- خيبة أمل القوى المسلحة الحليفة لإيران بعد الزيارة بسبب عدم التطرق المباشر لانسحاب القوات الأميركية، ما قد يؤدي لتجدد العمليات ضد الأميركيين وخلافات سياسية.
- تأكيدات على أن العلاقات بين العراق وأميركا تتجاوز الجانب الأمني، مع توقعات بضغوط ومشاكل سياسية للسوداني عند العودة، ولكن بأمل في تجنب التصعيد الأمني.
مع قرب انتهاء زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني إلى واشنطن، التي لم تكن مُخرجاتها حاسمة بشأن ملف إنهاء وجود التحالف الدولي في العراق، تنقسم مواقف القوى العراقية، فبينما أبدت القوى الكردية تفاؤلاً واضحاً بشأن الزيارة، لم تخفِ قوى الإطار التنسيقي امتعاضها من مواقف السوداني، وسط توقعات بخلافات داخل "الإطار" تنتظر السوداني.
وكانت قوى تحالف الإطار التنسيقي (من بينها فصائل مسلحة حليفة لإيران) قد أكّدت على السوداني قبيل الزيارة أن يحسم ملفّ وجود التحالف الدولي، الذي يعد مطلباً رئيسياً لها. ويقول عضو الإطار التنسيقي عائد الهلالي، لـ"العربي الجديد"، إن "قوى الإطار، وكذلك الفصائل، أكّدت للسوداني ضرورة حسم ملف التواجد الأميركي وإنهاء التحالف الدولي خلال زيارته إلى واشنطن، لكن هذا الملفّ لم يتطرق إليه بشكل مباشر، ولم يُحسم اتفاق على جدول زمني للانسحاب من العراق، وهذا مؤسف".
وبيّن الهلالي أنّ "هذا الأمر سيولّد خلافات سياسية ما بين السوداني وبعض الأطراف السياسية والمسلحة التي أوقفت عملياتها ضد الأميركيين في العراق، لإعطاء الحكومة فرصة للحوار والتفاوض لإخراج القوات الأميركية بالطرق الدبلوماسية، والإخفاق في ذلك قد يعيد العمليات مجدداً خلال المرحلة المقبلة".
خروج القوات الأميركية أولوية
وأوضح أن "الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة تعتبر إخراج القوات الأميركية من أولوياتها، وأيّ تسويف في هذا الملف من المؤكد أن تكون له تداعيات سياسية وأمنية، ولهذا نحن مع الإسراع في حسم هذا الملف وعدم تركه للتفاوض المفتوح من دون أي حسم حقيقي، فالحوارات ما بين اللجان المشتركة العراقية والأميركية لم تخرج بأيّ نتائج حتى الآن".
من جهته، أكد نائب عن تحالف النصر، ضمن قوى الإطار التنسيقي، أنّ "السوداني سيواجه بعد عودته إلى بغداد ضغوطاً ومشاكل مع قوى "الإطار"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أنّ "معظم قوى الإطار، خاصة تلك التي لها أجنحة عسكرية متحالفة مع إيران، منزعجة من الزيارة التي لم تحقق نتائج بشأن ملف قوات التحالف". وأضاف أن "تلك القوى ستضغط على السوداني لإيجاد حلّ للملف، وهو ما قد يتسبب في خلافات وأزمات داخل التحالف" مستبعداً "عودة تلك الفصائل إلى تنفيذ هجمات على القوات الأميركية في العراق وخرق الهدنة، إلا أنها ستعمل بتوجيه الضغط السياسي على السوداني، وخلق الأزمات".
علاقة بمستويات متعددة
فيما قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، لـ"العربي الجديد"، إن "العلاقة بين العراق وأميركا ليست علاقة أمنية أو عسكرية فقط، بل هي علاقة متعددة المستويات، فلم تركّز زيارة السوداني إلى واشنطن على الملف الأمني، بل على الملفات الاقتصادية وغيرها، التي ترى الحكومة الحالية ضرورة حسمها لحاجة العراق إليها".
وبيّن عبد الكريم أنّ "حسم ملف إنهاء مهام التحالف الدولي ليس بهذه السهولة، فهو يتطلّب مباحثات مطوّلة ومعمّقة ما بين الجانبين، ولا يمكن حسمها من خلال هذه الزيارة، خاصة في ظلّ استمرار أعمال اللجان الفنية والعسكرية المشتركة بين البلدين، والتي عقدت أربعة اجتماعات خلال الفترة الماضية".
وأضاف: "هناك خشية سياسية وكذلك حكومية من إنهاء مهامّ التحالف الدولي وإخراج القوات الأميركية، لذلك هناك مباحثات وتقييم لهذا الملف الحسّاس غير الممكن حسمه وفق أجندة سياسية أو حزبية، بل وفق لجان مختصّة تقيّم وتدرس تداعياته".
وختم عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني بقوله، إن "الخلافات ما بين السوداني وأطراف في الإطار التنسيقي وفصائل مسلحة بشأن ملف التواجد الأميركي أمر متوقع بعد عودته، لكن السوداني قادر على إقناع تلك الأطراف بالاستمرار في التهدئة، خاصة أن الجميع لا يريدون أيّ تصعيد أمني في العراق".
ما بعد زيارة السوداني
في المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي والأمني أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم حسم ملف إخراج القوات الأميركية خلال زيارة السوداني كان متوقعاً، خاصة أنه ليست هناك رغبة أميركية في ذلك، إضافة إلى قرب انتهاء فترة رئاسة الإدارة الأميركية الحالية".
ولفت إلى أن "أطرافاً سياسية وحكومية عراقية، وحتى داخل الإطار، لديها مخاوف بشأن خطوة إنهاء مهام التحالف الدولي. ولهذا، يعلم الكل أنه ليست هناك جدّية في حسم الملف في المرحلة المقبلة، والخلافات السياسية بشأن هذا الملف بعد عودة السوداني أمر متوقّع، خاصة من قبل الفصائل المسلحة القريبة من إيران".
وأضاف أن "السوداني بعد عودته إلى العاصمة العراقية بغداد سيواجه مشاكل وضغوطات سياسية كثيرة من أطراف في الإطار وفصائل مسلحة، لأنّه لم يتطرق إلى ملف إنهاء مهامّ التحالف الدولي بالشكل الذي تريده تلك الأطراف، والتي أكدت عليه لحسم الملف قبل مغادرته العراق".
ومن المقرر أن تنتهي زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني إلى واشنطن، يوم غد الخميس، بعدما تخلّلتها لقاءات بمسؤولين أميركيين، أبرزهم الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، من دون حسم ملف الوجود العسكري الأميركي في البلاد.