المجلس الرئاسي الليبي يعلن خطة لحل الأزمة السياسية

05 يوليو 2022
رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (تويتر)
+ الخط -

أعلن المجلس الرئاسي في ليبيا، اليوم الثلاثاء، أن أعضاءه توافقوا حول إطارٍ عام لـ"خطة عمل تعالج الانسداد السياسي" في البلاد.  

ووفق مكتبه الإعلامي، أوضح المجلس الرئاسي أبرز العناصر الحاكمة لخطته، موضحاً أنها "الحفاظ على وحدة البلاد، وإنهاء شبح الحرب، وإنهاء الانقسام، وتعزيز حالة السلام القائم، وتجنّب الفوضى، والحد من التدخل الأجنبي، والدفع في اتجاه حل وطني يقدم على ما سواه". 

وأوضح المجلس أن "هذه الخطة جاءت استجابةً للمطالب المشروعة لأبناء الشعب الليبي، وتحقيقاً لتطلعاتهم للتغيير، وبعد أن أجرى المجلس عدداً من الاجتماعات بين أعضائه بالخصوص". 

وأشار المكتب إلى تكليف النائب بالمجلس عبد الله اللافي "بإجراء المشاورات العاجلة مع الأطراف السياسية، لتحقيق التوافق على تفاصيل الخطة وإطلاقها فيما بعد في شكل خريطة طريق واضحة المسارات والمعالم، تُنهي المراحل الانتقالية، عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إطار زمني محدد، وتدفع في اتجاه توافق وطني حول مشروع التغيير، الذي يعزز الثقة بين الأطراف السياسية كافةً"، وفق وصفه. 

وكشفت صحيفة "بوابة الوسط" الليبية أن إعلان المجلس الرئاسي عن خطته جاء بعد اجتماع المجلس، اليوم الثلاثاء، بـ31 حزباً سياسياً، فوّضوه "بتسلم زمام الأمور، وإصدار مراسيم سيادية تنهي المراحل الانتقالية فوراً"، وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل متزامن قبل نهاية العام، وفقاً للصحيفة. 

وخلال الأيام القليلة الماضية، التقى رئيس المجلس محمد المنفي عدداً من سفراء الدول الأجنبية لدى ليبيا، في لقاءات منفصلة، منهم السفير الأميركي ريتشارد نورلاند، والسفير الإيطالي جوزيبي بوتشينو، والسفير الألماني مِيخائيل أونماخت، لبحث التطورات الأخيرة في البلاد، لا سيما الأوضاع عقب اندلاع احتجاجات شعبية واسعة تنديداً بالوضع السياسي والمعيشي المتردي. 

كذلك تلقى المنفي اتصالات هاتفية من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس الاثنين، أكد الأخير خلاله دعم بلاده "للمجلس الرئاسي في ملف المصالحة الوطنية، وتوحيد المؤسسات، وإخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من أجل الوصول لتسوية سياسية يتفق عليها كل الليبيين"، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي. 

والسبت الماضي، أصدر 31 حزباً وكياناً سياسياً ليبياً بياناً مشتركاً، أكدوا خلاله ضرورة "احترام إرادة الشعب الليبي وتنفيذ مطالبه بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أسرع وقت"، معتبرة أن "تجاهل هذه الإرادة أو الاستهانة بها بمثابة خيانة وطنية وجريمة تاريخية لا تغتفر". 

وجاء بيان هذه الأحزاب عقب الاحتجاجات التي عمّت مدن ليبيا، إذ أكدت الأحزاب وقوفها مع جميع المواطنين بحقهم في التظاهر والاعتصام والاحتجاج السلمي المنظم والمتواصل وإعلان العصيان المدني حتى تنفيذ مطالبهم وتحقيق إرادتهم بإجراء الانتخابات واختيار سلطتهم التشريعية والتنفيذية وتحقيق المستوى الكريم من الحياة اللائقة بهم. 

وحمل البيان مجلسي النواب والدولة "المسؤولية التاريخية والقانونية كاملة عن الفشل الذي انتهينا إليه بعجزهما عن إقرار قاعدة دستورية والاتفاق على موعد محدد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية"، وفق نص البيان. 

وحث البيان "المجلس الرئاسي على تحمل المسؤولية تجاه مهامه ووفائه بتعهداته للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والنيابية استجابة لنداءات الشعب". 

وشهدت ليبيا يوم الجمعة الماضي ومطلع الأسبوع الحالي مظاهرات ووقفات احتجاجية في أغلب المدن والمناطق، طالبت المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للقضاء بإعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي الدولة والنواب، والإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن. هذا بالإضافة لمطالب تخصّ إخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، بالإضافة إلى تحسين الظروف المعيشية وحل المختنقات، لا سيما أزمة الكهرباء. 

وكان المجلس الرئاسي قد أكد متابعته للأحداث الأخيرة حال وقوعها، وأوضح أنه في حالة انعقاد مستمر ودائم، حتى تتحقق إرادة الليبيين في التغيير، وإنتاج سلطة منتخبة.

البعثة الأمنية تدعو لفتح طريق سرت مصراتة

إلى ذلك، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن قلقها البالغ من التقارير التي تفيد بإغلاق متقطع للطريق الساحلي غرب سرت عند البوابة رقم "50"(الطريق الرابط بين مدينتي سرت ومصراتة). 

وأكدت البعثة، في بيان، اليوم الثلاثاء، على ضرورة "إبقاء هذا الطريق الحيوي مفتوحاً من كلا الاتجاهين لضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع بين المدن". 

وأثنت البعثة على اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لما وصفته بجهودها الدؤوبة لحماية اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ودعت جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال استفزازية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني في البلاد. 

يذكر أن طرقات عديدة رئيسية وفرعية أغلقت مطلع هذا الأسبوع من قبل محتجين على الأوضاع السياسية والاقتصادية، أغلبهم من الشباب المطالبين بحل الأجسام السياسية الحالية والإسراع نحو الانتخابات، من بينها طريق سرت – مصراتة الذي يعد الرابط البري الرئيسي بين شرق وغرب البلاد. 

وكان الطريق قد أغلق عام 2020 بعد توقف الحرب بين مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقوات بركان الغضب، ثم أعيد افتتاحه العام الماضي بالتنسيق بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، واللجنة العسكرية المشتركة، تنفيذاً لبنود الاتفاق السياسي.

مليشيات حفتر "متورطة" بمقابر ترهونة الجماعية

من جهة أخرى، أعلنت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، المُشكلة من مجلس حقوق الإنسان الأممي، عن ارتكاب مليشيات "الكانيات"، أحد فصائل مليشيات حفتر، جرائم ضد الإنسانية متمثلة في الإبادة والسجن والتعذيب والاضطهاد والاختفاء القسري ضد سكان مدينة ترهونة منذ أن فرضوا سيطرتهم عليها حتى شهر يونيو/حزيران عام 2020. 

وأشارت البعثة الى أنها قدمت، أمس الإثنين، تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان، أوضحت فيه أن "العديد من الأفراد يتحملون مسؤولية جنائية، منهم عناصر من ذوي الرتب الدنيا في مليشيات الكاني والمليشيات المرتبطة بها". 

وكشف التقرير عن احتمال وجود "مقابر جماعية جديدة"، داعية إلى التحقيق بحثاً عن ضحايا مدفونين.

وقالت إن الجرائم المرتكبة في ترهونة "أدت إلى إيذاء عائلات بأكملها، من خلال قتل أفراد ذكور من بعض الأسر، كانوا المصدر الرئيسي للدعم الاقتصادي لها"، مذكرة بما ترتب على ذلك من "صدمة وخوف وإفقار لأفراد الأسرة المتبقين بمن فيهم الأطفال". 

ودعت البعثة إلى "إنهاء الإفلات من العقاب، من خلال وضع خطة شاملة للعدالة الانتقالية تشمل الإجراءات والآليات القضائية وغير القضائية، مثل مبادرات الملاحقات القضائية، وتيسير المبادرات الرامية إلى إحلال الحق في معرفة الحقيقة، وجبر الضرر والإصلاح المؤسسي". 

وطالبت البعثة السلطات الليبية بإنشاء محكمة في ترهونة تختص بالنظر في الجرائم الدولية، بدعم فني دولي ومساعدة الخبرات الدولية؛ والتأكد من عدم تطبيق قوانين التقادم والعفو على مثل هذه الجرائم الدولية الواقعة ضمن اختصاص هذه المحكمة. 

وشددت البعثة على ضرورة مواصلة البحث عن المفقودين وعن المقابر الجماعية المتبقية، باستخدام استنتاجاتها في هذا الصدد؛ وتحليل ومعالجة أوجه القصور في مؤسسات الدولة الليبية التي مكنت من الإفلات من العقاب وما يصاحبه من عنف أدى إلى ارتكاب الفظائع.

كما دعت البعثة ضمن تقريرها المجتمع الدولي إلى التعاون في المسائل الجنائية لملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية في ترهونة، بما في ذلك تسليم المتهمين والتعاون في هذا الصدد؛ واللجوء إلى الولاية القضائية العالمية وممارستها ضد المتهمين عند وجودهم على أراضيها. 

وكانت مليشيات الكاني تتمركز في مدينة ترهونة ( 95 كيلومتر جنوب شرق طرابلس) وتتحكم بمقدراتها، قبل أن تنضم إلى مليشيات حفتر، ويمنحها الأخير مسمى اللواء السابع، وشاركت في هجومه على العاصمة طرابلس طيلة عام ونصف العام، قبل أن تنسحب مع مليشياته الأخرى إلى الشرق الليبي إثر انكسار هجومه. 

وعثر في ترهونة على مئات القبور في شكل مقابر جماعية، ضمت جثث المئات من المعتقلين على يد مليشيات الكاني، لا تزال السلطات في طرابلس تنقب عن المزيد منها في المدينة وعلى أطرافها.

المساهمون