- إيران نفذت هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على مقرات المعارضة في كردستان العراق، في سياق اتفاقية أمنية مع بغداد لإنهاء وجود معسكرات المعارضة على الحدود.
- هناك تكتم حول تفاصيل إعادة توطين المعارضين وعوائلهم، مع تأكيدات على أن 70% من المقرات تم تفكيكها ونقل المعارضين بتنسيق بين بغداد، أربيل، وطهران لتجنب تصعيد التوترات.
في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، نقل بغداد جميع "مسلحي الجماعات الإيرانية الكردية المعارضة" من مواقعهم في السليمانية وأربيل إلى مناطق بعيدة عن الحدود مع إيران. كما أشار إلى أن قوات حرس الحدود العراقية والبشمركة سيطرت على مواقع مسلحي المعارضة الإيرانية، وأن السلطات العراقية تنقل "المسلحين" إلى مخيمات خاصة بعيدة عن الحدود. لكن كل الأطراف تكتمت عن الأماكن الجديدة للمعارضين الإيرانيين وعوائلهم ونشاطاتهم التي يُشار إلى أنها "إعلامية" أكثر من كونها مسلحة، وفقاً لمراقبين.
استهداف المعارضة الإيرانية
وفي يوليو/ تموز الماضي، هددت إيران أنها ستهاجم إقليم كردستان شمالي العراق، بالصواريخ والأسلحة إذا "لم تفِ بغداد بالتزاماتها بشأن الجماعات المسلحة". وبالفعل، شنَّ الحرس الثوري الإيراني في سبتمبر/ أيلول الماضي، هجوماً بأكثر من 70 صاروخ أرض - جو والعشرات من الطائرات المسيّرة المفخخة على كردستان العراق، استهدف مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومدرسة للاجئين الإيرانيين ومخيمات اللاجئين في قضاء كويسنجق بمحافظة أربيل، ومقرات جناحي حزب كوملة الكردستاني في منطقة زركويز بمحافظة السليمانية، ومقرات حزب الحرية الكردستاني الإيراني في جنوب أربيل.
مع العلم أن بغداد وطهران، وقّعتا في 30 أغسطس/آب الماضي اتفاقية أمنية تقضي بإنهاء معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان على الحدود مع إيران، كما تقضي بإيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل البلدات الحدودية العراقية، مقابل قيام بغداد بتفكيك تجمعات المعارضة وإبعادها عن الحدود مع إيران، وتسليمها المطلوبين منهم.
مصادر: 70 في المائة من المقرات تم تفكيكها، ونقل من فيها إلى مناطق بين السليمانية ومحافظة ديالى، وأخرى بين أربيل وكركوك
وعلى الرغم من إعلان نجاح الاتفاقية، عقب نقل المعارضة الإيرانية، لكن لم يتضح إلى أين ارتحلت هذه المجموعات من المعارضين، وعوائلهم، ومكاتبهم السياسية والإعلامية. وفي هذا السياق، أفادت مصادر سياسية من أربيل، بأن هذا الملف يحظى بتكتم كبير، ضمن تفاهم بين بغداد وأربيل من جهة، وطهران من جهة أخرى، على إبعاد الملف عن الإعلام. وأكدت لـ"العربي الجديد" أن غالبية جماعات المعارضة الإيرانية أخلت مواقعها فعلاً، لكن هناك أجنحة مسلحة رفضت ذلك، خصوصاً الحركات القومية منها، مثل حزبي كومله وحدك، واختارت أن تنتقل إلى مواقع خاصة بها ضمن الحدود على أن تلقي سلاحها أو تقبل نقلها مثل الجماعات الأخرى إلى مواقع تحددها بغداد وأربيل سلفاً لها.
وشددت المصادر على أن 70 في المائة من المقرات تم تفكيكها فعلاً، ونقل من فيها من عائلات ومدنيين يتبعون مسلحي المعارضة الكردية إلى مناطق أخرى تقع بين السليمانية ومحافظة ديالى من جهة إقليم كردستان، وأخرى بين أربيل وكركوك، لكن بشكل بعيد عن كونها تجمّعات أو معسكرات، بل تم تفريق كثير منهم ضمن خريطة توزيع أمنية.
ملف حساس
من جهته، أشار غياث السورجي، عضو حزب الاتحاد الوطني الذي يتزعمه بافل الطالباني، إلى أن "طهران تتهم جماعات المعارضة الكردية الإيرانية في العراق بأنها تسبّبت بتفجر التظاهرات الأخيرة في إيران، وتحديداً بعد مقتل المواطنة الكردية الإيرانية مهسا أميني (سبتمبر/ أيلول 2022)، وتعتقد إيران أن المعارضة في كردستان دفعت الوضع إلى التأزم في مناطق إيران".
وأكمل السورجي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المعارضين الإيرانيين في الإقليم تحت حماية الأمم المتحدة، وهناك نحو 4 آلاف عائلة إيرانية من الجماعات الكردية المعارضة في الإقليم، وأغلبها انتشر في مناطق متفرقة وفي القرى والأرياف البعيدة عن الحدود، لأننا بصراحة لم نرَ ولم نسمع أي شيء عن المخيمات والمجمّعات السكنية التي جرى الحديث عنها خلال الأشهر الماضية".
يزيدي: هناك تفاصيل لن يُعلن عنها كاملة، لأن إيران تحتاج إلى أي ذريعة من أجل قصف أربيل
سورت يزيدي، وهو عضو بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق، والذي يتزعمه مسعود البارزاني، وصف ملف الجماعات الكردية الإيرانية، بأنه "أمني وحساس". وأكد لـ"العربي الجديد" أن هناك تفاصيل لن يُعلن عنها كاملة، لأن إيران تحتاج إلى أي ذريعة من أجل قصف أربيل للتخفيف عن وضعها الداخلي، كما أن أربيل لا تريد خسارة أمنها جراء إعطاء معلومات إضافية للإيرانيين. وأوضح أن 4 ألوية من حرس الحدود من الإقليم انتشرت على الشريط الحدودية مع إيران، ابتداءً من خانقين وصولاً إلى حاج عمران، وانسحب المعارضون الذين كانوا يتمركزون في مناطق الحدود إلى مناطق بحركة وكويسنجق وبنجوين، كما أغلقت بعض المقرات للمعارضة الإيرانية على الحدود.
من جهته، لفت الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية جبار ياور إلى أن "الحدود المباشرة مع إيران لم تكن تحتوي على عوائل المعارضة الإيرانية، بل مسلحين، ويقدر عددهم بألفي مسلح. وأكد لـ"العربي الجديد" أن "المعارضة الإيرانية في الإقليم كانت تقوم بعمليات عسكرية على المناطق الحدودية لاستهداف القوات الإيرانية ونصب الكمائن، كما لها دور في التظاهرات التي اندلعت في إيران، إضافة إلى أن إيران تتهمها بأنها كانت تهرّب الأسلحة عبر طرق غير شرعية إلى الداخل الإيراني وقتل الشرطة". وتحدث عن معلومات بشأن تسليم أغلب هؤلاء المسلحين سلاحهم، ونزولهم إلى داخل المدن في الإقليم وإخلائهم الشريط الحدودي.
وتُعتبر الاتفاقية العراقية الإيرانية الأمنية، الأولى من نوعها التي تخص المعارضة الإيرانية في إقليم كردستان، إذ لم تصل القوات العراقية النظامية إلى الحدود الشمالية الشرقية مع إيران من جهة إقليم كردستان العراق منذ عام 1991، لكنها عقب الاتفاقية وصلت وحققت انتشاراً واسعاً فيها، وتحديداً قوات حرس الحدود والجيش العراقي، إلى جانب ضباط من جهاز المخابرات والأمن الوطني، ونصبت ما لا يقل عن 30 ثكنة عسكرية مع أسلحة متوسطة وثقيلة ودروع، بمشاركة قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان.
وتنشط القوى والأحزاب المعارضة للحكم في إيران، في مناطق وبلدات الشريط العراقي الإيراني الحدودي، وهي مناطق ذات تضاريس صعبة، أبرزها مناطق جبال وقرى جومان، وسيدكان، وسوران، وسيد صادق، وخليفان، وبالكايتي، وقنديل، وكويسنجق، وحلبجة، ورانيا ضمن إقليم كردستان، شمالي أربيل وشرقي السليمانية. وأبرز هذه القوى أحزاب حدك وكوملة وبيجاك، إضافة إلى منظمة خبات.