العفو الملكي المغربي.. خطوة على طريق انفراجة سياسية وحقوقية؟

30 يوليو 2024
موكب الملك محمد السادس يغادر قصر تطوان / 31 يوليو 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **العفو الملكي المغربي وتوقيته:** أصدر الملك محمد السادس عفواً ملكياً بمناسبة مرور 25 عاماً على توليه الحكم، شمل 2476 شخصاً، بينهم صحافيون ونشطاء حقوقيون، وسط تصاعد الدعوات لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

- **ردود الفعل والتفسيرات:** اعتبر خبراء أن العفو يحمل رسائل سياسية ويعكس رغبة في تحسين المناخ السياسي وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع المدني، مشيرين إلى أنه قد يكون خطوة نحو المصالحة الوطنية.

- **التحديات والمستقبل:** لم يشمل العفو نشطاء حراك الريف السبعة المتبقين ولا وزير حقوق الإنسان السابق محمد زيان، مما يثير تساؤلات حول استكمال الخطوة بالإفراج عنهم وتجاوز مرحلة التضييق على الحقوق والحريات.

أثار العفو الملكي المغربي عن صحافيين ومدونين ونشطاء حقوقيين ومناهضين للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي تساؤلات عدة حول دلالاته وما إذا كان يمثل بداية لانفراج سياسي وحقوقي في المملكة.

ويأتي العفو الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس، الاثنين، بمناسبة مرور 25 عاماً على توليه الحكم خلفاً للراحل الملك الحسن الثاني، واستفاد منه 2476 شخصاً، في توقيت لافت وسط تصاعد الدعوات المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والصحافيين، خصوصاً بعد انتخاب الرباط، في العاشر من يناير/ كانون الثاني الماضي، لرئاسة الدورة 18 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وفيما بدت رئاسة مجلس حقوق الإنسان، بالنسبة لمنظمات حقوقية وشخصيات سياسية، فرصة تغيير في واقع الحقوق والحريات في البلاد، إلا أن العفو الملكي لم يكن عادياً من حيث مضمونه وهويات المستفيدين منه ورسائله الداخلية والخارجية.

وقال رئيس مركز "شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية"، رشيد لزرق، إن "العفو يأتي في سياق تاريخي مهم، حيث يحتفل المغرب بربع قرن من حكم الملك محمد السادس. وقد تميزت هذه الفترة بمزيج من الإصلاحات التدريجية والتحديات الداخلية والخارجية"، معتبراً أن توقيت هذا العفو يحمل في طياته رسائل سياسية عدة.

وأضاف لزرق لـ"العربي الجديد"، "يمكن النظر إلى العفو كخطوة إيجابية نحو المصالحة الوطنية وتخفيف التوترات الداخلية، فشمول صحافيين ونشطاء بقرار العفو قد يفسر على أنه استجابة للمطالب الداخلية والدولية بتحسين سجل حقوق الإنسان في المملكة. كما أن إدراج بعض معتقلي قضايا الإرهاب قد يشير إلى رغبة في إعادة دمج هؤلاء في المجتمع ومكافحة التطرف من خلال نهج أكثر شمولية".

من جانبه، اعتبر رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان (أعرق تنظيم حقوقي مستقل في البلاد) عادل تشيكيطو، العفو، خطوة لتحقيق انفراج سياسي في المغرب، مضيفاً أنها "تعكس رغبة السلطات في تخفيف التوترات وتحسين المناخ السياسي في البلاد، كما أنها قد تساهم في تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع المدني، خاصة المنظمات الحقوقية التي عرفت علاقتها بأجهزة الدولة توترا منذ 2014".

وتابع قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد": "الإفراج عن شخصيات معروفة في مجال الصحافة وحقوق الإنسان يمكن أن يُعتبر إشارة إيجابية إلى استعداد الدولة للتعامل مع القضايا الحقوقية والسياسية بروح منفتحة وتعاونية. هذا العفو قد يفسر أيضاً كجزء من جهود أوسع لتعزيز الإصلاحات وتحقيق المصالحة الوطنية، مما يعزز الاستقرار والتنمية في البلاد".

من جهته، اعتبر المحامي والقيادي في "فيدرالية اليسار الديمقراطي" (معارضة) محمود عمر بنجلون، أن العفو الملكي لفائدة صحافيين، من بينهم عمر الراضي وسليمان الريسوني، هو "عنوان لانفراج سياسي يمكن تفسيره بتصحيح للسياسة الجنائية المغربية"، مطالباً بمقاربة جديدة في تأطير النشاط الإعلامي والمدني وبإصلاح قضائي جذري.

ورأى الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، محمد بودن، أن العفو الملكي "من شأنه أن يعزز المناخ الحقوقي في المغرب". وقال إن الخطوة تضاف للسجل الحقوقي للمملكة في سياق كسب المغرب لاستحقاقات "بالغة الأهمية".

بدوره، قال الناشط الحقوقي خالد البكاري إن الإفراج عن معتقلي رأي من مشارب متعددة، قد يشكل مقدمة لانفراج سياسي وحقوقي في البلاد، مضيفا: "أتمنى أن يتم استحضار هذه اللحظة والبناء عليها لتصحيح أوضاع كانت غير سليمة، وأن تنتصر إرادة التسويات النبيلة داخل مربع صنع القرار، كما أتمنى أن يتم استكمال هذه الخطوة بالإفراج عن معتقلي حراك الريف، والأستاذ محمد زيان".

ولم تشمل لائحة العفو الملكي نشطاء حراك الريف السبعة المتبقين رهن الاعتقال، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، كما لم تشمل اللائحة وزير حقوق الإنسان في عهد الراحل الحسن الثاني، النقيب محمد زيان الذي صدرت بحقه عقوبتا سجن لمدة خمس سنوات نافذة.

وقال البكاري لـ"العربي الجديد" إن العفو يوحي بتجاوز المرحلة السابقة التي دامت منذ 2016 إلى حدود اليوم، والتي تضمنت مجموعة سياسات يمكن تأطيرها حقوقياً في سياق التضييق على الحقوق والحريات، معتبراً أن صدوره في هذا التوقيت يندرج في سياق محلي يرتبط بتطورات قضية الصحراء وبالاحتقان الذي يسود داخل المجتمع بفعل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أثرت على دخل الأسر، وسياق آخر دولي يرتبط بما يحدث في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف: "بعد الدعم الاجتماعي، كان من الضروري أن يكون هناك عرض سياسي وآخر حقوقي موازٍ، وهو ما جاء في هذه المرحلة"، لافتاً إلى أنّه "يمكن أن نشهد في المرحلة المقبلة انتصاراً للصوت الداخلي للدولة، الذي يؤمن بضرورة الانفراج على المستويين السياسي والحقوقي، مقابل تراجع الخط الذي كان يتبنى التضييق على مجال الحقوق والحريات والنزوع السلطوي.