مشاورات داخل مجلس الأمن بشأن تعيين دي ميستورا
سيتم الإعلان عن تعيين دي ميستورا مبعوثًا إلى الصحراء خلال أيام
أعطى المغرب موافقته على تعيين الديبلوماسي ستيفان دي ميستورا مبعوثاً شخصياً للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وذلك بالتزامن مع بدء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أمس الثلاثاء، مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن بشأن تعيين خليفة للرئيس الألماني السابق هورست كوهلر، في المنصب الشاغر منذ 2019.
وكشف السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، اليوم الأربعاء، أنّ المملكة أبلغت غوتيريس موافقتها على تعيين دي ميستورا الدبلوماسي السويدي الحاصل على الجنسية الإيطالية، مبعوثاً شخصياً جديداً له إلى الصحراء، لافتاً إلى أنّ "موافقة المغرب تأتي انطلاقاً من ثقته الدائمة ودعمه الموصول لجهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم ومتوافق بشأنه للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية".
وأضاف هلال، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية: "بمجرد تعيينه، كما نأمل ذلك، يمكن للسيد دي ميستورا أن يعول على تعاون المغرب ودعمه الثابت في تنفيذ مهمته لتيسير التوصل إلى تسوية لهذا النزاع الإقليمي، وفقاً لقرارات مجلس الأمن منذ عام 2007، ولا سيما القرارات 2440 و2468 و2494 و2548، التي كرست مسلسل الموائد المستديرة مع الأطراف الأربعة المشاركة فيه ووفق المعايير المحددة".
وقال هلال إنّ المشاورات جارية داخل مجلس الأمن بشأن تعيين دي ميستورا، وسيتم الإعلان عن تعيينه في الأيام القليلة المقبلة، بعد موافقة أعضاء مجلس الأمن عليه، واصفاً المبعوث الجديد بأنّه "من الفاعلين المحوريين في جهود الأمم المتحدة للتسوية السلمية للنزاعات".
وأضاف أنّ دي ميستورا "أثبت نفسه في سورية وأفغانستان والعراق وأفريقيا، وأن خبرته الدبلوماسية الدولية الطويلة، وأصوله المتوسطية التي بلورت معرفته العميقة بمشاكل هذه المنطقة، واستيعابه للتهديدات الأمنية وزعزعة الاستقرار في شمال أفريقيا، فضلاً عن استقلاليته وحياده اللذين طبعا عمله في الأمم المتحدة، سوف تساعده كثيراً، في الاضطلاع بطريقة هادئة وبناءة، بمهمة تيسير العملية السياسية المتعلقة بهذا النزاع الإقليمي".
وعن أسباب تأخر تعيين المبعوث الشخصي إلى الصحراء منذ استقالة الألماني كوهلر في مايو/أيار 2019 أرجع ممثل المغرب في الأمم المتحدة ذلك إلى "تلكؤ الأطراف الأخرى منذ فترة طويلة"، مضيفاً أنها "استخدمت، على مدى عامين ونصف العام، المراوغات الواهية لرفض العديد من المرشحين المؤهلين تأهيلا عاليا والذين تم اقتراحهم من طرف الأمين العام".
وأشار إلى أنّ "الجزائر وجماعتها الانفصالية المسلحة (جبهة البوليساريو) كانتا قد رفضتا ترشيح رئيس الوزراء الروماني السابق السيد بيتر رومان، وبعد بضعة أشهر، رفضت ترشيح وزير الخارجية البرتغالي السابق السيد لويس أمادو. وبالتالي، ومن أجل احتواء عرقلتهم لأي مرشح من دولة ثالثة، كان على السيد غوتيريس البحث عن هذا الترشيح الأخير داخل أروقة الأمم المتحدة".
وبخصوص انتظارات الرباط من العملية السياسية، قال هلال إنّ بلده "بغض النظر عن الشخصية التي تشغل منصب المبعوث الشخصي، يظل، كما كان دائماً، متشبثاً، بحزم، بالمسلسل الأممي الحصري، من أجل التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم وتوافقي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وذلك طبقاً لقرارات مجلس الأمن منذ عام 2007 التي تعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا جديا وذا مصداقية لقضية الصحراء المغربية".
وسادت طيلة الأسابيع الماضية حالة ترقب في المغرب في انتظار ما سيقدم عليه الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الكشف عن هوية المرشح رقم 14 لمنصب مبعوثه الشخصي إلى الصحراء، وذلك بالتزامن مع تحركات للإدارة الأميركية الجديدة من أجل دفع المغرب إلى الموافقة على تعيين مبعوث أممي جديد.
وظلت مهمة إقناع أطراف النزاع بمرشحين لهم القدرة على إدارة العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، صعبة طيلة الأشهر الماضية، بعد أن كشف غوتيريس أنه اقترح 13 اسماً، لكنها "لم تحصل على موافقة من الأطراف"، معتبراً أنّ استمرار النزاع يؤثر على "عامل الاستقرار في المنطقة التي تواجه خطر الإرهاب".
وكان كوهلر، قبل استقالته في مايو/أيار 2019، لـ"دواعٍ صحية"، يراهن على آلية "الطاولات المستديرة" لتحقيق اختراق في جدار نزاع عمّر طويلاً، بسبب تباعد وجهات النظر بين أطرافه، خصوصاً بعد أن جدد المجلس التأكيد على المعايير التي حددها بوضوح في قراراته 2414 و2440 و2468 و2494 من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع حول قضية الصحراء.
ولم تنجح الأمم المتحدة في إيجاد شخصية جديدة قادرة على إدارة الملف الشائك، واستئناف ما بدأه كوهلر من مساع دبلوماسية كللت بجمع المغرب والجزائر وموريتانيا و"جبهة البوليساريو" على طاولة المفاوضات في سويسرا في ديسمبر/كانون الأول 2018، وفي مارس/ آذار 2019، وهو الأمر الذي لم يفلح فيه مبعوثون سابقون، إذ كانوا يحصرون طرفي النزاع بالمغرب و"البوليساريو"، فيما تشارك كل من الجزائر وموريتانيا كمراقبين.
وظلت مهمة العثور على خليفة كوهلر غير سهلة بالنسبة إلى غوتيريس، فالعديد من المرشحين إما رفضوا قبول المهمة أو رفضهم أحد أطراف النزاع، كان من أبرزهم وزير الخارجية السلوفيني ميروسلاف لايتشاك، الذي كان ينظر إليه كشخصية مستوعبة للنهج الأممي في التدبير الواقعي لحل النزاعات الدولية، ولا سيما خلال رئاسته الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير أنه رفض من قبل "البوليساريو".
وفي مطلع إبريل/نيسان الماضي، ذكرت مصادر أممية أن غوتيريس اقترح وزير خارجية البرتغال السابق لويس أمادو، مبعوثاً شخصياً له إلى الصحراء، غير أن تعيينه اصطدم كذلك برفض جبهة "البوليساريو". في حين رفضت السلطات المغربية، ثلاثة أسماء وهم وزراء سابقون في هولندا وأستراليا وسويسرا، بحسب ما روجت لذلك قيادة "البوليساريو".