المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يعلن ميثاق مبادئ: الإسلام والعلمانية متوافقان

18 يناير 2021
(كيران ريدلي/ Getty)
+ الخط -

وافقت الاتحادات المكونة للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على إنشاء "المجلس الوطني للأئمة"، بعد أكثر من شهر من مفاوضات شاقة وخلافات كثيرة حول إعلان "ميثاق المبادئ"، والذي سيكون، ابتداء من اليوم الاثنين، مرجعاً يصدر الشهادات للأئمة ويرخص نشاطاتهم في فرنسا.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ممثلين عن المجلس، اليوم، بعدما تدخل شخصياً للضغط على ممثلي المساجد والمؤسسات الإسلامية في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لإنشاء هذا المجلس. وقال في رسالة لهم: "يجب أن نخرج من الغموض، وأن يكون لدينا التزام كبير من الاتحادات المختلفة بقيم الجمهورية"، وحثهم على التوصل إلى اتفاق.

وشهدت المداولات خلافات كثيرة، حيث انسحب عميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حفيظ من النقاشات، في 28 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسبب ضعف تمثيل الجاليات المسلمة ووجود تأثير لجهات "إسلاموية" داخل المجلس لم يسمها، ما دفع رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، محمد موسوي، لاعتبار القرار "أحادياً وغير مفهوم"، مؤكدا أن "كل شيء يسير بشكل عادي".

تلك الخلافات يبدو أنها وصلت إلى طريق تسوية، مع إعلان موسوي التوصل إلى اتفاق بشأن "ميثاق مبادئ" حول الإسلام في فرنسا، وإعادة تنظيم النشاطات الإسلامية وعمل الأئمة، وفق ما أرادت الحكومة الفرنسية في خطتها التي عرفت باسم "محاربة الانفصالية"، قبل أن يضطر ماكرون إلى تعديله إلى "ترسيخ مبادئ الجمهورية" نتيجة ردود فعل عنيفة وانتقادات هددت باندلاع أزمة دبلوماسية مع العالم الإسلامي.

إسلام متوافق مع علمانية فرنسا

بينما لم ينشر نص الميثاق بعد، إلا أن تسريبات لوسائل إعلام فرنسية قالت إن النقاط الخلافية الثلاث التي تم الاتفاق عليها تضمنت: تعريف الإسلام السياسي، ومسائل الردة في الإسلام، والمساواة بين الجنسين. وبحسب تصريحات لموسوي، فإن الميثاق يؤكد "توافق العقيدة الإسلامية مع مبادئ الجمهورية، بما في ذلك العلمانية، وربط المسلمين في فرنسا بمواطنتهم الكاملة"، و"يرفض استغلال الإسلام لأغراض سياسية وتدخل الدولة في ممارسة عبادة المسلمين".

ويؤكد نص الميثاق كذلك على "مبدأ المساواة في الكرامة الإنسانية الذي ينبع من المساواة بين الجنسين، وحرية الوجدان والدين، والتمسك بالعقل والإرادة الحرة، ورفض جميع أشكال التمييز وكراهية الآخر". وفي المقابل، يشدد على أن "الأعمال المعادية للمسلمين في فرنسا ولرموز عقيدتهم هي من عمل أقلية متطرفة لا ينبغي الخلط بينها وبين الدولة أو الشعب الفرنسي".

خطة الرئيس لإسلام "خالٍ من التأثيرات الخارجية"

إعلان تشكيل "المجلس الوطني للأئمة" يشير إلى نجاح الرئيس الفرنسي بتحقيق ثلاثة أهداف، كان قد قال إنها في صلب خطة "ترسيخ مبادئ الجمهورية"، ويأتي في مقدمتها "تحرير الإسلام في فرنسا من التأثيرات الأجنبية، وتحقيق الاستقرار في إدارة المساجد، وتدريب الأئمة في فرنسا الذين يدافعون عن إسلام يتوافق تماماً مع قيم الجمهورية".

ولمواجهة النفوذ الأجنبي داخل المؤسسات الإسلامية في فرنسا، أكد ماكرون التخلي عن نظام الأئمة المعارين، حيث كان هناك 300 منهم ينشطون في 2500 مسجد، يأتون من ثلاث دول وقعت معها الدولة الفرنسية اتفاقيات بهذا الخصوص، وهؤلاء 150 تركياً و120 جزائرياً و30 مغربياً، لكن نقطة الضعف الأبرز التي حدّت من تأثير فرنسا عليهم، كانت أن رواتبهم تدفع من بلدانهم، فضلاً عن أن أغلبهم لم يكن يتحدث الفرنسية أو يتجنب التحدث بها خلال الخطب.

ماكرون يحقق حلم ساركوزي

وكانت مسألة تنظيم هذا الملف في فرنسا في صلب اهتمام الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، إلا أن الأجواء في حينها لم تكن مهيأة، كما لم تكن هناك مبررات كافية لاتخاذ خطوة مثيرة للجدل كهذه، إلا أن الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها فرنسا منذ عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند، جعلت إعادة التفكير باتخاذ هذه الخطوة أولوية بالنسبة إلى الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.

يشار إلى أنه في عام 2003، أسس ساركوزي هيئة من أجل التوصل إلى ميثاق لتنظيم نشاط المؤسسات الإسلامية والمساجد في فرنسا، وها هو اليوم وزير الداخلية جيرالد درمانان، أحد أبرز الشخصيات السياسية المقربة من ساركوزي، يكمل المهمة بالتنسيق مع ماكرون، حيث بات يجتمع بشكل دوري مع مسؤولي الهيئة الجديدة، ممثلة برئيسها موسوي، ونائبيه شمس الدين حفيظ، وإبراهيم ألجي في مقر وزارة الداخلية.

المساهمون