المؤتمر السنوي العاشر للمركز العربي يبحث في يومه الثاني تحديات الانتقال الديمقراطي

10 أكتوبر 2021
أعمال المؤتمر تستمر طيلة أربعة أيام (فيسبوك)
+ الخط -

تواصلت في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأحد، أعمال الدورة العاشرة للمؤتمر السنوي، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حول قضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي بعنوان "الموجة الثانية من الانتفاضات العربية: تجربتا السودان والجزائر"، عبر منصة "زووم" ومنصات المركز على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بمشاركة أكاديميين وخبراء عرب، على مدار أربعة أيام.
وناقش المؤتمر في يومه الثاني موضوع "الدولة وبناء السلام في السودان"، حيث قدم المدير المؤسس لمركز دراسات النزاع والعمل الإنساني سلطان بركات، والباحثة في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني منى هداية، ورقة عمل بعنوان: "مركزية إقليم الشرق في سلام السودان: التوترات القائمة والوقاية من تصاعد النزاع"، استعرضا فيها واقع إقليم شرق السودان الذي يمر بمرحلة حرجة، والذي تتقاطع فيه خطوط الصدع المحلية مع توترات القرن الأفريقي والأطماع الإقليمية والدولية. وتطرق الباحثان إلى تلك التصدعات وتقاطعاتها، مؤكدين أن الشرق يمثل الأولوية والمدخل الجغرافي في عملية بناء السلام السوداني، وأنّ إحلال السلام وتعزيزه في هذا الإقليم يرتبطان بعلاقة تبادلية مع أمن القرن الأفريقي واستقراره. 
وقدم الأستاذ المشارك بقسم الشؤون الدولية بجامعة قطر بهاء الدين مكاوي محمد قيلي، في المؤتمر، ورقة عمل عن مستقبل اتفاق جوبا للسلام في السودان والتحديات التي تواجهه، مستعرضا الأسباب التي أفضت إلى الحروب والنزاعات في السودان. وتطرق إلى أبرز نقاط اتفاق السلام بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة ومدى استجابة الاتفاق لمطالبها، وتأثير ذلك في الانتقال الديمقراطي بالبلاد. وقال إن الحركات المسلحة تشترك في كثير من المطالب، ومن أهمها: التنمية المتوازنة، والمشاركة الحقيقية في السلطة، والاعتراف بالتنوّع الثقافي، واحترام حقوق الإنسان، واعتبار المواطنة أساساً للحقوق ومناطاً للواجبات في السودان. وأضاف أنها ترى أن سقوط النظام العسكري أتاح فرصةً مؤاتيةً لوقف الحرب وتحقيق السلام.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري حمد عمر حاوي، فناقش تحديات الانتقال الديمقراطي في السودان في أعقاب ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، التي أطاحت نظام عمر البشير، وعرض أهم التحديات التي يمكن أن تعوق مسيرة التحول الديمقراطي، وكذا الحد الأدنى الممكن والعملي، الذي إن تمكنت الثورة من تحقيقه، يمكنها أن تمُهّد الطريق لتحول ديمقراطي متدرج. وخلص إلى أن تحقيق التحول الديمقراطي وفق شعارات الثورة وبمفاهيمها الشاملة، وخلال المدة الموصوفة، يعتبر من باب المطالب غير الواقعية، وقال إن الوقت يظل مبكراً للحكم على نجاح التجربة أو فشلها.
كما بحث المؤتمر في يومه الثاني العلاقات المدنية العسكرية في تجربتي الانتقال في الجزائر والسودان، حيث عرض الأستاذ في المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية في الجزائر محمد سي بشير جدلية الأمني/ العسكري والسياسي في تجربة الانتقال الديمقراطي في الجزائر.


وقال إن بناء الدولة الجزائرية الحديثة مثّل عامل ضغطٍ لتبنّي ثقافة سياسية حُصرت في جدلية صنعت معالم الشرعية، وهي جدلية أولوية أحد العاملين: الأمني/ العسكري أو السياسي. وأثرت تلك الجدلية، وفق تحليله، في متغير الشرعية؛ معتبراً أن الصدامات التي شهدتها الجزائر منذ عام 1954 كانت تربط على الدوام بين تلك الشرعية وأولوية الأمني/ العسكري على السياسي. وخلص سي بشير إلى التأكيد أن ثمة حاجة إلى أخد العبرة من تجربتي انتفاضة أكتوبر/ تشرين الأول 1988 وحراك 2019 الشعبي لصياغة نموذج تغيير يؤسس لتحول ديمقراطي، ويعتمد على القضاء على تلك الجدلية في إطار توافقي، وبناء نموذج اقتصادي غير ريعي.

وتحدث الباحث المستقل عادل أورابح عن المؤسسة العسكرية الجزائرية ودورها في سياق الحراك الشعبي، حيث تحتل المؤسسة العسكرية الجزائرية مكانة مركزية في قلب الدولة؛ نظراً إلى أدوارها التاريخية، بدايةً بتأسيس مصفوفة النظام السياسي، مرورًا بدورها التحديثي والتنموي في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، وصولاً إلى تسييرها فترة الحرب الأهلية في التسعينيات. وأوضح أن أحداث الحراك الشعبي عام 2019 جاءت لتؤكد هذه المكانة، والدور المفصلي الذي أدته المؤسسة العسكرية في سياق هذه الأحداث.

وقال إن كل هذه الأدوار لم تتخذ مسارًا خطيًا؛ بسبب خضوعها لسياقات متقلبة مرتبطة أساسًا بالطابع العُصبي للنظام السياسي القائم، واقتصاده الريعي، فضلاً عن عوامل أخرى. ولفت إلى أن التغييرات التي خضعت لها المؤسسة العسكرية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والرهانات العُصبية المرتبطة بذلك، أعادت، إلى حد ما، تعريف دورها في سياق الحراك الشعبي. 
وطرح الدبلوماسي والسفير السوداني السابق كرار محمد التهامي في الورقة التي بحثت في إشكالات الانتقال في السودان: نواقص الثورة ونواقض الديمقراطية، فكرة ترويض الجيش ليكون جزءًا من البناء الديمقراطي، لا يحكم ولا يكون بعيدًا عن الحكم؛ وذلك عبر تطوير نظرية التوافق وتوليفها على الواقع السياسي من خلال تأسيس "سلطة رادفة" قوامها المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني والنخب الحاكمة، لتتموضع هذه الترويكا في مساحة دستورية بالتراضي لبناء الديمقراطية بدلاً من هدمها.

المساهمون