تكثف غالبية القوى المدنية العراقية الناشئة حديثاً، إضافة إلى تيارات وأحزاب مدنية وليبرالية تقليدية، أبرزها "الحزب الشيوعي العراقي"، جهودها للمشاركة بالانتخابات المحلية المقررة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، من خلال تقديم مرشحين من هذه القوى وآخرين مستقلين، فيما تُجرى اجتماعات مستمرة لرسم الشكل النهائي للتحالف في ما بينها.
وهناك أكثر من تحالف مدني في هذه الانتخابات، حيث يبرز تحالف "قوى التغيير الديمقراطية" الذي يجمع أحزاباً وكيانات شبابية نظّمت نفسها عقب انتهاء الاحتجاجات الشعبية في العراق المعروفة باسم "انتفاضة تشرين 2019"، ومن بينها "حراك البيت العراقي" و"حركة نازل آخذ حقي" و"البيت الوطني" و"حركة وعد"، إضافة إلى "التيار الاجتماعي والديمقراطي" و"الحركة المدنية" و"الحزب الشيوعي العراقي"، وكذلك نواب من "حركة وطن"، وأبرزهم النائب سجاد سالم.
ويبدو أنّ "قوى التغيير الديمقراطي" هو التحالف الأكثر شعبية بين المدنيين العراقيين، رغم الملاحظات الكثيرة على وجود "الحزب الشيوعي العراقي" ضمن مجموعة المدنيين والوطنيين، باعتباره حزباً كان قد شارك في كل الحكومات التي شُكّلت بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، التي انتهجت مبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية.
في السياق، قال سكرتير اللجنة المركزية للحزب رائد فهمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تحالف قوى التغيير والنشطاء والشباب المدنيين في القوى المدنية الجديدة، والحزب الشيوعي، جميعهم سيشاركون في الانتخابات المحلية المقبلة، وخلال الفترة الماضية عُقدت اجتماعات عديدة لرسم شكل وطريقة المشاركة، إضافة إلى التأكيد على تماسك هذا التحالف الذي نعمل عليه منذ أكثر من عام".
وأضاف فهمي أنّ "الحزب الشيوعي سيشارك في الانتخابات المحلية المقبلة، ونعتقد أن المشاركة ضرورية حالياً، بعد المقاطعة للانتخابات البرلمانية الأخيرة، لتثبيت جهود القوى المدنية والوطنية"، موضحاً أنّ "المشاركة السياسية للحزب الشيوعي في المرحلة المقبلة، إضافة إلى القوى المدنية التي أسست وشكلت من المحتجين في تظاهرات تشرين تهدف إلى منع استمرار نهج المحاصصة المقيتة، وتأسيس مرحلة سياسية جديدة تهدف إلى خدمة الناس، وليس الاستيلاء والاستحواذ على السلطة كما كان يحدث في السابق".
من جهته، أشار رئيس "حراك البيت العراقي" محي الأنصاري، إلى أنّ تكتله "يعمل على تعميق قاعدته الاجتماعية والسياسية، وخلال الفترة السابقة صرنا نعمل على ذلك في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات بشكل مكثف لخوض الانتخابات القادمة في تحالف مدني أوسع من نواة تحالف قوى التغيير بل يشمل أغلب القوى المدنية والوطنية، وسيكون التحدي الأكبر في مواجهة المال السياسي والسلاح الذي يقوض مدخلات العملية الانتخابية".
وأضاف الأنصاري، في حديثٍ مع "العربي الجديد": "نعتقد أن التجربة الأولى لنا في الانتخابات ستكون جيدة وتؤسس للمرحلة القادمة وهي إحدى الممارسات الديمقراطية التي تخوضها الأحزاب السياسية كجزء من العمل الذي يراد منه إحداث فارق في المشهد السياسي بعدما شوهته الأحزاب الطائفية والعرقية والمسلحة".
بدوره، رأى رئيس "مركز التفكير السياسي"، إحسان الشمري، أنّ "فرص القوى المدنية جيدة في المرحلة المقبلة، إذا عملت خلال الأشهر المقبلة على حصولهم على ثقة العراقيين، وطرح برامج سياسية وانتخابية مقنعة، وليست حبراً على ورق"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "الانتخابات المحلية المقبلة، كفيلة بأن تبلور شكل المرحلة العراقية المقبلة، لذلك لا بد أن يساهم المدنيون في صناعة الفارق".
يُشار إلى أن الانتخابات المحلية المقررة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، هي أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013، وقبل ذلك، أجريت انتخابات مجالس المحافظات في العام 2009.