على وقع التأثيرات السلبية في الاقتصاد التركي والتذبذب بسعر صرف الليرة التركية، تكثّف المعارضة حراكها بأجندة واضحة، وهي الضغط باتجاه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة.
وترص 7 أحزاب من المعارضة التركية، وأبرزها حزب الشعب الجمهوري المعارض والحزب الجيد والأحزاب المشكلة حديثا، صفوفها، فيما انضم إليها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض. وتجري هذه الأحزاب جولات مكوكية مكثفة تهدف لمناقشة الأوضاع الاقتصادية من جهة، والعمل المشترك داخل البرلمان من أجل الدفع بالانتخابات المبكرة.
ومن المقرر أن تجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية في حزيران/يونيو من العام 2023، فيما تشدد المعارضة على أن الحكومة بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان أثبتت فشلها في إدارة أزمات البلاد وأهمها الأزمة الاقتصادية، في مقابل تشديد أردوغان وحلفائه على أن الانتخابات ستجري في موعدها.
واستهل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي قبل أيام جولات المعارضة بلقاء أجراه مع حزب السعادة، حيث حضره الرئيسان المشاركان للحزب الكردي مدحت سنجار وبيريفان بولدان، بلقائهما مع رئيس حزب السعادة تمل قره موللا أوغلو، وكان محور اللقاء الانتخابات المبكرة والوضع الاقتصادي.
وقالت بولدان عقب اللقاء "نؤمن بأنه من المفيد أن تتقدم المعارضة بمقترح مشترك من أجل الانتخابات المبكرة، فيما أكد قره موللا أوغلو أنه "يجب العمل بشكل مكثف في البرلمان، حيث اقتربت الانتخابات بشكل كبير، ومن المفيد عقد اللقاءات مع الأحزاب المختلفة".
وفي السياق أيضاً، جرت لقاءات جمعت زعيم الحزب الديمقراطي غولتكين أويسال مع زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو، وكانت هناك تصريحات مشتركة عقب اللقاء متعلقة بموضوع الانتخابات المبكرة وضرورة إجرائها، في ظل انتقادات موجهة للحكومة والرئيس بفشل سياسته الاقتصادية.
وخلال الأسبوع المقبل، وانطلاقا من الاثنين المقبل، تبدأ حركة مكثفة من اللقاءات تجمع بداية حزب الشعوب الكردي مع حزب المستقبل، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق والمنشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم أحمد داود أوغلو.
خلال الأسبوع القادم وانطلاقا من الاثنين المقبل ستبدأ المعارضة حركة مكثفة من اللقاءات
وفي اليوم التالي يلتقي الحزب الكردي مع حزب الشعب الجمهوري الكمالي، بلقاء الرئيسين المشاركين مع زعيم الحزب كمال كلجدار أوغلو، كما يلتقي مع حزب "دواء"، الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء السابق والمنشق عن حزب العدالة والتنمية علي باباجان.
كما يشهد الأسبوع المقبل لقاءات أيضا بين الحزب الديمقراطي مع حزب المستقبل، وكذلك مع زعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنر، كما يلتقي الحزب الديمقراطي مع حزب النصر، الذي يتزعمه النائب البرلماني اليميني المتطرف أوميت أوزداغ.
وبهذا الحراك فإن أحزاب "الشعب الجمهوري"، و"الجيد"، و"المستقبل"، و"دواء"، و"الشعوب الديمقراطي"، و"السعادة"، و"الديمقراطي"، هي أكثر الأحزاب نشاطا وكثافة وتعمل من أجل توحيد المواقف باتجاه الانتخابات المبكرة.
وتعتقد المعارضة أن الأوضاع الاقتصادية الحالية أدت إلى تراجع في شعبية التحالف الجمهوري الحاكم، الذي يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية اليميني، ولهذا تضغط وتكثف الحراك باتجاه الانتخابات المبكرة أملا في تحقيق الفوز وإطاحة حكم الرئيس أردوغان.
في المقابل، فإن التحالف الجمهوري يعمل على حل المشاكل العالقة بالاقتصاد، وخاصة سعر صرف الليرة التركية غير المستقر والغلاء الفاحش، وارتفاع نسبة التضخم عبر حلول تعيد رفع شعبيته مجددا، وكسب الانتخابات مرة أخرى في العام 2023.
وفي ظل هذه المساعي تعاني المعارضة من عدم انسجام بين مكوناتها، حيث ترفض القواعد الشعبية لبعض الأحزاب من مثل حزب الشعب الجمهوري الكمالي، والحزب الجيد، وحزب السعادة، التعاون مع حزب الشعوب الديمقراطية بسبب ما يعتبرونه ارتباط الحزب الكردي بحزب العمال الكردستاني الانفصالي.
وعادة ما يتعرض كلجدار أوغلو، وميرال أكشنر زعيمة الحزب الجيد لتساؤلات شعبية وعبر الإعلام عن حقيقة التحالف فيما بينهما وبين الحزب الكردي، وهو ما يتم الجواب عنه بالنفي، إلا أن ناخبي الحزب الكردي صوتوا لمرشحي المعارضة في الانتخابات المحلية في العام 2019، وهو ما أدى لنجاح تاريخي لمرشحي المعارضة أمام مرشحي العدالة والتنمية، وخاصة في أنقرة وإسطنبول، وهو ما يضع مسألة التعاون بين المعارضة والحزب الكردي كضرورة حتمية للفوز في الانتخابات المقبلة، في ظل رفض من أنصار الأحزاب القومية والكمالية.
خطط إنقاذ اقتصادي ومشروع دستوري
وفي الوقت الذي ترفض فيه المعارضة الحديث عن خططها المستقبلية بالتفصيل جراء هذا الحراك، تفيد مصادر مطلعة في المعارضة لـ"العربي الجديد" أن "الأخيرة تعمل على وضع خطط إنقاذ اقتصادي ومشروع دستوري يعود بالبلاد للنظام البرلماني، تحاول الدفع به وتسويقه شعبيا من جهة، ومحاولة إقناع نواب في البرلمان بهذه الخطة من جهة أخرى، في حال طرح مشروع مشترك للذهاب إلى الانتخابات المبكرة في البلاد، والحصول على تأييد أكبر عدد من النواب".
ولا تستطيع المعارضة بالوضع الحالي في البرلمان الذهاب إلى الانتخابات المبكرة لافتقادها الأغلبية الكافية، حيث تتطلب موافقة 360 نائبا في البرلمان على الأقل من أصل 583 نائبا في البرلمان حاليا (دستوريا يجب أن يكون عدد نواب البرلمان 600 ولكن وفاة أعضاء واستقالة آخرين خفض العدد).
وتمتلك المعارضة أقل من 250 نائبا في البرلمان بالوقت الحالي، فيما الطريقة الأخرى للذهاب للانتخابات المبكرة هي عبر دعوة من الرئيس أردوغان الذي شدد أكثر من مرة على أنه لا انتخابات مبكرة في تركيا حاليا.