العراق: مقابر جماعية جديدة قرب مقبرة مكتشفة تخضع لسيطرة المليشيات

14 يناير 2021
أغلقت المنطقة ومنع الأهالي من الاقتراب (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر محلية وأخرى أمنية في محافظة صلاح الدين شمالي العراق، اليوم الخميس، لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل جديدة حول المقبرة الجماعية الجديدة التي عثر عليها، أول من أمس الثلاثاء، جنوبي تكريت، مؤكدة إغلاق قوات الأمن وفصائل مسلحة المنطقة، بعد احتشاد عدد من ذوي المختطفين، في محاولة منهم للبحث عن أقاربهم في تلك المقبرة.

وأمس الأربعاء، أعلن مجلس عشائر ووجهاء صلاح الدين العثور على مقبرة جماعية جديدة في بلدة الاسحاقي جنوبي تكريت، تضم رفات العشرات من الضحايا المدنيين. ووفقا لبيان مشترك صدر عن العشائر، فإن المقبرة تقع في منطقة جالي في ناحية الإسحاقي جنوب تكريت، وتضم العشرات من جثث المغيبين المدنيين الذين فُقد أثرهم بعد دخول القوات العراقية والمليشيات إلى المحافظة، خلال عمليات طرد تنظيم "داعش" عام 2015. وأوضح البيان أن "القوات الماسكة للأرض مليشيات ومنعت الأهالي من حفر المقبرة والبحث عن أولادهم المغدورين".

تضم المقبرة العشرات من جثث المغيبين المدنيين الذين فقد أثرهم بعد دخول القوات العراقية والمليشيات إلى المحافظة

من جهتها، أصدرت كتلة "جبهة الإنقاذ" في البرلمان العراقي، بزعامة رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، بيانا أكدت فيه العثور على المقبرة الجماعية.

وأكدت أن "منطقة العثور على المقبرة تضم عشائر عربية أصيلة فقدت المئات من شبابها بين مغيب ومختف قسرا، وبعض هذه العشائر رحّلتهم بعض فصائل الحشد الشعبي قسراً ولم يعودوا إلى مناطقهم حتى الآن"، مؤكدة أنه "وبرغم عشرات البيانات والمخاطبات مع الجهات الرسمية لحسم مصير هؤلاء المغيبين قسرا، والكشف عن مصيرهم وتحديد هوية المجرمين الذين استهدفوهم وتعويض أهلهم، وتقديم الجناة إلى القضاء، فإن الاستجابة للأسف لم ترق إلى مستوى حجم المأساة".

وفي هذا السياق، كشف مسؤول محلي في محافظة صلاح الدين، شمالي العراق، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل جديدة حول المقبرة الجماعية، مؤكدا أنها تقع في مثلث جغرافي يمتد لأكثر من 40 كم، كان يضم منذ الربع الأخير من عام 2014 فصائل عدة مقربة من إيران، أبرزها كتائب حزب الله وبدر وعصائب أهل الحق، وكانت تستخدم منطقة جالي بجزيرة الإسحاقي جنوب تكريت التي تم تحويل عدة منازل فيها إلى مراكز وثكنات ومعتقلات لها.

ولفت إلى أن المقبرة عبارة عن شق كبير طولي وتم رمي عشرات الجثث فيها ومواراتهم التراب بواسطة جرافات، وتظهر ملابس مدنية مثل دشداشة ويشماغ أو ملابس رياضية، أو ثياب نوم وغيرها بين رفات الضحايا، وهناك ثقوب على بعض الجماجم، بما يظهر أنها عمليات إعدام ميداني من مسافات أقل من متر واحد.

وكشف عقيد في قيادة شرطة صلاح الدين عن وجود مقابر أخرى مجاورة للمقبرة المكتشفة، وقد يصل عددها إلى خمس مقابر متوزعة في عدة مناطق، بينها منطقة مكيشيفة ومنطقة سيد غريب، وقد يصل مجموع الضحايا فيها إلى المئات.

وأكد، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن أوامر حكومية صدرت من وزارة الداخلية بعدم فتح المقابر لعدم توفر أجهزة "دي أن أي"، لكن عمليا إحدى المقابر عثر فيها على هويات تظهر أن من بين الضحايا أسرا كاملة تمت تصفيتها.

من جهته، قال المتحدث باسم مجلس عشائر صلاح الدين، الشيخ طامي المجمعي، لـ"العربي الجديد"، إن المنطقة التي عثر فيها على هذه المقبرة خاضعة لما يعرف بالفصائل الولائية.

وأضاف المجمعي، الذي يذهب إلى التأكيد على أن ضحايا المقبرة الجديدة والمقابر الأخرى الموجودة قربها تعود لمختطفين مدنيين على يد المليشيات خلال السنوات الماضية، بأن "المقبرة فتحتها قوات الأمن لاعتقادها بأن الضحايا فيها عسكريون أو أفراد أمن، لكن بعد اكتشاف أنهم مدنيون قاموا بإغلاقها، ومنع أي أحد من الاقتراب منها، إذ وجدوا ملابس مدنية وعلامات أخرى تؤكد ذلك، وتمت مخاطبة مركز شرطة الإسحاقي، ومفاتحة مؤسسة السجناء والصليب الأحمر ومفوضي حقوق الإنسان للتعرف على هويات الضحايا".

إحدى المقابر عثر فيها على هويات تظهر أن من بين الضحايا أسرا كاملة تمت تصفيتها

وأكد وجود 1200 مختطف في الإسحاقي ونحو 300 مختطف في الدور، ومئات من تكريت ومثلهم في سامراء ومناطق أخرى، ليصل عدد المختطفين إلى الآلاف في صلاح الدين، وهناك عائلات كاملة تم تغييبها.

والمعلومات المؤكدة، بحسب مصادر "العربي الجديد"، هي أن ثمة مقابر أخرى في مناطق مقاطعة 12، والجكسرية، وكشكرية، وسيد غريب، والفرحاتية، وهي مناطق تقع فيها آبار نفط وتسيطر عليها مليشيات منذ سنوات ولها أنشطة تهريب من تلك الآبار، لذا لا تسمح لأحد بدخولها.

وفي أكتوبر الماضي، اتهم مسؤولون أمنيون وسكان محليون في محافظة صلاح الدين، عناصر في ميليشيا "عصائب أهل الحق" بخطف وقتل 12 من أهالي منطقة الفرحاتية، القريبة من منطقة الإسحاقي في محافظة صلاح الدين.

وفيما عثر على جثث ثمانية من المختطفين، لا يزال أربعة منهم في عداد المفقودين، ويعتقد أن المليشيا قامت بقتلهم وإخفاء جثثهم.

المساهمون