العراق: رواية حكومية بشأن "مجزرة الفرحاتية" تطابق روايات المليشيات

22 أكتوبر 2020
مصطفى الكاظمي خلال زيارته الفرحاتية (تويتر)
+ الخط -

في الوقت الذي ينتظر ذوو ضحايا "مجزرة الفرحاتية" بمحافظة صلاح الدين، نتائج التحقيق والإعلان عن المتورطين بالجريمة، التي راح ضحيتها 12 مدنياً، بينما لا يزال مصير آخرين تم اختطافهم مجهولاً، صُدم الأهالي برواية حكومية جديدة تطابقت مع رواية المليشيات المتهمة بالجريمة، حمّلت تنظيم "داعش" مسؤولية المجزرة.

ووفقاً للمتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلّحة، اللواء، يحيى رسول، الأربعاء، فإنّ "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمر بتعزيز منطقة الفرحاتية بقطعات من الجيش على خلفية الجريمة البشعة التي راح ضحيتها عدد من المواطنين"، مؤكداً، في تصريح أدلى به لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أنّ "الكاظمي أمر بتشكيل فريق تحقيقي للوصول إلى النتائج الدقيقة لما حدث في منطقة الفرحاتية".

وأضاف رسول أنّ "فريق التحقيق يجمع المعلومات، إضافة إلى شهادات بعض أصحاب العزاء والمواطنين، ليتم بعد ذلك الوصول إلى النتائج الدقيقة، ثم الإعلان النهائي عنها"، مؤكداً أنه "من الواضح، ومن خلال البصمات، ممكن أن تقف عصابات داعش الإرهابية وراء جريمة الفرحاتية، بهدف خلط الأوراق وإرباك الرأي العام بإحداث فجوة بين المواطنين والقوات الأمنية الماسكة للمنطقة".

وتابع أنّ "زيارة الكاظمي إلى محافظة صلاح الدين وحضوره مجلس العزاء ولقاءه بالمواطنين، هي رسائل واضحة بأن الحكومة والقوات الأمنية واجبهما الحفاظ على أرواح المواطنين ومحاسبة الجناة على وفق القانون".

ويأتي التصريح بعد ساعات من تصريح لمليشيا "العصائب" المتهمة بارتكاب المجزرة، والتي اتهمت أيضاً تنظيم "داعش" بارتكابها.

وقال المتحدث باسم المليشيا، جواد الطليباوي، إنّ "زعيم العصائب قيس الخزعلي أمر بالتعاون مع الجهات الأمنية التي تجري التحقيق بشأن مجزرة الفرحاتية"، مضيفاً أنّ "تنظيم "داعش" هو المتورط بارتكاب المجزرة"، نافياً "الاتهامات الموجهة إلى العصائب بالتورط بها".

ويخالف التصريح ما أعلنه رئيس "الحشد الشعبي" فالح الفياض من أن "الجريمة عملية قتل أبرياء خارج القانون"، واصفاً إياها بـ"الجنائية"، وكذلك فحوى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال زيارته المنطقة الأحد الماضي، فضلاً عن حديث المسؤولين المحليين في محافظة صلاح الدين، وأبرزهم محافظ صلاح الدين، ورئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة، عمار جبر خليل، الذي نفى أن يكون تنظيم "داعش" متورطاً بتنفيذ المجزرة، مبيناً أنّ المنطقة، التي تقع فيها بلدة الفرحاتية، لا يتواجد فيها سوى 2 و3 عناصر من "داعش"، وهم مراقبون من قبل الأجهزة الاستخبارية، بينما يبلغ عدد من ارتكبوا الجريمة 20 شخصاً، وأنهم نفذوها بتواطؤ مع جهة أمنية.

وعلّق عضو مجلس عشائر محافظة صلاح الدين الشيخ مجيد الجبوري على تصريحات المسؤول العراقي بالقول: "إذا كان كما يقول، لماذا تم إخراج مليشيا العصائب من المنطقة أول أمس واستبدالها بالجيش"، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "الحكومة أضعف من أن تتهم مليشيا العصائب علنا بالعملية، فهذا سيدخلها بأزمة، لكن كان عليها عدم التعهد بشيء".

من جهته، وصف مسؤول أمني في المحافظة الرواية الحكومية واتهامها تنظيم "داعش" بـ"المحبطة لذوي الضحايا"، وأنها "أفقدتهم الأمل بنتائج التحقيقات المرتقبة".

وقال عضو في اللجنة الأمنية بالمحافظة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدلائل والقرائن الميدانية والشهود في المنطقة، كلها أثبتت أنّ مليشيا العصائب هي التي ارتكبت المجزرة"، مبينا أن "محاولة الحكومة إلقاء الكرة بساحة التنظيم هي تشويه للحقيقة، وحماية للمليشيا المتورطة بالجريمة".

وأكد أن "ذوي الضحايا عبروا عن يأسهم بنتائج التحقيق بعد تلك الرواية، وأكدوا أن الحكومة غير جادة بكشف الحقائق، وأنها تجامل المليشيات على حساب الدم العراقي"، مشيراً إلى أن "عددا من ذوي الضحايا أقاموا دعاوى قضائية اتهموا بها العصائب بارتكاب الجريمة، ويجب على القضاء والحكومة تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية إزاء تلك القضايا، وعدم إهمالها أو تسويفها".

ولوّحت جهات سياسية بتدويل القضية في حال عدم جدية الحكومة بإجراء تحقيق مهني فيها، وكشف الجهة المنفذة.

وقال القيادي في "جبهة الإنقاذ"، النائب السابق أحمد المساري، إنه "في حال عدم تجاوب الحكومة والشركاء السياسيين بالكشف عن منفذي المجزرة، فإننا سنضطر إلى التصعيد الخارجي، والذهاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى لعرض الملف عليهم".

وشدد المساري، في تصريح صحافي: "لن نسمح بتسويف هذه القضية كما حصل مع العديد من الجرائم التي ارتكبت ضد الأبرياء، والتي تم تقييدها ضد مجهولين، وأطلق سراح مرتكبيها".

وكانت محافظة صلاح الدين قد شهدت مجزرة مروعة، السبت الماضي، إذ أقدمت مليشيا مسلحة على اختطاف 28 شخصاً من منازلهم، وأعدمت 12 منهم، فيما لايزال مصير الآخرين مجهولاً حتى الآن.