كشفت مصادر دبلوماسية مغربية، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري سيجري، مساء الأربعاء، مباحثات في الرباط مع مسؤولين مغاربة، على رأسهم وزير الخارجية ناصر بوريطة.
وأوضحت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن المباحثات ستنصب على تطورات الملف الليبي وما يعرفه من تحركات دولية في الآونة الأخيرة، وكذا مسار المصادقة على التفاهمات التي تم التوصل إليها في الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة في مستهل الشهر الجاري، بشأن معايير تولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي.
من جهتها، كشفت مصادر دبلوماسية ليبية لـ "العربي الجديد" أن رئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، سيزور العاصمة المغربية الأسبوع القادم، في وقت كانت تراهن الدبلوماسية المغربية، منذ أشهر، على عقد لقاء بين الرجلين من أجل تحقيق تقدم في مسار حل الأزمة الليبية.
وتأتي زيارة المشري بعد أسبوعين من نجاح الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة في الوصول إلى تفاهمات بخصوص معايير تولي المناصب السيادية السبعة.
وكان تفعيل المفاوضات بين الأطراف الليبية مرة جديدة، من بوابة المغرب كما حصل عام 2015، قد فتح الباب أمام تحقيق تقدم نحو حل أزمة مستمرة منذ 9 سنوات، حيث شكلت جلسات الحوار بالمغرب، في رأي الفرقاء الليبيين أنفسهم، رصيداً يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي. وأفلح الحراك الدبلوماسي المغربي، على امتداد الأشهر الماضية، بإطلاق مسار بوزنيقة في 6 سبتمبر/ أيلول الماضي، وجمع أطراف الأزمة الليبية بعد فترة طويلة من عرقلة العملية السياسية.
وسمح دعم الرباط للحوار الليبي ـ الليبي، كمسار منطقي لتحقيق تقدم للخروج بتسوية نهائية للأزمة، بالتوصل إلى خريطة طريق بشأن كيفية تقاسم السلطة وتحديد معايير تولي المناصب السيادية في أفق إنهاء الانقسام المؤسساتي.
وإذا كان كثيرون يعتبرون ما حصل في مدينة بوزنيقة استنساخاً لتجربة الصخيرات، التي عرفت ميلاد الاتفاق السياسي في عام 2015 برعاية أممية، فإن نجاح الحوار الليبي الجديد في المغرب لم يكن بمحض الصدفة، وإنما كانت وراءه أسباب عدة ساعدت في ذلك. ومن أبرزها تبنّي الرباط منطق الحياد الإيجابي في الملف منذ بدايته، بتأكيدها الانفتاح على الأطراف الليبية كافة والاستماع إليها، وهو ما ساهم في نشر الثقة ليس فقط لدى المتفاوضين، بل حتى لدى المجتمع الدولي.
ويبقى أيضاً من أبرز مقومات نجاح الحوار الليبي بالمغرب حرصه على الحفاظ على مكتسبات الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، لكن مع تطويره في مخرجات مسار بوزنيقة. وراهن أيضاً على المؤسسات الشرعية في ليبيا وهي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، باعتبارهما "نواتين أساسيتين" لأي حل في ليبيا انطلاقاً من شرعيتهما وروح المسؤولية التي تميزهما، بحسب وزير الخارجية المغربي.
وكان بوريطة قد باشر، في فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين، مباحثات رسمية وأخرى عبر الهاتف، مع طرفي النزاع الرئيسيين في ليبيا: حكومة الوفاق ومعسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وشكل الحراك الليبي الذي عرفته العاصمة المغربية، في 26 و27 يوليو/ تموز الماضي، نقطة انطلاق لمسار بوزنيقة، بعدما استقبل رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) الحبيب المالكي رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، الذي قاد وفداً رفيع المستوى يتقدمه وزير خارجية حكومة شرق ليبيا غير المعترف بها دولياً عبد الهادي الحويج. في المقابل استقبل رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية) عبد الحكيم بنشماش رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري برفقة وفد رفيع المستوى.