إذا ما صحت التوقعات الأميركية بشأن اجتياح روسيا لأوكرانيا هذا الأسبوع، فإن المستشار الألماني أولاف شولتز آخر من يعوّل عليه لمنع الحرب في شرق أوروبا. وأمام ذلك تفيد المعلومات بأن المستشار استعد للاجتماع المقرر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غداً الثلاثاء، بعد أن ينهي اليوم الإثنين زيارة إلى أوكرانيا، في محادثات يمكن أن تكون الأكثر حساسية، وربما الأكثر أهمية في فترة ولايته، سيما وأنه من غير المعروف ما إذا كان بالفعل لديه أي تأثير على قرار زعيم الكرملين.
وفي السياق، أبرزت صحيفة "بيلد" أن شولتز تبادل وجهات النظر مع المستشارة أنجيلا ميركل، التي تعرف بوتين جيداً، أكثر من أي رئيس دولة غربي آخر، وسبق أن التقته عدة مرات في الأوقات الصعبة.
كما أن المستشار الألماني تشاور مع العديد من الخبراء في الشؤون الروسية في المستشارية، بعد أن أصبحت العلاقات بين ألمانيا وروسيا أكثر توتراً مما كانت عليه منذ عقود، بسبب عدد كبير من النزاعات.
وفي خضم ذلك، شددت ألمانيا التي تُتهم بالتساهل كثيراً حيال روسيا، لهجتها، أمس الأحد. وقال الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية: "نحن وسط خطر اندلاع صراع عسكري، حرب في أوروبا الشرقية، وروسيا هي التي تتحمل المسؤولية".
العامل الحاسم
من جهة ثانية، وعلى وقع التحليلات التي تفيد بأن روسيا لن ترتدع رغم التهديد بالعقوبات، قال الخبير في الشؤون الاستخباراتية، وفي الحزب المسيحي الديمقراطي، ورئيس لجنة مراقبة الخدمة السرية في البوندستاغ (البرلمان)، رودريش كيزيفاتر في حوار مع صحيفة هاندلسبلات، إن "هجوماً روسياً كبيراً على أوكرانيا يمكن تصوره هذا الشهر".
وأضاف كيزيفاتر أنه "من وجهة النظر العسكرية والاستراتيجية، فإن لدى روسيا نافذة زمنية حتى 20 فبراير، موعد انتهاء المناورات مع بيلاروسيا، وبعد ذلك يمكن لروسيا التدخل عسكرياً في أوكرانيا لاحتلال أجزاء معينة يعتقد بوتين أنها مهمة من الناحية الجيو استراتيجية، مثل منطقة ماريوبول".
ولهذا السبب من المناسب للولايات المتحدة والدول الأوروبية استخدام جميع الإجراءات الاحترازية، وإذا لزم الأمر وضع قواتهما المسلحة في حالة تأهب قصوى، وبحسب كيزيفاتر، فإن العامل الحاسم الآن هو ما إذا كان يمكن منع التصعيد من خلال "الردع الموثوق به" و"الدبلوماسية الذكية".
من جهته، اعتبر الباحث السياسي والمحاضر في جامعة البوندسفير كارلو ماسالا خلال تصريحات لصحيفة "بيلد أم زونتاج" الألمانية الأسبوعية، أن "هناك بوادر أولية على أن حلف الأطلسي يفكر في تعليق قبول أوكرانيا الانضمام إلى الناتو، وهو المطلب المركزي لروسيا، والعمل لعقد مؤتمر أمني أوروبي".
وفي الوقت نفسه، كرر السفير الأوكراني لدى ألمانيا أندريه ميلينك طلب حكومته الحصول على أسلحة ثقيلة من برلين، وأشار في حوار مع صحيفة بيلد، مساء الأحد، إلى أن أوكرانيا "بحاجة لـ12 ألف صاروخ مضاد للدبابات وألف صاروخ مضاد للطائرات للدفاع عن أنفسنا ضد الهجوم الروسي".
ولفت ميلينك إلى أن الوضع في أوكرانيا "مأساوي، وهناك شعور بأن الحرب أصبحت أكثر فأكثر حتمية، والحكومة الأوكرانية تستعد للأسوأ، وهو احتمال قصف العاصمة كييف خلال الأيام المقبلة".
في المقابل، ومع رفض ألمانيا تزويد أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة، قالت المتحدثة باسم السياسة الدفاعية لكتلة الحزب الليبرالي الحر ماري أغنس شتراك تسيمرمان إنه يجب "تسليم المركبات المدرعة لإنقاذ الجرحى واللوجستيات، مشددة في حديث مع شبكة "دويتشلاند فونك"، على أنها تعارض بشدة تسليم الأسلحة الثقيلة لكييف.
آمال كبيرة
ويسود توجّس لدى القيمين على العديد من القطاعات الاقتصادية والصناعية في ألمانيا تزامناً مع زيارة شولتز، سيما وأن الاقتصاد الألماني يعلق آمالا كبيرة على نتائج محادثات شولتز وبوتين بشأن منع الحرب وحل الأزمة.
وفي الإطار، أعلن رئيس غرفة التجارة الألمانية الروسية في الخارج راينر سيلي أنه "يجب التأكيد على حل النزاع بشكل سلمي وبوسائل دبلوماسية"، محذرا من قطع الاتصالات وتجميد المشاريع، ومشيراً إلى أن المطلوب تكثيف الاتصالات لتقليل التوترات، سيما وأنه وعلى الرغم من العقوبات والقيود التي فرضها وباء كورونا، فإن الشركات الألمانية أعلنت عن استثمار بحوالي 7,6 مليارات يورو في روسيا خلال الخمس سنوات الأخيرة.
وفي سياق متصل، تشير التقارير إلى أن الحرب ستكون بمثابة صدمة للاقتصاد العالمي، لأن روسيا ستكون غائبة جزئيا، على الأقل كمورد للنفط والغاز، وبعض المواد الأساسية أهمها الطحين وغيرها ستصبح أكثر تكلفة لكون أوكرانيا وروسيا تغطيان أكثر من ربع التجارة العالمية.