استمع إلى الملخص
- كشفت تقارير حقوقية عن جرائم ضد الإنسانية في سجن صيدنايا، بما في ذلك التعذيب والقتل الممنهج، ووصفته منظمة العفو الدولية بـ"المسلخ البشري".
- سيطرت المعارضة أيضًا على سجن عدرا وأفرجت عن المعتقلين، بينما يظل ملف المعتقلين من القضايا المؤلمة التي يرفض النظام التفاوض حولها.
أعلنت المعارضة السورية أنها تمكنت، فجر اليوم الأحد، من اقتحام سجن صيدنايا سيئ الصيت شمالي العاصمة دمشق، والإفراج عن الآلاف من المعتقلين الذين كانوا بداخله. وأكدت إدارة العمليات العسكرية لـ"ردع العدوان" في بيان مقتضب أنها سيطرت على السجن، وقالت: "نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا". وأظهرت مقاطع مصورة خروج العشرات من المعتقلين من السجن وسط فرح عارم، ووصولهم إلى أحياء مدينة صيدنايا.
وشكل سجن صيدنايا محط انتقادات حقوقية على امتداد سنوات الثورة السورية، وحتى قبلها، بسبب كثرة الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق الآلاف من الشبان والنساء، الذين دخل عدد كبير منهم السجن وخرجوا منه موتى، بعد أن اعتقل النظام الآلاف من السوريين، سواء على خلفية مشاركتهم في الحراك المناهض ضده، أو ما قبل ذلك من معتقلي الرأي.
ومارس النظام السوري في سجن صيدنايا أفظع أشكال عمليات الترهيب والقتل في حقّ معتقلين سوريين، وقد قُتل، وفق تقارير حقوقية سابقة، في هذا السجن ما يزيد عن 30 ألف شخص. وكانت "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" كشفت في تقرير في سردت فيه تفاصيل تستند إلى معلومات من معتقلين سابقين ومنشقين عن النظام السوري؛ تفاصيل عن البنية الإدارية والتنظيمية في سجن صيدنايا وتسلسل القيادة والأوامر فيه، وذلك بدءاً من مرحلة دخول المعتقل هذا السجن الواقع في محافظة ريف دمشق (جنوب غرب) والذي يُعَدّ أسوأ سجون النظام في سورية.
تقرير الرابطة الذي صدر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 تحت عنوان "الهيكلية الإدارية لسجن صيدنايا وعلاقاته التنظيمية" أورد تفاصيل التسلسل القيادي في السجن للمرّة الأولى، كاشفاً عن ارتكاب عمليات التعذيب والقتل الواسعة والممنهجة للمعتقلين في صيدنايا، والتي ترقى إلى جرائم إبادة وجرائم ضدّ الإنسانية. كذلك، وصف مخطط السجن ودفاعاته وهيكله الإداري بالتفصيل، وعلاقته ببقيّة أجهزة النظام السوري ومؤسساته الأمنية، وأوضح كيف حُصّن عمداً لصدّ الهجمات الخارجية المحتملة وقمع المعتقلين في داخله.
وكانت منظمة "العفو الدولية" قد وثقت، في تقرير نشرته بدايات عام 2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة نفذها النظام السوري بحق المعتقلين في سجن صيدنايا. وفي تقرير تحت عنوان "المسلخ البشري"، ذكرت المنظمة أن إعدامات جماعية شنقاً نفذها النظام بحق 13 ألف معتقل، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015. ووصفت المنظمة سجن صيدنايا العسكري بأنه "المكان الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء".
كما أعلنت المعارضة السيطرة على سجن دمشق المركزي، المعروف بسجن عدرا، الواقع شمال دمشق، والإفراج عن كل المساجين والمعتقلين داخله، ورغم أن السجن مخصص للسجناء المحكومين بالجنايات، إلا أنه يضم أيضاً المئات من معتقلي الرأي. ويقع هذا السجن في مدينة عدرا إلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق، ويبعد عنها حوالى 20 كيلومتراً، ويمتد على مساحة كبيرة تبلغ نحو عشرة هكتارات، ويحتوي عدة مبان وساحات وأراضي غير مستثمرة.
يتكوّن السجن من عدة مبان للإدارة، بما فيها أقلام الدخول والعدلي والإداري، وبناء مخصّص لمدرسة السجن، إلا أنّ البناء الأهم في هذا السجن هو البناء الذي يشغله النزلاء ويتألف من 12 جناحاً، إضافة إلى جناح للموقوفين السياسيين الذين لا علاقة لإدارة السجن المدني بهم، حيث يحوّلون إليه من فروع أمنية عدة، وتشرف عليه شعبة الأمن السياسي.
وقد شهد السجن تمرّداً من السجناء بسبب الأوضاع المزرية داخله عام 2007، وإضراباً عن الطعام عام 2009. وخلال زيارة بعثة المراقبين العرب إلى سورية بعد اندلاع الثورة عام 2011، قام سجناء الرأي بتنفيذ إضراب عن الطعام، وذلك بعد أن زار المراقبون العرب السجن من دون أن يلتقوا بالسجناء.
ويضم سجن عدرا قسمين للنساء؛ أحدهما جنائي يختص بالمتابعات بالتّهم الجنائية المختلفة، وقسم سياسي يشمل المعتقلات اللواتي يُحوَّلن من الأفرع الأمنية. وخضعت المعتقلات السياسيات لظروف مشابهة لسجن الرجال من ناحية الإهانة والضرب والتعذيب وحتى الاغتصاب، في حين تنعدم الرعاية الطبية بالرغم من وجود نساء مسنّات ومريضات بأمراض خبيثة أو حوامل.
ويعد ملف المعتقلين في سجون النظام السوري الأكثر إيلاماً في القضية السورية، إذ اعتقل النظام وغيب عشرات آلاف المدنيين والعسكريين الذين اعتقلوا على خلفية موقفهم من الثورة السورية. ويرفض النظام التفاوض حول هذا الملف خشية أن يكون مدخلاً واسعاً لسوق كبار ضباط أجهزته الأمنية وجيشه إلى محاكم دولية متخصصة، فيما يكتفي المجتمع الدولي ببيانات إدانة جوفاء عند ظهور بيانات أو وثائق تؤكد أن معتقلات النظام "مسالخ بشرية"، يمارس فيها مختلف أنواع التعذيب وأكثرها بشاعة، والتي تفضي إلى الموت أو العجز مدى الحياة.