في الوقت الذي أبدت فيه الولايات المتحدة الأميركية انزعاجها من الاستهداف المتكرر للمصالح الأجنبية، وخصوصا الأميركية، في المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأميركية، ومطار بغداد الدولي، الذي يوجد فيه موقع مخصص للقوات الأجنبية، وكذلك الأرتال التي تنقل معدات للتحالف الدولي، تستمر الهجمات التي تنفذها جهات مجهولة، إذ استهدفت عبوة ناسفة مساء الثلاثاء رتلا ينقل معدات للتحالف في محافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد)، بعد يوم واحد على سقوط صاروخي كاتيوشا على منطقة سكنية مجاورة لمطار بغداد أسفر عن مقتل وإصابة 7 مدنيين من النساء والأطفال. وبينما تتمسك السلطات العراقية بالدعم الذي يقدمه التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضد تنظيم "داعش"، عبر سياسيون عن خشيتهم من احتمال تأثير الانزعاج الأميركي على عمل التحالف الدولي بالعراق.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي السابق، حامد المطلك، إن التحالف الدولي لديه نشاط في الأجواء العراقية، وأجواء دول مجاورة، مؤكدا لـ "العربي الجديد"، أن انكفاءه يمكن أن يكون له تأثير كبير على العراق أمنيا.
وبشأن مدى قدرة البرلمان على التدخل لاحتواء التأزم مع واشنطن التي تقود التحالف الدولي، قال المطلك إن "البرلمان تتحكم به القوى السياسية ذاتها التي سبق أن أصدرت قرارا بخروج القوات الأميركية من العراق بخلاف رغبة الجانب الحكومي"، موضحا أن الحكومة هي التي لديها تفاهمات مع الأميركيين وليس البرلمان.
يشار إلى أن البرلمان العراقي سبق أن صوت مطلع العام الحالي على قرار يلزم الحكومة بالإسراع في إخراج القوات الأجنبية وخصوصا الأميركية من العراق، على خلفية مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي.
ولفت المطلك إلى أن "الفساد وعوامله ومؤشراته، إضافة إلى الذنب الذي يقوم به أصحاب السلاح المنفلت والمجرمون، أمور تشكل مبررات لاتخاذ إجراءات قانونية ضدهم"، موضحا أن "الإجراءات ضد السلاح المنفلت لم تكن حاسمة حتى اليوم، ولم تطاول الرؤوس المؤثرة لتكون رادعة وعبرة للآخرين".
وخلال لقائه مع وزير الدفاع الإيطالي لورينزو جويريني في السليمانية (في إقليم كردستان)، أكد الرئيس العراقي برهم صالح، في بيان رئاسي عقب اللقاء، أن "العراق وبدعم من التحالف الدولي والأصدقاء، تمكن من الانتصار على تنظيم داعش، إلا أن الحرب على التنظيم لا تزال متواصلة، وخلاياه النائمة تشكل تهديداً للعراق والمنطقة والعالم"، مبينا أن "التهاون في ملاحقته من شأنه إعطاء فرصة للجماعات المتطرفة في التقاط أنفاسها، وشن هجمات على المدن والمواطنين الآمنين".
ولفت إلى "عمل الحكومة على ترسيخ دولة مقتدرة ذات سيادة، وحصر السلاح بيد الدولة ومنع الأعمال الخارجة عن القانون، وحماية البعثات الدبلوماسية"، مبينا أن "العراق يرفض أن يكون ساحة لتصفية حسابات الآخرين على أرضه".
وأكد ضابط في قيادة العمليات العراقية المشتركة، لـ"العربي الجديد"، أن التنسيق بين القوات العراقية والتحالف الدولي لا يزال مستمرا، موضحا أن هذا التعاون أسفر أخيرا عن تحقيق نتائج مهمة من خلال توجيه ضربات دقيقة للمواقع التي يختبئ فيها عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي.
ولفت إلى أن القوات الأميركية تؤدي دورا مهما ضمن التحالف الدولي، مبينا أن أي تقليص للدعم الجوي الأميركي يمكن أن يقلل من قدرات ملاحقة عناصر "داعش" خصوصا في الكهوف والمناطق الجبلية والصحراوية.
وأكد عضو ائتلاف "دولة القانون" سعد المطلبي "وجود جهات تقوم بتضخيم الانزعاج الأميركي من الأحداث الأخيرة في العراق"، مبينا، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "الأميركيين لا يريدون الانسحاب من العراق، بل يريدون البقاء فيه بشكل دائم، سواء كان بشكل منفرد أو من خلال تحالف".
ولفت إلى وجود جهات تعمل على تصعيد الموقف في الداخل العراقي بين الحكومة من جهة، والفصائل المسلحة من جهة أخرى.
وذكرت خلية الإعلام الأمني، في بيان، الثلاثاء، أن "رتلا كان ينقل معدات لقوات التحالف الدولي المنسحبة من العراق بواسطة شركات نقل عراقية وسائقي العجلات من المواطنين العراقيين، تعرض إلى انفجار عبوة ناسفة، بين الجسر 15 و16 ضمن قاطع شرطة محافظة بابل"، مشيرة إلى أن التفجير لم يتسبب بخسائر تذكر، وأن الرتل واصل حركته نحو وجهته المقصودة.