العراق: المالكي يدعو لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بمدة أقصاها 6 أشهر

13 يونيو 2024
المالكي خلال لقاء بالرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، واشنطن 1 نوفمبر 2013 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نوري المالكي، القيادي في التحالف الحاكم بالعراق، يدعو لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بحلول نهاية 2024 ضمن برنامج حكومة محمد شياع السوداني، مؤكدًا على ضرورة استقالة المسؤولين للمشاركة دون حل البرلمان قبل الانتخابات.
- ينتقد المالكي استغلال الموارد الحكومية في الحملات الانتخابية ويطالب بإجراء الانتخابات عبر دوائر متعددة، مخالفًا النظام السابق، ويدعو لقانون يمنع المسؤولين التنفيذيين من المشاركة دون استقالة.
- تصريحات المالكي تثير جدلًا واسعًا في ظل ذكريات مؤلمة بالتاريخ العراقي وتعقيد المشهد السياسي، مع تأكيد على أهمية تعديل قانون الانتخابات لتحقيق تمثيل أكثر عدالة وفقًا للضغوط الشعبية والسياسية.

دعا نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق، القيادي في التحالف الحاكم، إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد بحلول نهاية العام الحالي 2024، مؤكداً أنّ حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ملزمة بذلك ضمن برنامجه الانتخابي، مشدداً على ضرورة منع المسؤولين الحكوميين من المشاركة فيها إلا في حال استقالاتهم من مناصبهم.

وقال المالكي وهو زعيم ائتلاف دولة القانون الذي يمثل أحد أعمدة تحالف الإطار التنسيقي الذي شكل الحكومة في العراق، خلال لقاء تلفزيوني، مساء الأربعاء: "نحتاج إلى إجراء الانتخابات المبكرة، لكن المتعارف عليه أن الانتخابات تفرض أن يحل البرلمان نفسه، وأنا قد راجعت واستذكرت المواقع والمحطات التي مرت فوجدت أن البرلمان لا يحتاج أن يحل نفسه، بل أنه يستمر إلى ليلة الانتخابات، وعندما تتم الانتخابات يحل البرلمان أوتوماتيكياً".

وبحسب المالكي، فإنّ "العقدة التي كانت لدي هي أن الانتخابات تحتاج الى أن يحل البرلمان نفسه، وأرى أنّ النواب لا يحلون أنفسهم، وقد تيقنت لاحقاً أننا لا نحتاج إلى حل البرلمان، يستطيعون قبل أسبوع أو قبل شهر أو إلى ليلة الانتخابات أن يبقى البرلمان موجوداً، وامتيازات الأخوة وصلاحياتهم مستمرة".

وأكد دعم ائتلاف دولة القانون إجراء انتخابات مبكرة نهاية العام 2024، بـ"اعتبار أنها فقرة في البرنامج الحكومي وأن الحكومة ملزمة بتنفيذها". ودعا إلى أن "تكون الانتخابات عبر دوائر متعددة، لا كما جرت الانتخابات الأخيرة"، مطالباً بقانون يمنع المسؤولين التنفيذيين (رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والمسؤولين) من المشاركة في الانتخابات.

وتابع "قد يقول البعض أن التنفيذيين من حقهم خوض الانتخابات، لكن قانون الانتخابات منع ترشيح العراقيين بالخارج كما أن القضاة ممنوعون من المشاركة في الانتخابات إلا في حال استقالتهم، والعسكر ممنوعون من المشاركة إلا في حال استقالتهم، فالقضية ليست كما يتحدث عنها بعض الكتاب المتمنطقين بأنّ كل مواطن من حقه المشاركة"، وفقاً لقوله. وأكد أن "هناك قبولاً لإجراء الانتخابات المبكرة بنسبة 50 إلى 60%".

وأشار إلى أنّ "الانتخابات الأخيرة التي جرت كشفت ظاهرة واضحة، هي أن المشاركين فيها استأثروا بكل الأموال والإمكانات الموجودة تحت تصرفهم سواء أكانوا وزراء أم محافظين، فالانتخابات حِكمتها أنها تكشف توجهات المجتمع لكن هذه الانتخابات كانت عبارة عن انتخابات فلوس ومصالح وامتيازات وتوزيعات، ولم تكشف حقيقة عن توجهات الناس، وإنما أستطيع أن أقول إن الأموال التي جاءت بالتصويت أحدثت خللاً، وهذا الخلل إذا استمر ستنتهي حكمة الانتخابات".

وأضاف أنّ "عدداً من الدول تعمل وفق ما نطرحه أي أن التنفيذي يستقيل قبل ستة أشهر من إجراء الانتخابات، وهي مطبقة حتى في إيران ودول أخرى، وهي فكرة لا تظلم أحدا، فإذا أراد التنفيذي أن يرشح للانتخابات فيجب عليه الاستقالة حفاظاً على إرادة العملية الانتخابية، وهي ضرورية جداً إذا ما أردنا أن نحمي كرامة وحرمة العملية الانتخابية".

دعوة المالكي مخالفة للدستور

ويعد طرح المالكي بعدم حل البرلمان مخالفة واضحة لنص الدستور العراقي، إذ نصت المادة 64 منه بالفقرة "أولاً" أن يحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناء على طلب من ثلث الأعضاء، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء، فيما نصت المادة ثانياً أن يدعو رئيس الجمهورية عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية.

وفجّرت تصريحات المالكي جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات عن علاقة التصريحات وتزامنها مع ذكرى مجزرة سبايكر وذكرى سقوط الموصل بيد تنظيم داعش.

وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي، حمزة الحردان، في منشور على منصة إكس، مساء الأربعاء، إنّ "دعوة المالكي لانتخاب مبكرة نهاية العام الحالي هو طلب أشبه بالمستحيل، وهو يعي ذلك تماما"، مؤكداً أنه "من الناحية الفنية لا يمكن ذلك، ومن الناحية السياسية كذلك"، مضيفاً "لا نؤيد فكرة إجراء انتخابات بهذه الطريقة العشوائية، ولا نعتبر من هذه التصريحات إلا محاولات لتعقيد المشهد".

وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنوداً كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، وحصلت حكومة السوداني على ثقة البرلمان بموجبه في أكتوبر 2022. ويُعدّ مطلب إجراء انتخابات مبكرة من أبرز مطالب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل تحالف الإطار التنسيقي، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي (أغسطس/ آب 2022).

وشهد العراق بعد سنة 2003 خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في عام 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقل من عام)، وآخرها في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حيث اعتمدت كل الدورات الانتخابية قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة، وفق آلية سانت ليغو، باختلاف فارق القاسم الانتخابي للأصوات بين 1.7 و1.9، وهي طريقة حساب رياضية تتبع في توزيع أصوات الناخبين، تجعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد والكيانات الناشئة والصغيرة، وهو ما يدفع تلك الكيانات إلى السعي للتجمع وتشكيل تحالفات كبيرة تضمن الفوز. إلا أن الانتخابات البرلمانية المبكرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعددة، بعد ضغط كبير من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل، الذي كان يعارضه الإطار التنسيقي.

وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة، مع صيغة سانت ليغو النسبية (بفارق 1.7).