كشفت المعارضة التركية الممثلة بالطاولة السداسية، اليوم الاثنين، عن برنامجها الحكومي والسياسات المشتركة، حيث ضم البرنامج الحكومي 9 عناوين رئيسية و75 عنوانا فرعيا، فضلا عن تغييرات كبيرة على الوضع الحالي القائم.
وبمشاركة قادة الأحزاب الستة المعارضة، أعلن عن البرنامج الحكومي، الذي يتألف من 240 صفحة، في حفل بأنقرة، وجاءت العناوين لتشمل: الحقوق والعدالة والقضاء، والقطاع العام، ومكافحة الفساد، والرقابة والشفافية، والاقتصاد والتوظيف، والعلوم والتطوير، والتحول الرقمي، والتعليم، والسياسات الاجتماعية، والسياسة الخارجية.
وشارك في الحفل كلٌّ من زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو، وزعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنر، ورئيس حزب السعادة تمل قره موللا أوغلو، ورئيس حزب دواء علي باباجان، ورئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، ورئيس الحزب الديمقراطي غولتكين أويصال.
وتضمن البرنامج الحكومي مواضيع عديدة كثيرة، منها بيع الطائرات الرئاسية، وعودة القصر الرئاسي لقصر تشنكايا السابق بأنقرة بدلا من القصر المستخدم حاليا من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان، فضلا عن تغييرات جذرية داخلية وخارجية.
العنوان الأول كان الحقوق والعدالة والقضاء، وتضمن مجموعة من النقاط، أهمها الانتقال للنظام البرلماني، وتعزيز صلاحيات البرلمان وسلطاته الرقابية، واستعادته الصلاحيات من رئيس الجمهورية، منها الاتفاقيات الدولية، وسحب صلاحيات حق النقض للرئيس على القوانين، وحصر صلاحياته بإعادة القوانين للنظر بها.
العنوان الأول كان الحقوق والعدالة والقضاء، وتضمن مجموعة من النقاط أهمها الانتقال للنظام البرلماني
كما تضمن العنوان إلغاء صلاحيات الرئيس في إصدار المراسيم الجمهورية، وأن فترة حكمه هي 7 سنوات، على أنه يقطع علاقته بالحزب الذي ينتمي له، وبعد انتهاء فترة حكمه لا يمارس أي عمل سياسي، وسيجري إلغاء صلاحية إصدار قانون الطوارئ من قبل الرئيس، وفي حال فرضها تنخفض مدتها من 6 أشهر إلى شهرين فقط.
المعارضة تعد بإلغاء تعدد نقابات المحامين، وستعيد هيكلة هيئة التلفزيون الرسمي TRT ووكالة "الأناضول" الرسمية لتكون "حيادية"، وستخفض العتبة البرلمانية إلى 3%، وتنهي حالات الضرر من مراسيم الطرد من الوظائف العامة، إضافة لفتح الطريق أمام دعم الخزينة للأحزاب التي تحصل على أكثر من 1% من نسبة الأصوات في الانتخابات.
ومن الواضح أن هذه الإجراءات توافق ما تذهب له أحزاب المعارضة التي تشير استطلاعات الرأي إلى أن بعضها لا يمتلك سوى نسب 1% من الأصوات، كما أن البرنامج تضمن إحداث وزارات ودمج أخرى، وتحويل مقرات الرئيس لأماكن عامة.
وفي العنوان الثاني، وهو القطاع العام، سيجري إلغاء مؤسسات أقرها أردوغان وفق النظام الرئاسي الجديد، منها المؤسسات والمكاتب المرتبطة برئاسة الجمهورية وصلاحياتها ونقلها إلى الوزارات المعنية، وإلغاء صندوق الممتلكات الفردية، وإلغاء مناصب نواب الوزراء ليعود العمل على منصب المستشارين، وسيجري إنهاء حق تعيين الوكلاء القانونيين على البلديات، المطبق حاليا.
أما العنوان الثالث، وهو الرقابة ومكافحة الفساد، فيشمل تأسيس لجنة للفساد في البرلمان، وملاحقة الأموال المهربة خارج البلاد، وتشكيل مؤسسة لمتابعة إعادة الأموال، والعمل بشكل سريع لإخراج تركيا من القائمة السوداء للدول التي تشهد تبييضاً للأموال، وإصدار قانون النزاهة السياسية.
وفي العنوان الرابع، وهو الاقتصاد، ستعمل المعارضة على تعزيز النمو فوق 5%، وخفض التضخم، وتعزيز سعر العملة المحلية، ورفع الدخل الوطني للفرد خلال 5 سنوات إلى الضعفين بما يعادل الدولار، ومكافحة الفقر، وتعزيز التجارة الخارجية، لتصل إلى 600 مليار دولار، ونقل مقر المصرف المركزي إلى أنقرة، وعدم التدخل بقراراته.
كما اتفقت المعارضة على تقليل الطائرات المخصصة لرئيس الجمهورية، وإيقاف مشروع قناة إسطنبول المائية، وتخصيص مواردها إلى المشاريع الزراعية المختلفة، وتعزيز توفير فرص العمل للشباب والنساء.
وتحتج المعارضة، منذ سنوات، على مشروع قناة إسطنبول المائية التي توازي مضيق البوسفور، رابطة بين البحر المتوسط وبحر إيجة، وتهدد الشركات التي تتعهد فيها بالملاحقة وعدم دفع مستحقاتها في حال تولي المعارضة الحكم في البلاد.
وضم العنوان الخامس مسائل التكنولوجيا والتحول الرقمي، والعنوان السادس السياسات القطاعية، ومنها الزراعية والصناعة والفنون، وكذلك الصناعات الدفاعية التي جاء فيها تعزيز شركات القطاع العام لتكون ذات مواصفات عالمية؛ وهي شركات "أسيل سان" و"توساش" وغيرها، وإلغاء خصخصة شركة إنتاج عجلات وسلاسل الدبابات في ولاية سكاريا، وإكمال المشاريع المستمرة.
وتحاول المعارضة طمأنة الشارع بأنها ملتزمة بالصناعات الدفاعية التي تعتبر الحكومة أنها ستتعرض للتوقف في حال تغير الحكم، فيما لم يتطرق البرنامج الحكومي لمسألة الشركات الدفاعية الخاصة، مثل شركة "بايكار" المنتجة لمسيرات "بيرقدار" الشهيرة، لا سيما بعد الجدل الذي أثير في الأيام الماضية عبر حديث أحد أعضاء الطاولة السداسية بأنه سيجري التدخل بالشركة، ما أثار ردات فعل حكومية عنيفة.
كما تعهّدت المعارضة في برنامجها بإعادة مطار أتاتورك الدولي للطيران في إسطنبول، والذي حولته الحكومة حاليا إلى حديقة وطنية بعد افتتاح مطار إسطنبول قبل سنوات، وستباع الطائرات الرئاسية من أجل تعزيز أسطول إطفاء الحرائق، وسيُوزع الحليب والماء والطعام في المدارس، وتغيير نظام التعليم ليصبح 5 سنوات للابتدائي و4 للإعدادي و3 للثانوية، حيث يطبق حاليا نظام 4 سنوات لكل مرحلة، وسيجري إلغاء مجلس التعليم الأعلى، ومنح الجامعات الحرية الأكاديمية.
وفي السياسات الاجتماعية، تضمن العنوان السادس مسائل الصحة والمسنين والمعاقين والمرأة والشباب، والعودة إلى اتفاقية إسطنبول المتعلقة بحماية المرأة، والتي انسحبت منها الحكومة قبل أكثر من عام بحجة حماية العائلة، واعترضت المعارضة على الانسحاب بشدة.
أما العنوان الأخير، وهو السياسة الخارجية، فتضمن توافق المعارضة على شعار "السلام في البلاد والسلام في العالم"، الذي سبق وطرحه مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، حيث اتفقت المعارضة على الالتزام بالانضمام للاتحاد الأوروبي بعضوية كاملة بناء على المساواة، وحل مسألة اللاجئين مع الاتحاد، وإعادة النظر في اتفاقية إعادة القبول الموقعة في عام 2014، واتفاقية عام 2016 المتعلقة بالمهاجرين غير النظاميين.
وتعهدت المعارضة بتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وستواصل العمل مع "الناتو" والعمل بفعالية ضمن المنظمات الدولية، كاتحاد الدول الناطقة بالتركية، ومنظمة التعاون الإسلامي والبحر الأسود.
وفيما يخص الدول العربية، جاء في البرنامج توافق المعارضة على "عدم التدخل بشؤون دول الشرق الأوسط، واحترام وحدة وسيادة واستقلال هذه الدول، والتدخل يكون عبر دور محايد لحل المشاكل في هذه الدول".
والتزمت المعارضة في برنامجها بحل القضية الفلسطينية، وفق مبدأ الدولتين عبر حوار الطرفين، وستعمل تركيا على منع استبعادها من شرق المتوسط، وتقاسم الثروات بشكل عادل عبر اتفاقيات الحدود البحرية، ومواصلة الاهتمام بقضية شمال قبرص التركية، واعتبارها قضية وطنية، والحفاظ على بحر إيجة (مع اليونان) حوضاً للسلام والتعاون وحسن الجوار، وعدم الصمت إزاء أي تصعيد.
كما تسعى المعارضة لعلاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأميركية قائمة على العلاقة بين المؤسسات، وتسعى للعودة إلى برنامج تصنيع مقاتلات "إف35" التي أخرجت منها تركيا قبل سنوات بسبب شراء صواريخ "إس400"، كما تسعى لعلاقات قائمة على التوازن والتفاهم والمؤسسات مع روسيا.
وختمت المعارضة برنامجها بالحديث عن سياساتها فيما يخص اللاجئين، واعتماد المعايير الدولية في المعابر وعمليات الترحيل، وتحسين سبل الاندماج بتعليم اللغة التركية، فضلا عن السعي لإعادة السوريين تحت الحماية المؤقتة بأسرع وقت لبلادهم، بناء على القوانين الداخلية والقوانين الدولية.
وتشهد تركيا في 14 مايو/أيار المقبل انتخابات برلمانية ورئاسية، تعتبر مفترق طرق في البلاد، حيث تسعى الأطراف السياسية لحسمها عبر رص الصفوف، فيما لم تحدد المعارضة بعد مرشحها الرئاسي لمنافسة الرئيس رجب طيب أردوغان.