تسعون ثانية كانت كفيلة بالكشف عن حجم المأساة والكارثة التي تعرّض لها شماليّ سورية وجنوبيّ تركيا. أكثر من 40 ألف شخص قضوا نحبهم في الزلزال الذي ضربها في 6 فبراير/ شباط الحالي، وأكثر من 150 ألف مصاب، وعشرات الآلاف لا يزالون تحت الأنقاض. يعيش الناجون معاناة مستمرة، النساء والأطفال وكبار السن بجانب اللاجئين أكثر ضرراً من غيرهم، وخاصة الفلسطينيين، سواء من فلسطينيي سورية، وهم أصحاب المأساة الأكبر، نظراً لأوضاعهم القانونية الأكثر تعقيداً في كل من تركيا والشمال السوري، أو اللاجئين من دول الطوق، أو من أراضي السلطة الفلسطينية.
ذكرت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية أن عدد الضحايا الفلسطينيين في منطقة الزلزال بلغ أكثر من 100 فلسطيني، ومئات المصابين الناجين من الزلزال ومن تبعاته، مثل استنشاق غاز الكربون الناجم عن اندلاع بعض الحرائق، كما شردت مئات العائلات الفلسطينية من المناطق المنكوبة، وهي تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية، بعد أن باتت في العراء والخيم.
تقطن مئات العائلات الفلسطينية السورية في المدن التركية التي ضربها الزلزال، وفق بيانات الحكومة التركية، ومجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، ويتجاوز عدد فلسطينيي سورية في تركيا حاجز الـ10 آلاف شخص، أغلبهم من حلب ومخيماتها وريفها، وأعداد كبيرة من مهجّري مخيمات الجنوب، مثل اليرموك وخان الشيح ومخيم درعا، ينتشر معظمهم في الجنوب التركي، كيلس وغازي عنتاب ومدينة مرسين، وتناشد العائلات الفلسطينية الجهات الرسمية الفلسطينية مدّ يد المساعدة العاجلة والحماية.
اللاجئون الفلسطينيون في تركيا مهجرون غير معترف بهم، بلا حقوق، ودون حماية من أية جهة، نظراً لكونهم فلسطينيين فقط
يواجه الفلسطينيون في الشمال السوري كارثةً مضاعفةً، لكونهم غير مشمولين بالحماية الدولية، ولا بمساعدات الأونروا، فضلاً عن تعرّضهم لخطر التجاذبات السياسية السورية المعقدة. خلال الزلزال المدمر، نزح مئات من العائلات الفلسطينية المتضررة في مناطق شمال غربيّ سورية إلى مناطق متفرقة من ريفي إدلب وحلب، فيما قررت بعض العائلات البقاء في منازلها، رغم التصدعات التي أحدثها الزلزال في جدران تلك المنازل.
حددت الأونروا أولويات عديدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية والمتضررة من الكارثة، في محافظات اللاذقية وجبلة وحماة وحلب، استناداً إلى تقييمات ومعايير تحددها الإمكانات المالية، وتقرير الدولة السورية في تقدير حجم الضرر، الأمر الذي يستثني باقي اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، الذين لم تشملهم نداءات الأونروا الطارئة بخصوص المتضررين من الزلزال. وبذلك، تؤكد الأونروا تنصلها من مسؤوليتها تجاههم منذ تهجيرهم قسراً إلى المناطق الشمالية بين عامي 2016 و2018.
تبرز القضايا القانونية كأهم وأبرز تحدٍّ يواجه الفلسطينيين في تركيا، وتحديداً الفئات الأكثر ضعفاً، كفلسطينيي سورية والعراق، إذ تحول الترتيبات القانونية دون ضمان وجودهم المستمر والثابت، عدا قضايا العنصرية المتزايدة، وتداعيات الاستحقاقات السياسية المقبلة.
أقرت الحكومة التركية إجراءات استثنائية عدة تجاه متضرري الزلزال من اللاجئين، مثل إيقاف الإجراءات القانونية التعسفية، التي كانت تشملهم في السابق، كالإقامات وتجديدها، وأذون السفر، وإيقاف الترحيل، وتسهيل انتقالهم إلى المناطق التي حددتها الدولة، دون الحاجة إلى تصريح مسبق، لمدة ثلاثة أشهر.
في حين يواجه الفلسطينيون الذين استقروا منذ عام 2013 في تركيا؛ القادمين من العراق ودول الخليج العربي، عدة مشاكل قانونية، مثل الحصول على تأشيرة الدخول إلى تركيا، والإقامة السياحية، فضلًا عن إجراءات تعسفية في طلبات الحصول على الإقامة.
يحمل قرابة 90% من الفلسطينيين المقيمين في تركيا وثائق سفر أو جوازات سفر فلسطينية دون رقم هوية، تستخدم لتسهيل التنقل، الأمر الذي يعني أنهم لا يزالون يحملون صفة اللجوء، لكنهم مهددون بالإعادة القسرية من قبل السلطات التركية، وغير معترف بهم من قبل الهيئات الدولية كـ"لاجئين"، بالتالي هم غير مؤهلين للتمتع بالحماية والمساعدة، سواء في مخيمات اللجوء التي تديرها المؤسسات الدولية أو الوالي التركي.
بكلمات أخرى، اللاجئون الفلسطينيون في تركيا مهجرون غير معترف بهم، بلا حقوق، ودون حماية من أية جهة، نظراً لكونهم فلسطينيين فقط.