أطلق الجهاز القضائي الإسرائيلي والسلطات الإسرائيلية أحكاماً جائرة وعنصرية بحقّ معتقلي "هبّة الكرامة"، علماً أنّ 82 من الذين ما زالوا يقبعون في السجون الإسرائيلية هم من مدن حيفا وعكا واللد الساحلية. وبحسب التفاصيل، فإنّ المعتقلين يتوزّعون على الشكل الآتي: 33 معتقلاً من عكا، و11 معتقلاً من حيفا، و28 معتقلاً من اللدّ.
وكان مئات الشبّان قد اعتُقلوا على خلفية "هبّة الكرامة" التي انطلقت قبل نحو عام، في مايو/ أيار 2021، والتي شهدتها البلدات العربية والمدن الساحلية التاريخية عندما خرج فلسطينيو الداخل في تظاهرات تضامناً ودعماً للقدس والمسجد الأقصى وقطاع غزة، ورفضاً لعمليات التطهير العرقي في حيّ الشيخ الجرّاح، وتنديداً باعتداءات المستوطنين على المواطنين العرب بحماية الشرطة الإسرائيلية.
يقول المحامي محمد الحاج الذي يترافع عن 11 أسيراً من عكا، لـ"العربي الجديد": "ثمّة معتقلون حُكم عليهم، وآخرون قُدّمت لوائح اتهامهم في حين أنّ جلسات المحاكمة ما زالت مستمرّة. بالتأكيد فإنّ جزءاً من التهم الموجّهة إلى المعتقلين هي على أساس قانون الإرهاب، وجزءاً آخر على أساس بند في القانون الجنائي ينصّ على مضاعفة الأحكام في حال كانت المخالفة تتعلّق بالعنصرية".
وعن الأحكام التي صدرت بحقّ المعتقلين، يوضح الحاج أنّها "قاسية جداً. هم يعاملون شبّان عكا التي تُعرف بأنّها مدينة مختلطة للعرب واليهود، وهي ليست مدينة إرهاب. كذلك صُنّف المعتقلون جميعاً معتقلين أمنيين وليس جنائيين. والتهم التي وُجّهت إليهم بمعظمها تفيد بأنّهم خرجوا للتظاهر تعبيراً عن غضب موجّه ضدّ السلطات وليس ضدّ اليهود في عكا".
يضيف الحاج أنّ "تحقيقات الاستخبارات أتت قاسية جداً على المعتقلين من الجانب النفسي. وثمّة معتقل أترافع عنه مُنع من لقاء محامٍ مدّة 18 يوماً"، مشدّداً على أنّ "لا أدنى شك في أنّ المحاكم والنيابة العامة تصدر أحكاماً قاسية جداً، وهذا خطأ كبير جداً باعتقادي".
من جهته، يترافع المحامي جميل خطيب عن آدم سكافي، وهو أحد المعتقلين من حيفا، وقد أصدرت المحكمة حكماً عليه أخيراً بالسجن مدّة ثماني سنوات. يقول خطيب إنّ "لائحة اتهام قُدّمت ضدّ المعتقل آدم في ما يتعلق بحادثتَين، والتهم والمخالفات كلها متعلقة بقانون محاربة الإرهاب". يضيف خطيب أنّ "الحكم قاسٍ جداً مقارنة بالأحكام التي صدرت بحقّ يهودي إسرائيلي"، مشدّداً على أنّ "ثمّة تفاوتاً كبيراً في الأحكام بين اليهود والعرب في التهم نفسها، وبرّئ المعتقلون اليهود من تهم العنصرية، الأمر الذي يؤدّي إلى اصدار أحكام مخففة بحقّهم".
ويلفت خطيب إلى أنّ "الأحكام جائرة وتنطوي على تمييز، وهي أحكام سياسية تصدر بحقّ المعتقلين في المدن المشتركة حيث يقطن العرب واليهود. وتحاول المؤسسة الإسرائيلية جعل معتقلي مدن حيفا وعكا واللد عبرة" لسواهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ في مدينة اللدّ، التي شهدت أحداثاً خلال "هبّة الكرامة"، ارتقى العربي موسى حسونة شهيداً، في حين قضى الإسرائيلي يجال يشواع. يُذكر أنّ اللجنة الشعبية في اللدّ تنظمّ، في العاشر من كلّ شهر، وقفة احتجاجية في المدينة للمطالبة بمحاسبة قتلة حسونة.
ويقول المحامي تيسير شعبان، عضو اللجنة الشعبية ومنسق ملف المحامين مع اللجنة الشعبية: "ثمّة 13 معتقلاً ما زالوا في السجون، وثمّة 15 آخرون معتقلون في منازلهم وسوف يعودون قريباً إلى السجون".
ويشير شعبان إلى أنّه "حتى اليوم، لم يُلقَ القبض على أيّ كان في مقتل الشهيد حسونة، إنّما في مقتل يجال يشواع اعتُقل سبعة من العرب يعملون في قاعة أفراح، كان قد اعتَدي عليهم فعمدوا إلى رشق الحجارة دفاعاً عن أنفسهم. ولم يصدر الحكم بعد في هذه القضية، علماً أنّ الدليل الوحيد هو اعترافاتهم". ويشدّد شعبان على أنّ "ما يجري هنا هو أبارتهايد. يريدون طرد العرب من المدن الساحلية الفلسطينية. إسرائيل تتعامل مع العرب على أنّه غير مرغوب فيهم".
يضيف شعبان أنّه سُجّلت "اعتداءات من قبل المستوطنين على العرب في اللدّ، والاعتقالات التي طاولت العرب خلال هبّة الكرامة كبيرة، خصوصاً بعد قانون القومية"، مشيراً إلى أنّ الأمر يُعَدّ "مخططاً عاماً لإرغام العرب وطردهم من اللدّ. نحن خرجنا للدفاع عن الأقصى في تظاهرات سلمية، لكنّ المستوطنين اعتدوا علينا في المقابل. وثمّة شرطي رفض التحقيق في مقتل الشهيد موسى حسونة". ويتّفق شعبان مع خطيب على أنّ "ثمّة تمييزاً في قرارات الجهاز القضائي ما بين العرب واليهود"، مؤكداً أنّها قرارات سياسية عليا".