بعيد تأجيل زيارته إلى فرنسا بسبب "أحداث العنف" الأخيرة التي اجتاحت بعض شوارع العاصمة، وصل الملك تشارلز الثالث إلى ألمانيا أمس الأربعاء في زيارة تستمرّ 3 أيام، وهي الزيارة الرسمية الأولى له بعد اعتلائه العرش.
ووصفت الصحافة البريطانية الخطاب الذي ألقاه، اليوم الخميس، في البرلمان الألماني بـ"التاريخي"، حيث إنه أول ملك بريطاني يخاطب البرلمان الألماني فضلاً عن إلقائه الخطاب باللغتين الإنكليزية والألمانية بإتقان.
وتمحور خطابه حول "العلاقات التاريخية" بين المملكة المتحدة وألمانيا معترفاً بـ"عمق التأثير"، الذي تركته ألمانيا عليه بشكل شخصي، كما شكر الألمانيين على "التعاطف العميق" الذي أبدوه بعد رحيل الملكة إليزابيث الثانية سبتمبر/أيلول الماضي.
ولم تغب أوكرانيا عن خطابه الأول، وهو الذي عُرف عنه ميله لـ"خرق القواعد" والتعبير عن آرائه السياسية بجرأة، وأشاد الملك بقرار ألمانيا "المهم جداً" بتقديم الدعم العسكري لكييف وبـ"وحدة الموقف" إزاء الغزو الروسي.
ومن السياسة، انتقل الملك للحديث عن كرة القدم وعن "التنافس المرير" بين الفريقين الألماني والبريطاني في بطولة اليورو للنساء وما أعقبه من فوز الفريق البريطاني. وبالطبع كانت البيئة، وهي القضية الأقرب إلى قلب الملك، حاضرة في خطابه، إذ أشاد بالدور "الرائد" الذي تقوده ألمانيا والمملكة المتحدة في البحث المشترك في مجال الطاقة النظيفة مثل الرياح البحرية والهيدروجين.
ومع أن الزيارة تأتي بعد أسبوعين من الإعلان عن وثيقة "وندسور" الخاصة بالترتيبات التجارية بعد "بريكست"، إلا أن الملك تشارلز الثالث لم يأت في خطابه على ذكر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
واعتبرت "سكاي نيوز" أن "الخطاب يتطلّع إلى المستقبل" وأن عدم الإشارة إلى انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يبرز أكثر "قيمة التحالف مع أوروبا وألمانيا بشكل خاص".
وبعد خطابه أمام البرلمان، توجّه الملك رفقة زوجته كاميلا إلى مركز تيغيل للاجئين في برلين، حيث التقيا بالأوكرانيين المتواجدين هناك، وكان الملك ذكر في خطابه أمام البرلمان أن "ويلات الحرب عادت إلى أوروبا" ومعها محنة اللاجئين، في الوقت الذي تخوض فيه حكومة بلاده "حرباً شرسة" ضد طالبي اللجوء القادمين إلى شواطئها بطرق "غير نظامية" متوعدة بتوقيفهم وترحيلهم على الفور إلى بلدهم الأصلي أو إلى بلد ثالث "آمن" مثل رواندا.
ويُذكر أن الملك تشارلز اتّخذ موقفاً "جريئاً" قبل عام وكان حينها مايزال أميراً، إذ سرّبت الصحافة البريطانية موقفه السلبي من خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا المثيرة للجدل ووصفه لها بـ"المروّعة"، ما أثار حملة انتقادات حيث اتّهمته الحكومة بالتدخل في السياسة.
ومن المتوقع أن يتوجّه الملك إلى هامبورغ صباح الغد للمشاركة في إحياء ذكرى ضحايا قصف الحلفاء لهامبورغ خلال الحرب العالمية الثانية سنة 1943، حيث سيزور كنيسة القديس نيكولاي، وهي إحدى الكنائس التي تضرّرت بشدة خلال القصف.
واعتبرت صحيفة الـ"غارديان" أن محطة هامبورغ تحمل أبعاداً رمزية نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربط المدينة العريقة ببريطانيا العظمى، ويعود تاريخ المدينة إلى العصور الوسطى، وكان المعماري الإنكليزي جورج سكوت هو من أعاد بناءها بعد أن التهمتها الحرائق ودمّرها القصف، وهو المعماري نفسه الذي شيّد مبنى وزارة الخارجية البريطانية في لندن.