المحكمة الجنائية الدولية تحكم بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية
يمهد القرار الطريق لفتح تحقيق بارتكاب جرائم حرب من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي (Getty)
قررت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية، اليوم الجمعة، بالأغلبية، أن الاختصاص الإقليمي للمحكمة في حالة فلسطين، وهي دولة طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يمتد إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، لتمهّد بذلك الطريق أمام ادعائها لفتح تحقيق بارتكاب جرائم حرب من جانب الجيش الإسرائيلي.
كما وجدت الدائرة، بالأغلبية، أيضاً، أن الحجج المتعلقة باتفاقيات أوسلو وبنودها التي تحد من نطاق الولاية القضائية الفلسطينية، ليست ذات صلة بحل قضية الاختصاص الإقليمي للمحكمة في فلسطين.
وقالت كبيرة مدعي المحكمة، فاتو بنسودا، إنه في 2019 "كان هناك أساس معقول" لفتح تحقيق جرائم حرب في سلوك الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، إضافة إلى النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية. إلا أنها طالبت المحكمة بتحديد ما إذا كان لها اختصاص هناك قبل أن تطلق التحقيق.
نادي الأسير: خطوة مهمة لمحاسبة الاحتلال
رحب نادي الأسير الفلسطيني بقرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية. واعتبر نادي الأسير في بيان صحافي، هذا القرار خطوة مهمة تقربنا من محاسبة الاحتلال على جرائمه المستمرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني وعلى كافة الأصعدة، والمستويات. وأكد النادي أن هذا القرار فرصة مهمة لوضع قضية الأسرى والأسيرات في صدارة القضايا التي يتناولها التحقيق، "لما تعرضوا له من جرائم ممنهجة، وعلى رأسها قضية التعذيب، حيث تُشكّل أبرز القضايا التي احتلت المئات من الوثائق لدى جهات الاختصاص".
واشنطن تبدي "قلقها العميق"
أعربت الولايات المتحدة، الجمعة، عن "قلقها العميق" حيال قرار المحكمة الجنائية الدولية، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إن الإدارة "تنظر في قرار المحكمة الجنائية الدولية"، معرباً عن شعور الإدارة "بقلق جدّي" لجهة ما يتعلق الأمر بالمواطنين الإسرائيليين، مضيفاً بأنها في الوقت ذاته "تدين الأعمال الإرهابية".
وقال برايس للصحافيين في هذا السياق "نحن قلقون بشدة لمحاولات المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها على العسكريين الإسرائيليين. لقد تبنينا دائما موقفا مفاده أن اختصاص المحكمة يجب أن يشمل حصرا البلدان التي تقبله أو (القضايا) التي يحيلها مجلس الأمن الدولي" إلى المحكمة.
وفي رده على سؤال فيما إذا كانت إدارة جو بايدن سترد بفرض "عقوبات" كان الرئيس السابق ترامب قد هدد بها لو جاءت المحكمة بقرار من هذا النوع، قال "إننا ننظر عن كثب" في موضوع صلاحية المحكمة. وكأنه يستبعد هذا الخيار، خاصة وأن بايدن يقوم بانقلاب كامل على سياسات وتوجهات سلفه، إلا إذا تعرض البيت الأبيض لضغوط من مجلس الشيوخ الذي صوت مساء أمس بشبه إجماع على ترك السفارة الأميركية في القدس بالرغم من أن نقلها غير وارد أصلاً في حسابات الإدارة الجديدة.
اشتية: الحكومة الفلسطينية تواصل توثيق الجرائم
أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، من جانبه، أن القرار "انتصار للعدالة وللإنسانية، وقيم الحق والعدل والحرية، وإنصاف لدماء الضحايا ولذويهم الذين يكابدون ألم فراقهم، وكان آخرهم الشهيد خالد نوفل من قرية راس كركر غرب رام الله، الذي قتل بدم بارد برصاص المستوطنين".
ومضى اشتية إلى القول إن القرار "رسالة لمرتكبي الجرائم أن جرائمهم لن تسقط بالتقادم، وأنهم لن يفلتوا من العقاب"، مبينًا أن الحكومة الفلسطينية تواصل توثيق الجرائم الإسرائيلية، وخاصة جرائم القتل وهدم البيوت والاستيلاء على الأراضي، والتوسع الاستيطاني لابتلاع الأراضي"، وتعهد برفعها إلى المحكمة الجنائية "في أقرب وقت". وطالب المحكمة كذلك بتسريع إجراءاتها القضائية في الملفات المرفوعة أمامها، والتي تتضمن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل خلال ثلاثة حروب شنتها على قطاع غزة، إضافة إلى ملفي الأسرى والاستيطان.
حركة فتح: جرائم الاحتلال لن تسقط بالتقادم
بدورها، رحبت حركة "فتح" في بيان لها بقرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، الذي أكدت فيه أن الاختصاص الإقليمي يشمل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة.
وأكدت حركة "فتح" أن "القرار ما كان ليأتي لولا صمود الشعب الفلسطيني البطولي وإصرار قيادته على الوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، مشددة على أن الأوان آن لأن يدفع مجرمو الحرب الإسرائيليون ثمن جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، وأن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم مهما طال الزمن أو قصر".
الشيخ: انتصار للحق والعدالة
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، في تغريدة له على موقع "تويتر"، "إن قرار المحكمة الجنائية الدولية "انتصار للحق والعدالة والحرية وللقيم الأخلاقية في العالم".
المالكي: برهان على استقلالية المحكمة
من جانبه، رحب وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، في بيان صحافي، بالقرار، واعتبر أنه يبرهن على استقلالية المحكمة ونزاهتها في ظل حملة التشويه التي أدارتها إسرائيل. وشدد المالكي على أن هذا القرار، الذي وصفه بـ"الانتصار القانوني"، سيتيح للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فتح التحقيق الجنائي بشكل فوريٍ، وأنه ثمرة لعلاقة التعاون والتكامل التي جمعت بين المؤسسات الرسمية ومنظمات حقوق الإنسان واللجان الوطنية ضمن إطار اللجنة العليا لمتابعة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية.
ودعا وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي المدعية العامة لضرورة فتح التحقيق الجنائي في أسرع وقت ممكن، وصولاً إلى إجراءات محاكمة مسؤولي سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن سجلهم الإجرامي بحق أبناء الشعب الفلسطيني. وأكد المالكي أن دولة فلسطين ستعمل على التعاون بشكل كامل مع المدعية العامة، انطلاقاً من تمسك دولة فلسطين بالتزاماتها القانونية كدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية إيماناً منها بأهمية دور المحكمة في وضع حد للجرائم الأشد الخطورة ومحاسبة مرتكبيها، وقناعتها المطلقة أن العدالة هي مفتاح السلام.
نتنياهو ينتقد قرار المحكمة
في أول رد إسرائيلي، علق نتنياهو على القرار قائلاً: "قرار المحكمة الجنائية الدولية يضعف قدرة الدول الديمقراطية على الدفاع عن نفسها في مواجهة الإرهاب".
ويجدر بالذكر أن إسرائيل ليست عضواً بالمحكمة، وسبق لها أن أكدت أنه ليس للمحكمة اختصاص قضائي هناك.
(رويترز)