مع استمرار التصعيد في القدس المحتلة، وتسجيل عدد من الإصابات بين الفلسطينيين خلال اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال الإسرائيلية، ليل السبت إلى الأحد، وسط إدانات عربية ودولية لانتهاكات الاحتلال، طلب النائب العام الإسرائيلي من المحكمة العليا تأجيل جلسة يوم غد الاثنين، بشأن عمليات الإخلاء من حي الشيخ جراح، فيما رفض رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الضغوط الرامية إلى منع سلطات بلاده من البناء في القدس.
وألغت المحكمة العليا الإسرائيلية جلسة غد الاثنين بشأن عمليات الإخلاء من حي الشيخ جراح، مشيرةً إلى أن موعداً جديداً سيكون خلال 30 يوماً.
وحددت محكمة الاحتلال العليا يوم غد الاثنين موعداً لبدء الاستماع إلى الفلسطينيين ومستوطنين إسرائيليين، بشأن قرار المحكمة المركزية الإسرائيلية طرد 4 عائلات فلسطينية من منازلها في الشيخ جراح لصالح مستوطنين.
مستوطنون يدعون لاقتحام جماعي
ويأتي قرار محكمة الاحتلال تزامناً مع دعوات المستوطنين الإسرائيليين لاقتحام جماعي، غداً الاثنين، للبلدة القديمة من القدس والمسجد الأقصى، وذلك في ذكرى ما يسمى "ضم القدس"، وسط تحذيرات فلسطينية من خطورة هذا التصعيد، الذي يتزامن مع أحداث دموية شهدتها القدس وأحياؤها والمسجد الأقصى خلال الأيام الماضية.
وفي تعقيبه على قرار المحكمة، قال محمد الكرد، وهو أحد أهالي حي الشيخ جراح، في تصريح صحافي للإعلاميين، "في خطوة متوقعة من سلطات الاحتلال ومسلسلها في المماطلة، تم إلغاء الجلسة القضائية الخاصة بالشيخ جراح غداً، وتجميد التهجير إلى أن يبت فيه المستشار القانوني لحكومة الاحتلال، وقامت القاضية بطلب عقد جلسة خلال الثلاثين يوماً القادمة".
وأضاف الكرد "كانت عبقرية النكبة في إمداد إجراءاتها لعقود طويلة وتحت ستارة القوانين العنصرية"، مشدداً على أن "حراك الشيخ جراح هو حراك شعبي وعالمي ضد التهجير والاستعمار في القدس وفلسطين كافة، ويجب علينا إعلاء الصوت، وتكثيف الجهود بالوجود والتضامن في الميدان في حي الشيخ جراح، وتكثيف صوتنا على منصات التواصل الاجتماعي، لأن عنف الاحتلال الاستعماري سائد التفشي في مدننا ولم يجمد".
ومنذ أيام، يشهد حي الشيخ جراح في القدس المحتلة مواجهات بين قوات الاحتلال وسكانه الفلسطينيين ومتضامنين معهم. وسط إدانة عربية ودولية واسعة.
ويرفض الفلسطينيون قرارات الاحتلال بإخلاء عائلات فلسطينية منازل شيدتها عام 1956، التي تزعم جمعيات استيطانية أنها أقيمت على أرض كانت مملوكة ليهود قبل 1948.
ومنذ عام 1956، تعيش عشرات العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس، الذي وصلت إليه بعد نكبة عام 1948.
وأقامت تلك العائلات في الحي بالاتفاق مع الحكومة الأردنية (التي حكمت الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس، قبل احتلالها عام 1967) ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وحتى مساء الجمعة، تلقت 12 عائلة فلسطينية بالحي قرارات بالإخلاء، صدرت عن محكمتي الصلح و"المركزية" الإسرائيليتين.
وأسفرت الاعتداءات الإسرائيلية على المصلين في الأقصى وفي الشيخ جراح وباب العامود، مساء الجمعة، عن إصابة 205 أشخاص، وكانت "معظم الإصابات في الوجه والعين والصدر بالرصاص المطاطي"، بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني.
محكمة الاحتلال تجمد أوامر الإخلاء
من جانبها، أفادت هيئة الدفاع عن حي الشيخ جراح في القدس -المحاميان حسني أبو حسين وسامي ارشيد- في بيان صحافي مساء اليوم، بأن المحكمة العليا للاحتلال أصدرت قراراً بإلغاء جلسة المحكمة التي كان من المقرر عقدها يوم غد الاثنين، وذلك بناء على طلب المستشار القضائي للحكومة.
وجاء في البيان، "لقد تقدمنا باسم أهالي الشيخ جراح بطلب إلى المحكمة العليا لاستدعاء المستشار القضائي لحضور المحكمة، وتقديم موقفه بخصوص ادعاءات أهالي الشيخ جراح على أن تسجيل أرض الحي باسم الجمعيات الاستطانية كان غير قانوني ويجب إلغاؤه".
وتابع: "لذلك طلب المستشار القضائي للحكومة من المحكمة العليا تأجيل النظر في قضية العائلات الأربع المقررة غداً، وذلك لمدة أسبوعين على الأقل، وذلك من أجل أن يتخذ قرار بشأن انضمامه كطرف بالإجراءات، كما طلب محامو العائلات من المستشار القضائي تفسير دور حكومة إسرائيل، ولماذا تقاعست عن القيام بواجباتها حسب القانون الدولي وتسجيل ملكية أرض الحي بأسماء سكان الحي حسب التزام الحكومة الأردنية صاحبة الالتزام السابق".
وأشار البيان إلى أنه مع قرار التأجيل، جمدت المحكمة أوامر الإخلاء، حيث لا يمكن تنفيذها حتى إصدار قرار.
نتنياهو يرفض الضغوط
في المقابل، رفض نتنياهو مطالب وقف الاستيطان في القدس، وقال، في تصريحات نقلتها وكالة رويترز، إن "إسرائيل ترفض بشدة الضغوط الرامية إلى منعها من البناء في القدس".
ولفت إلى أن "الضغوط التي تمارس على إسرائيل كي توقف أنشطتها الاستيطانية في القدس تتزايد في الآونة الأخيرة"، مضيفاً: "أقول أيضاً لأفضل أصدقائنا: القدس عاصمة إسرائيل، ومثل ما يبني كل شعب عاصمته ويعمرها، نحتفظ أيضاً بالحق في البناء في القدس وإعمارها. هكذا تصرفنا وهكذا سنواصل التصرف".
وتأتي تصريحات نتنياهو بعد تزايد الإدانات الدولية لعمليات إخلاء الفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح بالقدس، والتي يطالب مستوطنون إسرائيليون بملكيتها.
خطيب الأقصى: الرد عند المقدسيين
من جهته، حذّر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، اليوم الأحد، سلطات الاحتلال الإسرائيلي من المساس بحرمة المسجد الأقصى، محملاً المسؤولية لها عن أي توتر يحصل في القدس وضواحيها.
وأكد الشيخ صبري أن الرد على اعتداءات الاحتلال بحق المسجد الأقصى سيكون عند شباب مدينة القدس، كما فعلوا في الأيام الماضية.
وأشار إلى أن الاحتلال يريد إفراغ المسجد الأقصى للسماح باقتحامات اليهود المتطرفين في الثامن والعشرين من رمضان.
وسبق أن أطلق العديد من النشطاء والشخصيات المقدسية دعوات إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك والصلاة والرباط فيه، تحسباً لأي اقتحام قد يتعرض له المسجد من قوات الاحتلال، أو للتصدي لمحاولات اقتحامه من قبل المستوطنين بأعداد كبيرة يوم الاثنين الموافق 28 رمضان.