوداني بخصوص الوساطة العراقية". واتهم "الولايات المتحدة بأنها تحاول تأزيم الموقف بين السعودية وإيران، بهدف ابتزاز الرياض، بعد توتر العلاقة مع واشنطن عقب قرار السعودية الذهاب إلى خفض إنتاج النفط".

إلا أن محافظ الموصل الأسبق أثيل النجيفي قال، لـ"العربي الجديد"، إن "موضوع الوساطة اختلف حالياً بعد تسلم السوداني رئاسة الحكومة الجديدة، لأن الكاظمي كان أقرب للمحور الغربي، وبالتالي حظي بتسهيلات غربية للقيام بهذا الدور، بالإضافة إلى محاولات ضم العراق إلى تحالف عربي شرق أوسطي".

وأضاف النجيفي أن "حكومة السوداني مختلفة في توجهاتها وعلاقتها مع الغرب، وكذلك مع دول الشرق الأوسط. ولهذا فإن مهمة الوساطة بين الرياض وطهران ستكون صعبة جداً عليها، بل ربما سيتم إيقاف هذا المشروع لصعوبة المهمة أمام السوداني وحكومته، التي تعتبر مقربة من محور (إيران) وبعيدة عن المحور الآخر". واعتبر أن "ملف العلاقات الخارجية لحكومة السوداني يعد من أبرز الملفات، بسبب قرب هذه الحكومة من أطراف إقليمية ودولية ضد أطراف أخرى، ولهذا، هناك تحدٍ كبير أمام الحكومة الجديدة لإثبات أنها تعمل بشكل متوازٍ مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية".

وحول ذلك، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" إحسان الشمري، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "استمرار الوساطة العراقية بين الرياض وطهران من قبل حكومة السوداني مرتبط برغبات السعودية وإيران في إكمالها. وما تحقق من حوار إيراني سعودي بفضل الوساطة العراقية، خلال الفترات السابقة، كان لوجود رغبة إيرانية كبيرة في هذا الحوار".

وأضاف الشمري: "نعتقد أن إيران ستدفع حكومة السوداني من جديد لاستمرار الوساطة من أجل مواصلة الحوار مع السعودية، خصوصاً أن أي تراجع في هذا الملف يمكن أن يؤثر على دور العراق في ملفات أخرى، ولهذا، هناك فرصة مهمة للسوداني لإكمال هذا المشروع". واعتبر أن "مهمة رئيس الوزراء الجديد لإكمال مشروع الوساطة بين إيران والرياض ربما لن تكون سهلة، لكن هو سيعمل على ذلك، خصوصاً أن هناك رغبة إيرانية بذلك الأمر، وربما يكون هناك موقف مغاير للسعودية، وهذا ما سوف يظهر خلال المرحلة المقبلة".

المساهمون