بعد مرور شهر على بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي؛ تبدو موسكو بعيدة عن تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، إذ تظهر الخريطة التفاعلية على قناة "ماش" الروسية على تطبيق "تيليغرام" أن المعارك الروسية الأوكرانية لا تزال تتركز في المناطق القريبة من الحدود الروسية والبيلاروسية، وسط عجز القوات الروسية عن التقدم في العمق الأوكراني، بعد مواجهتها مقاومة شرسة لم تضعها موسكو في الحسبان.
وتكشف الخريطة التفاعلية أن المعارك تدور على مشارف إقليمي دونيتسك ولوغانسك اللذين اعترف بوتين باستقلالهما عن أوكرانيا عشية بدء الحرب، بما في ذلك باستخدام الوحدات الخاصة من جمهورية الشيشان الواقعة في شمال القوقاز، والتي شنت ضربات على القوافل الأوكرانية بواسطة طائرات مسيّرة.
وعلاوة على ذلك، تشن القوات الروسية ضربات صاروخية في عدد من المناطق الأوكرانية، بما في ذلك بواسطة منظومة "بوك" للدفاع الجوي، التي تستهدف الطيران الحربي الأوكراني في مقاطعة تشيرنيغوف شمالي أوكرانيا، وصواريخ "إسكندر-إم" المجنحة، بالقرب من مدينة كريفوي روغ، مسقط رأس الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وكذلك على مشارف منطقة دونباس الموالية لروسيا.
وتظهر اتجاهات تحركات القوات، أن قوات "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" المعلنتين من طرف واحد تسعيان لفرض طوق على القوات الأوكرانية التي تقاتل على مشارف دونباس من المحورين الشمالي والجنوبي، لمحاصرتها في "مرجل"، وفق المصطلح المعتمد على الخريطة التفاعلية.
كما تحاصر روسيا القوات الأوكرانية في مدينة ماريوبول الاستراتيجية، المطلة على بحر آزوف، بعد إعلان حاكم الشيشان، رمضان قديروف، الإثنين، بدء اقتحام المدينة بواسطة المقاتلين الشيشانيين بقيادة النائب بمجلس الدوما (النواب) الروسي، آدم ديليمخانوف.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن قديروف عن عزمه على "تنظيم استعراض عسكري في كييف، سيكون علامة لنجاح القوات الروسية"، التي لا تزال بعيدة عن السيطرة على أغلب المدن الكبرى، ناهيك بالعاصمة الأوكرانية.
وتحاصر القوات الروسية ماريوبول منذ 11 مارس/آذار الجاري، على ضوء الأهمية الاستراتيجية لهذه المدينة الساحلية، التي ستتيح السيطرة عليها لروسيا، إن تمكنت من ذلك، ربط قوات "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك" بالوحدات الروسية المرابطة في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014.
ورصد متطوعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تردي الأوضاع الإنسانية في ماريوبول، التي يضطر سكانها للاختباء في أقبية المباني بلا تدفئة، والخروج إلى الشوارع فقط لجلب مواد غذائية، وسط سماع أصوات القتال بشكل مستمر.
ورغم تفوقها العسكري على أوكرانيا؛ لم تتمكن روسيا بعد شهر من القتال المكثّف، من السيطرة سوى على مدينة كبيرة واحدة، وهي خيرسون المطلة على البحر الأسود، وتشكيل سلطة محلية موالية لموسكو فيها، رغم أنها لا تزال تشهد عمليات حرب عصابات من المقاومة الموالية لأوكرانيا.