المخيم من الداخل

21 مايو 2017
أوقات للفرح (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -

في المخيمات، ليس كل شيء مأساوياً، فالنماذج التي خرّجها المخيم رغم الفقر والجوع والقلق والتهجير، كانت حاضرة في المجتمع الفلسطيني والعربي والدولي. أبناء المخيمات كأبناء المدن، وتجار المخيمات كتجار المدن، لا فرق بينهم، في الاندماج السريع، وتطوير الذات.

منذ نكبة فلسطين، أضحت المخيمات عنواناً للثورة، وعنواناً للنجاح أيضاً، فالفقر فيها لم يمنع أبناءها من تطوير ذواتهم، بل والوصول إلى العالمية في إنجازات متعددة، منها العلمي ومنها التربوي ومنها التجاري وفي سياقات الحياة اليومية.

المخيم ليس بائساً دائماً، بل يضج بالحياة على مدار الساعة، كُثر يتمسكون به ويرفضون الخروج منه رغم الضيق الشديد في شوارعه، ورغم البنية التحتية المهترئة تحته، وكثر هم من طوروا حياتهم في المخيم ليستفيدوا من الاكتظاظ في توسيع تجارتهم، وتنمية أعمالهم.


مساحة للعب في الزقاق (عبد الحكيم أبورياش/العربي الجديد) 

في المخيمات، عيادات أطباء من أبنائها، ومهندسون ومحامون ومكاتب تجارية وعمارات سكنية باتت تُغير جزئياً شكل المخيم لا مضمونه. في أوروبا مثلاً، حيث لجأ الأطباء الفلسطينيون، معظمهم من أبناء المخيمات، تجدهم قد حصلوا على مزيد من الشهادات والمزيد من الأوسمة والدرجات الرفيعة، واجتازوا رغم كل العوائق أصعب الاختبارات للوصول إلى القمة.

المخيّم ليس يائساً دائماً (عبد الحكيم أبورياش/العربي الجديد)

تبدأ الحياة في المخيم مع طلوع الفجر ولا تنتهي إلا بانتصاف الليل أو بعده، الأسواق تكتظ أكثر من أسواق المدن، ربما لأنها رخيصة مقارنة بتلك الفارهة في المدن والمناطق الأرقى، والشوارع المليئة بالعثرات لا تتوقف فيها حركة السيارات، الفارهة والقديمة، وعربات تجرها الدواب.

تدبّ الحياة مع الفجر (عبد الحكيم أبورياش/العربي الجديد)

لم تؤثر الإجراءات الإسرائيلية كثيراً في المخيمات، على قسوتها، كان عامل تأثيرها مؤقتاً أو ضعيفاً، لكن الانقسام السياسي والخلاف بين حركتي "حماس" و"فتح" هو الذي ضرب عصب المخيم وأدى لتفرق جمع سكانه في الداخل والخارج.

الصغار يكبرون باكراً (عبد الحكيم أبورياش/العربي الجديد)

لم يعد ساكنو المخيمات اليوم كما كانوا في السابق، يتفاعلون مع قضايا الوطن إلا بمنظور أقرب للحزبية، وهو منظور لم يكن موجوداً في يوم من الأيام. المخيمات ليست وردية، لكنها ليست بائسة، وليست مغلقة على نفسها، رغم كل محاولات إسرائيل.

المساهمون