العراق: قوى سياسية حليفة لإيران تضغط لتمرير قانون يحد من حرية التعبير والتظاهر

05 يناير 2021
قانون "جرائم المعلوماتية" يقيد التظاهرات (حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -

تصر قوى سياسية نافذة في البرلمان العراقي، أخيراً،  على تمرير قانون "جرائم المعلوماتية" والذي بات يصنف على أنه من أخطر القوانين التي تضيّق على حرية التعبير في البلاد، وعلى الرغم من الرفض الشعبي والتحذير من مغبة تمريره، إلا أن القوى الداعمة له تعده قانوناً "يحافظ" على ما تصفه ضبط الإعلام والاستقرار.
ويعد تحالفا "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، و"ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، من أشد القوى السياسية الداعمة لتمرير القانون، بالتفاهم مع قوى أخرى.
وقال النائب عن الائتلاف، عدنان الأسدي، في إيجاز صحافي، إن "الجلسات المقبلة لمجلس النواب، ستشهد تشريع قانون الجرائم الإلكترونية بعد أن قُرئ القراءة الأخيرة"، مؤكداً أننا "بحاجة إلى القانون لضبط الإعلام المفتوح والحركة الإعلامية، دون المساس بالحريات والحقوق المكفولة دستورياً".
وأضاف أن "مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام المفتوح والحركة الإعلامية تحتاج إلى ضبط وفق قوانين ومعايير، ومنها المعيار الأول الدستور"، مشيراً إلى أن "ذلك يكون بعدم المساس بحرية وحقوق الإنسان، وألا تمس أيضاً حرية المجتمع والنظام السياسي والوضع الأمني".

وتابع أن "القانون تمت مناقشته مع الكثير من الجهات السياسية والقضائية، واشترك فيها القضاء والمحاكم الإدارية والجهات الأمنية والسياسية، وشبكة الإعلام العراقي، وبعض منظمات المجتمع المدني". وشدد على أنه "سيتم تمرير القانون في الجلسات المقبلة للبرلمان، كونه يحافظ على الأمن المجتمعي".
ويتضمن القانون الجديد عدة بنود تمثل تحدياً لحرية التعبير والنشر خاصة في ما يتعلق بانتقاد الحكومة والسلطات الأمنية والأحزاب على حد سواء، إذ يشمل النشر في منصات التواصل الاجتماعي والمدونات المختلفة والظهور على المنابر الإعلامية المستقلّة في البلاد.
وسيؤدي قانون جرائم المعلوماتية في حال إقراره إلى فرض غرامات كبيرة وعقوبات سجن طويلة لـ"جرائم" تشمل مجرد انتقاد الأداء الحكومي، إذ يحتوي على فقرات عدة ممكن أن تتيح أكثر من تفسير وتوظيف لها، مثل عبارة تهديد وإزعاج السلم والأمن العام وتشويه سمعة العراق، التي تطاول المواطنين في عمليات النشر والتعبير عن آرائهم في مواقع التواصل والتي تصل إلى السجن المؤبد وغرامة تتراوح بين 25 و50 مليون دينار عراقي(1 دينار عراقي يساوي 0.00068 دولار أميركي)، عدا عن فرض موافقة مسبقة من السلطات للقيام بالتظاهر أو التجمع، وسيتيح القانون للحكومة التعامل مع التظاهرة باعتقال المشاركين فيها ومحاكمتهم في حال خروجهم بدون ترخيص مسبق.
من جهته، أكد عضو في البرلمان العراقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك إصراراً وحراكاً من بعض القوى السياسية لتمرير القانون، خلال الجلسات المقبلة، وقال إن "تحالف دولة القانون وتحالف الفتح، توافقا على تمريره، كما أنهما حصلا على تأييد عدد من النواب والقوى الأخرى، بهذا الشأن".
وأوضح أن "تلك القوى تعد القانون مهماً بالنسبة لها، لا سيما أنه ينسجم مع توجهاتها، ويحجم حرية الرأي الشعبي"، مشيراً إلى أن "القانون يراد تمريره في ظل هذا التوافق، وأن القوى الرافضة له تساوم الكتل الرافضة له على قوانين ومواضيع سياسية أخرى".
مقابل ذلك، تحذر قوى سياسية من مغبة تمرير القانون بصيغته الحالية، مؤكدة أنه سيكون قانونا "يقمع" حرية التعبير.
النائب هوشيار عبد الله، عن التحالف الكردستاني، علق على القانون بالقول إنه "اختبار قد يبدو بسيطاً لكنه مهم لحكومة مصطفى الكاظمي، اليوم هناك رفض كبير داخل الأوساط السياسية والاجتماعية والثقافية لقانون جرائم المعلوماتية"، مطالباً بالوقت نفسه بسحب هذا القانون على الفور".


 رئيس الكتلة الوطنية البرلمانية، النائب كاظم الشمري، أكد أن "القانون أثير حوله الكثير من الملاحظات، إذ إن العقوبات المقررة ضمن القانون للأفعال الجرمية التي نص عليها، مبالغ فيها بشكل كبير جداً، لذلك فإن توجه البرلمان للتصويت على القانون سيكون قمعا لحرية التعبير وتقرير عقوبات قمعية".
وأشار إلى أن "القانون مهم، في حال كان منصفا، وأجريت عليه تعديلات، على الكثير من فقراته"، مبيناً أن "كثيرًا من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام قدمت اعتراضات على القانون، بصيغته الحالية".
اللجنة القانونية البرلمانية، حذّرت من تمرير القانون من دون إجراء تعديلات عليه، وقالت عضو اللجنة، النائبة ألماس فاضل، إن "القانون يحدّ من الصوت الحر، ويخيف المواطنين، الأمر الذي يتطلّب إزالة كل ما يثير في فقراته".

وأكدت أن "هناك اعتراضات كثيرة على القانون، ولا يمكن الدفع باتجاه تمريره من دون أخذ تلك الاعتراضات بنظر الاعتبار"، مبينة أن "اللجنة القانونية سجلت ملاحظات عدة على فقرات القانون".
ويؤكد ناشطون، أن تمرير القانون سيكون انتكاسة خطيرة للشعب، وأنه سيكون قانوناً قامعاً لرأيهم، وقال الناشط بلال فاضل، لـ"العربي الجديد"، إن "تمرير القانون سينهي حرية الرأي في العراق، وسيمنح القوى المتسلطة سلطة أكبر للقمع وتحت مسمى القانون".
وأضاف: "نحتاج الى وقفة شعبية وسياسية لمنع هذه الخطوة الخطيرة، التي ستكون أخطر توجه لقمع صوت الشعب"، داعياً المنظمات الدولية الراعية لحقوق الإنسان، إلى "التصدي لهذا القانون، وضم صوتها إلى صوت الشعب، لمنع تمريره".
ويمكن استغلال بعض مواد القانون لقمع الحريات وتقييدها، وحددت إحدى فقرات القانون وقت الخروج بالتظاهرات، ومنعها من الخروج ليلاً، ما يعني أنّه بمجرد غروب الشمس سيكون المتظاهر تحت طائلة القانون، ولا تعد التظاهرات حينها سلمية، وتفرض مادة أخرى عقوبة بالسجن والغرامة المالية تحت مسمى إذاعة أو نشر دعاية للحرب أو الأعمال الإرهابية أو الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو الطائفية.