قضت محكمة تركية، اليوم الجمعة، باستمرار حبس رجل الأعمال التركي عثمان كافالا، المتهم بارتباطه بأنشطة ضد الحكومة وتظاهرات عام 2013، وبالمحاولة الانقلابية في العام 2016، حيث أثارت قضيته جدلا بعد مطالبة دول غربية بالإفراج عنه مقابل رفض تركي.
وانعقدت اليوم الجلسة الثانية في القضية التي وحدتها المحكمة الجنائية الـ13 في إسطنبول، ويحاكم بها 52 متهما من بينهم كافالا (المعتقل الوحيد)، ومستشار الاستخبارات الأميركية السابق هنري باركي وآخرون، في القضية التي تشمل أحداث وتظاهرات "غزي بارك" التي حدثت في منطقة تقسيم بقلب إسطنبول في العام 2013.
ولم يحضر كافالا في جلسة اليوم، وحضرها بدلا عنه محاميه وعدد من المتهمين ومحاميهم، فيما شهدت الجلسة حضورا دبلوماسيا مكثفا، حيث حضرها قناصل كل من سويسرا والسويد وألمانيا وبلجيكا والتشيك والدنمارك وإيطاليا، ونائب القنصل الفرنسي في إسطنبول، وممثلون من منظمة العفو الدولية فضلا عن نواب أتراك معارضين.
ونظرت المحكمة خلال الجلسة في اعتراضات قدمت للمحكمة من قبل محامي المتهمين حيث رفضتها المحكمة، كما استمعت لبيانات من المحامين لتقرر في النهاية استمرار حبس كافالا.
وكانت قضية كافالا قد اكتسبت زخما الشهر الماضي عندما أصدر سفراء كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وهولندا، والسويد وكندا، والنرويج، ونيوزيلاندا، بيانًا في 18 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انتقدوا فيه اعتقال رجل الأعمال كافالا ودعوا إلى الإفراج عنه، واعتبروا فيه أن القضية المستمرة بحقه تلقي بظلالها على الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا.
وتبع ذلك استدعاء سفراء الدول العشر إلى الخارجية التركية إثر نشرهم البيان، في وقت حذر مجلس أوروبا لحقوق الإنسان الذي انضمت إليه تركيا عام 1950، من بدء إجراءات ضد أنقرة في حال لم يتم الإفراج عن كافالا بحلول نهاية الشهر الماضي.
وإزاء ذلك صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقف بلاده ضد السفراء، مؤكدا أنه أصدر تعليماته بطردهم، وأعلن أنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية من أجل إعلان السفراء العشرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت.
وعقب هذه التطورات، أصدر سفراء 10 دول في تركيا، بيانا أبدوا فيه احترام بلادهم لاتفاقية فيينا القاضية بعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، ما اعتبرته الحكومة التركية بمثابة تراجع هذه الدول عن موقفها، الأمر الذي جنب حصول أزمة دبلوماسية بينها.
ولا يُتوقع خروج كافالا (63 عاماً) من زنزانته في سجن إسطنبول في أي وقت قريب، إذ يواجه سلسلة من التهم المتعاقبة، بينها التجسس ومحاولات الإطاحة بالدولة.
ومثل كافالا عدة مرات أمام القضاء بعدما واجه تهماً بالارتباط بجماعة "الخدمة"، وأخرى مرتبطة بعلاقته مع مستشار المخابرات الأميركية السابق الأكاديمي هنري باركي، إذ وجهت النيابة العامة له تهم "الشروع في استخدام القوة لإلغاء النظام العام المفروض وفق الدستور التركي"، و"تسريب وثائق أمنية وسياسية تحمل صفة السرية لأمن البلاد والتجسس العسكري"، مطالبة بالحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين.
وكانت قضية كافالا قد أثارت الرأي العام التركي بشكل كبير في فترات سابقة، فيما كان القضاء قد برأه في وقت سابق من اتهامات تتعلق بالإرهاب على خلفية مزاعم تنظيم وتمويل الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة التي اندلعت عام 2013.
لكن بينما كان أنصاره ينتظرون إطلاق سراحه من السجن، أصدرت السلطات أمراً بإعادة اعتقاله بتهمة ارتباطه بمحاولة انقلاب فاشلة عام 2016. وقدّم كافالا أكثر من مرة طلباً للمحكمة الدستورية العليا يطالب بالإفراج عنه متحدثاً عن تعسف بإلقاء القبض عليه من دون توجيه التهم وإعداد لائحة اتهام، ولكن طلباته رُفضت.
وظل كافالا في السجن منذ اعتقاله في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، على الرغم من مطالبة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والعديد من الجماعات الحقوقية بالإفراج الفوري عنه وإسقاط جميع التهم المنسوبة إليه، مشددة على عدم وجود دليل يدعم هذه الاتهامات.