أدان سياسيون ومعارضون سوريون، اليوم الأحد، القرار الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب باستئناف مشاركة النظام في اجتماعاته، مشددين على أن ذلك سيزيد من تعقيد المشهد السوري، وسيقتل العملية السياسية، فيما رحبت خارجية النظام السوري بالقرار.
من جانبه، علّق رئيس هيئة التفاوض عن المعارضة السورية بدر جاموس، على قرار الجامعة العربية. وقال جاموس، في مؤتمر صحافي بإسطنبول، إن قرار إعادة النظام إلى الجامعة العربية "يمثل تجاوزاً لجرائم النظام وضربة للشعب السوري الثائر، وتجاهلاً لمطالبه بالتغيير".
وأكد جاموس أن الجامعة والدول العربية لم تستشر المعارضة السورية بشأن القرار، ووصفه بأنه "تجاهل واضح لإرادة السوريين". وأضاف: "نعتقد أن ما حدث هو قتل للعملية السياسية، ودفع للشعب السوري لمواصلة ثورته المحقة حتى تحقيق حقوقه المشروعة، وتجاهل كامل لصوت الشعب السوري لحساب المصالح بين الدول".
وختم بالقول: "عودة النظام إلى الجامعة العربية دون الإفراج عن أي معتقل، أوعودة أي لاجئ، أو حتى تقديم أي خطوة إيجابية في التعامل مع القرارات العربية أو الأممية ذات الصلة بالعملية السياسية، هو تجاهل خطير لتطلعات الشعب السوري وحقوقه، وسيعمل على تعقيد المشهد السوري أكثر، ولن يساهم في تحقيق الاستقرار والسلام المنشود في سورية".
من جانب آخر، قال مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية المنضوية في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، السيد كبرئيل كورية، لـ"العربي الجديد" إن "القرار لم يكن مفاجئاً، ومن غير المستبعد أن يكون قد جاء نتيجة لضوء أخضر أميركي من قبل الولايات المتحدة الأميركية بالسماح للدول العربية والتجرؤ على التطبيع رغم الإعلانات الشكلية التي تصدر عن الإدارة الأميركية بأنها لا تدعم ولا تشجع التطبيع مع النظام".
ورأى أن الشعب السوري لن يحصد أي نتيجة إيجابية من هذا القرار، ولا سيما في مسألة عودة اللاجئين، واعتبر أن القرار جاء كمحصلة لإقرار الدول العربية بانتصار النظام على شعبه، مؤكداً -في الوقت ذاته- أن النظام لم يقبل أي تنازل لشعبه ولا للمعارضة السورية، وبالتالي مثل هذا الإقرار "لن يجلب الاستقرار حسب قناعتنا لسورية، وكذلك لن يحل المشاكل العالقة التي شكلت أبرز مفرزات الأزمة السورية".
من جانبه، قال منسق حركة الإصلاح، عضو هيئة رئاسة المجلس الوطني الكردي، فيصل يوسف، لـ"العربي الجديد" إنّ من المهم أن تعالج الجامعة العربية معاناة الشعب السوري بشكل جذري وشامل عبر السعي لتطبيق القرار الدولي 2254.
وأضاف: "من المعروف أن علاقات الجامعة العربية ومعظم دولها قطعت مع النظام السوري بعد بداية الاحتجاجات في مارس/ آذار 2011، والضغط باتجاه تلبية مطاليب الثورة السورية السلمية وما زالت دون تنفيذ".
وأكد يوسف أن "رفع الغبن عن الشعب السوري وعودة اللاجئين بأمان وضمانات والإفراج عن المعتقلين وإعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين والمحتاجين وكتابة دستور بتوافق وطني يحترم حقوق كل المكونات وإجراء انتخابات بإشراف دولي هو المدخل الأساسي لأي حل أو تسوية شاملة، ودون ذلك، فإن العودة للمربع الأول في مسار الوضع السوري لن تعود بالفائدة المرجوة للشعب السوري ودول الجامعة العربية".
وأشار إلى أن الجامعة العربية مدعوة لتحريك الملف السوري بما يتوافق مع القرار الدولي 2254، مؤكداً أن "عودة سورية لمقعدها في الجامعة العربية يجب أن يستتبع بانتفاء الأسباب التي من أجلها جمدت عضويتها".
الائتلاف المعارض يتهم الجامعة العربية بالانحياز لصالح النظام
إلى ذلك، أعرب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوري عن رفضه واستيائه من قرار إعادة النظام إلى الجامعة العربية، مشيراً في بيان إلى أن القرار "يعني التخلي عن الشعب السوري وعن دعم مطالبه وتضحياته كما يشكّل انحيازاً واضحاً لصالح المجرمين" بحسب تعبير البيان.
وأضاف أن تعزيز سلطة نظام الأسد وإيران في سورية تعني بالضرورة "استمرار المعاناة الإنسانية لملايين السوريين، وتؤدي إلى مزيد من الوحشية والإرهاب والدموية من قبل النظام وحلفائه تجاه الشعب السوري".
وأشار الائتلاف إلى أن المراهنة على تغيير سلوك بشار الأسد هي مضيعة للوقت، مؤكداً أن "نهج المبعوث الدولي باسم (خطوة مقابل خطوة) خدم النظام وشرعن وجوده، واليوم تقوم الجامعة العربية بإعادة تأهيله وإعادته لمقاعد الجامعة".
وشدد الائتلاف على ضرورة الانتقال السياسي الكامل في سورية وفق القرار الدولي 2254 وتقديم الأسد ومجرمي نظامه للمحاسبة والمحاكمة، مؤكداً أن أي مبادرة خارج إطار القرار الدولي هي التفاف على مطالب السوريين، وانحياز لنظام الأسد واستسلام له ولحلفائه.
الحزب اليساري الكردي: قرار الجامعة لم يأخذ بالاعتبار وجود "الإدارة الذاتية".
من جانب آخر، قال محمد موسى، الأمين العام للحزب اليساري الكردي في سورية أحد أحزاب "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) في حديث لـ"العربي الجديد"، إن القرار يصب لصالح النظام، وتساءل في الوقت ذاته عن الخطوات المطلوبة من النظام أن يقوم بها أو يخطوها مقابل أن تخطو الدول العربية والجامعة العربية هذه الخطوة، قائلاً إنها "ليست واضحة حتى الآن".
وأشار إلى أن جامعة الدول العربية لم تأخذ بالاعتبار الواقع الموجود في سورية والتدخلات الدولية الإقليمية ووجود "الإدارة الذاتية ".
وأكد أن "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) لديه "مبادرة للحل طرحت منذ فترة ليست ببعيدة، ولكن حتى الآن لم تلق آذاناً صاغية لا من النظام ولا من المعارضة".
ورأى موسى أن مبادرة حل "مسد" هي الحل الأمثل للقضية السورية وجملة الاشكاليات المطروحة على المستوى السوري، إضافة إلى أن "الجامعة العربية عندما تطرح مشروعاً بهذا الشكل وتعيد النظام الى الجامعة فإنها لا تأخذ بالاعتبار القضايا الاساسية التي تسببت في تأزيم الوضع في سورية وتفجيره وبذات الوقت هناك قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية فضلاً عن قضايا القوميات الموجودة في الداخل السوري وجميعها لم تأخذها الجامعة العربية بعين الاعتبار".
في المقابل، قالت خارجية النظام السوري، في بيان، إن القرار "يصب في مصلحة كل الدول العربية، وفي مصلحة تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار لشعوبها".
وأضافت الخارجية أنها تلقت باهتمام القرار الصادر بخصوص استئناف مشاركة وفودها في اجتماعات مجلس الجامعة، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من اليوم، مؤكدة أهمية الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهها الدول العربية.
وأشارت إلى أن المرحلة القادمة "تتطلب نهجاً عربياً فاعلاً وبناءً على الصعيدين الثنائي والجماعي، يستند إلى قاعدة الحوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للأمة العربية".