انطلق اليوم الخميس، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اللقاء التشاوري الجنوبي-الجنوبي بالتزامن مع الاحتفال للعام الرابع على التوالي بـ"يوم التفويض الشعبي" الذي شهد في عام 2017 إصدار ما سُمي "إعلان عدن التاريخي"، فيما غابت قوى جنوبية عن اللقاء، من بينها مؤتمر حضرموت الجامع.
وأصدرت قوى جنوبية "إعلان عدن التاريخي"، عقب تظاهرة نُظمت رفضاً لإقالة محافظ عدن يومها عيدروس الزبيدي من منصبه، بياناً فوضت فيه إلى الأخير إعلان قيادة سياسية وطنية برئاسته لـ"إدارة وتمثيل الجنوب، وتتولى هذه القيادة تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق أهدافه وتطلعاته"، التي تلاها إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي بعد أسبوع.
وحضر اللقاء، المفترض أن تستمر أعماله حتى السبت المقبل، عدد من مكونات الحراك الجنوبي إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي، فضلاً عن ممثلين شعبيين وسياسيين وقادة مجتمع من محافظات ومناطق جنوبية، إضافة إلى العسكريين، أبرزهم القيادي وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي، الذي أُفرج عنه أخيراً ضمن صفقة الأسرى والمعتقلين.
وغابت قوى جنوبية أخرى عن اللقاء، من بينها مؤتمر حضرموت الجامع، الذي برر تغيبه قبل أيام بالقول إنه قبل أولاً دعوة المشاركة "انطلاقاً من إيمانه بقيمة الحوار كوسيلة حضارية للتقارب بين المتحاورين، غير أن ما أثاره إعلام المجلس الانتقالي المذاع متلفزاً من قنواته الرسمية، مستبقاً عما سيسفر عنه اللقاء التشاوري من نتائج قبل انعقاده، أدّى إلى أن يعتذر المؤتمر الجامع عن المشاركة في ذلك اللقاء التشاوري".
وألقى نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، كلمة في افتتاح أعمال اللقاء، قال فيها إن "انعقاد لقائكم هذا بالتزامن مع الذكرى السادسة لإعلان عدن التاريخي في الرابع من مايو/ أيار 2017، لهو تجسيد واضح وتأكيد قوي لالتزامنا جميعاً ما عبرت عنه الإرادة الشعبية الجنوبية في ذلك اليوم التاريخي من التفاف واسع حول مشروع استعادة الدولة".
وفيما جدد الدعوة لـ"استمرارية الحوار مع الجميع دون استثناء أحد"، أشار إلى أن "المرحلة مفصلية، وحافلة بالأحداث والمتغيرات المُهمة التي ستُرسم في ضوئها خريطة مستقبل منطقتنا". وتطرق أيضاً إلى مساعي وقف الحرب والبدء بعملية تسوية شاملة، مذكراً بـ"محورية وأهمية قضية شعب الجنوب كمرتكز للحل ومفتاح للسلام المستدام، مؤكدين، في الوقت ذاته، أن شعبنا لن يسمح بأي ترتيبات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية تمس في جوهر قضيته ومصالحه الوطنية؟".
وكان الزبيدي قد استبق اللقاء التشاوري بحوار أجرته معه قناة "عدن" التابعة للمجلس الانتقالي، تحدث فيه أمس الأربعاء عن اللقاء وطموحات المجلس من ذلك، إلى جانب حديثه عن الميثاق الوطني الجنوبي، مؤكداً ما أسماه "الاستحقاقات الجنوبية في قضيته وأرضه".
ويجري الترويج لـ"الميثاق" على أنه "الدستور الذي يقود إلى إقامة دولة الجنوب، التي يقول الانتقالي إنه يسعى مع "القوى الحية في الجنوب" لاستعادتها.
ولفت الزبيدي إلى أن اللقاء التشاوري "ستعقبه مراحل أخرى لتحقيق آمال وتطلعات شعب الجنوبي"، مشيراً إلى أن اللقاء "سيضع اللبنات الأولى لمشروع وطني لاستعادة دولة الجنوب".
وقال رئيس تحرير صحيفة "صوت العاصمة" الصحافي عادل حمران (مقرب من الانتقالي) لـ"العربي الجديد": "تعلّمنا أن الحروب والصراعات لا تولد إلا الدماء والدمار، وعرفنا بأن الوطن لن يمضي إلا بتكاتف الجميع، وأدركنا أن قرار الجنوب لن يكون بيد شخص أو منطقة دون أخرى، لن ننجح إلا حين تتكاتف جهودنا جميعاً لأجل هذا الوطن الذي قدم آلاف الشهداء أرواحهم رخيصة لأجله".
وتابع: "إننا اليوم أمام مرحلة فارقة في تاريخ القضية الجنوبية، وكلّنا أمل بأن هذه اللقاءات والجهود الوطنية والشريفة سيكتب لها النجاح، وأن كل من يناضل بصدق ويقين لأجل الجنوب لن يكون بعيداً عن هذا اللقاء التشاوري الهام، الذي يهدف إلى ترتيب جبهة الوطن الداخلية وتنظيم صفوف الجنوب".
وقال حمران إن "الرؤية اليوم لدى الانتقالي أصبحت أكثر نضجاً وجامعة أكثر من كونها عدائية، لذلك فقد ذابت الكثير من الخلافات داخل المكونات الجنوبية، بعد أن أصبح الجنوب يملك قوة على الأرض والطاولة، لذلك كان الحشد اليوم في عدن انعكاساً لذلك، حتى أولئك الذين لم يحضروا.. بات هناك كثير من التقارب في وجهات النظر، وإذا ما استمر الانتقالي في السير قدماً على هذا المنوال، فإن ما يطمح له سيتحقق لا محالة".
ورغم أن اللقاء تعرض لهجوم من بعض المحسوبين على بعض الأحزاب، مثل المؤتمر والإصلاح، إلا أن أنصار الانتقالي اعتبروا ذلك "دليلاً على نجاح اللقاء".
من جهته، قال الناشط أحمد الحارثي لـ"العربي الجديد" إن "الانتقالي مطالب أكثر بفسح المجال لكل التيارات الجنوبية للعمل وتجاوز سلبيات الماضي إذا ما أراد إذابة كل العراقيل في توحيد صف الجنوبيين دون استثناء، وبعيداً عن أي انتماءات أو تباينات"، مؤكداً أن "لقاء اليوم مهم، لكن سيكون أهم لو أن كل الجنوبيين في نفس المكان، من يمينهم إلى يسارهم، إلى المستقلين وغيرهم".