العراق: تنفيذ سلسلة جديدة من أحكام الإعدام دون الإعلان عنها

25 ابريل 2024
من أمام سجن بغداد المركزي (واثق خزاعي/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- السلطات العراقية نفذت حكم الإعدام بحق 11 شخصًا في سجن الحوت بتهم تتعلق بالإرهاب والانتماء لداعش، وسط تحذيرات دولية من غياب العدالة والشفافية.
- منظمة العفو الدولية والمركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب أعربا عن قلقهما بشأن عمليات الإعدام هذه، مشيرين إلى انعدام الشفافية واستخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات.
- سجن الحوت يعد من أكبر السجون العراقية وأكثرها سوءًا في السمعة، مع تحول العراق تدريجيًا إلى دولة بارزة في تنفيذ أحكام الإعدام بطرق مستعجلة وأحيانًا مخالفة للمعايير القانونية.

نفّذت السلطات العراقية حكم الإعدام بحق ما لا يقل عن 11 شخصاً شنقاً، خلال هذا الأسبوع، بعد إدانتهم، حسب قولها بـ"جرائم إرهابية"، والانتماء إلى تنظيم "داعش"، وسط تحذيرات دولية من غياب العدالة والشفافية وهيمنة الأحكام الانتقامية في القانون العراقي، وتحديداً بما يتعلق بقضايا الإرهاب.

وقالت مصادر عراقية من محافظة ذي قار، جنوبي البلاد، إنه "جرى تنفيذ حكم الإعدام بأحد عشر سجيناً في سجن الحوت بمدينة الناصرية جنوبي العراق هذا الأسبوع بإشراف وزارة العدل". ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن السلطات تستعد لإعدام دفعة جديدة، بعد صدور توقيع رئاسة الجمهورية على الأحكام التي تواجه تشكيكاً كبيراً، بسبب ظاهرة انتزاع الاعترافات تحت التعذيب والابتزاز، وعبر نظام "المخبر السري"، المعمول به في العراق. وذكر أحد المصادر، وهو عنصر أمن في شرطة محافظة ذي قار، لـ"العربي الجديد"، أنه جرى إبلاغ ذوي المعدومين بتسلم جثامينهم من خلال الطب العدلي، مع تزويدهم بتقرير يثبت حالة الوفاة نتيجة تنفيذ حكم الإعدام.  

"العفو الدولية": عمليات الإعدام الأخيرة في العراق مثيرة للقلق

من جانبها، طالبت منظمة العفو الدولية، أمس الأربعاء، السلطات العراقية بأن توقف فوراً جميع عمليات الإعدام، بعد إعدام ما لا يقل عن 13 رجلاً في 22 إبريل/ نيسان في سجن الناصرية المركزي بمحافظة ذي قار جنوبي البلاد، عقب إدانتهم بتهم الإرهاب، التي وصفتها بأنها "فضفاضة وغامضة". وذكرت المنظمة، في بيان لها، أنها "يساورها القلق من احتمال إعدام عدد أكبر من الأشخاص سرّاً، وسط انعدام مثير للقلق للشفافية فيما يتعلق بعمليات الإعدام في العراق في الأشهر الأخيرة"، مبينة أنّ "إعدام 13 رجلاً في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2023، هي أول عملية إعدام جماعي مسجلة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2020".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ونقلت عن نشطاء ومحامين يمثلون السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، قولهم إن "عشرات آخرين أُعدموا منذ 10 إبريل/ نيسان، وأن السلطات لم تقدم إشعاراً مسبقاً للسجناء أو أسرهم ومحاميهم". كما أشارت الباحثة في شؤون العراق بمنظمة العفو الدولية رازاو صالحي إلى أنّ "عمليات الإعدام الأخيرة في العراق مثيرة للقلق ومثبطة للهمم، وعلى مدى سنوات ابتلي النظام القضائي العراقي بإرث من انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، مما أدى إلى بقاء الآلاف تحت طائلة الإعدام، بعد محاكمات بالغة الجور".

وأضافت أن "عمليات الإعدام التي تُنفذ بعد محاكمات لا تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، قد ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة، ويجب على الحكومة العراقية أن تعلن فوراً وقفاً رسمياً لتنفيذ أحكام الإعدام، وأن تعمل على إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل". 

من جهته، دعا المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، الأمم المتحدة والجهات الدولية إلى "الضغط على الحكومة العراقية لوقف عقوبة الإعدام، لأنها تجري بشكل تعسفي، وعلى أساس اعترافات يجري انتزاعها من المتهمين بالتعذيب والإكراه"، مؤكداً في بيان له أنّ "تطبيق الإعدامات التعسفية يبرز فشل منظومة القضاء في الوفاء بالمعايير الدولية المتعلقة بالمحاكمات العادلة".

وبيَّن المركز الحقوقي أنّ "بعض المعتقلين يُنفذ فيهم حكم الإعدام من دون الرجوع إلى التصديق من رئاسة الجمهورية، ما يجعل إيقاف عقوبة الإعدام في العراق أمراً لازماً، لأنها تجري بشكل تعسفي، وعلى أساس اعترافات يجري انتزاعها من المتهمين بالتعذيب والإكراه"، كما أنّ "عمليات الإعدام التي يجري تنفيذها بشكل ممنهج عقب المحاكمات هي بالغة الجور، حيث أعدم ما لا يقل عن خمسين شخصاً في سجن الناصرية خلال فبراير/ شباط الماضي، فضلاً عن ترك المعتقلين يموتون جراء الأمراض التي تصيبهم من دون أي رعاية"، وفقاً لبيان المركز.

ويقع سجن الحوت في مدينة الناصرية، ضمن محافظة ذي قار، جنوبي العراق، ويضمّ نحو 40 ألف معتقل، وهو أكبر السجون العراقية بعد إغلاق سجن أبو غريب، ويلقبه مراقبون بالسجن "سيئ الصيت"، بسبب كثرة الانتهاكات وحالات الوفيات الناجمة عن التعذيب والضرب وسوء التغذية وتفشي الأمراض. 

من جهته، قال عضو نقابة المحامين العراقيين، محمد أسعد، إنّ "العراق يتحوّل تدريجياً إلى أكثر دول المنطقة في تنفيذ أحكام الإعدام بطرق مستعجلة، وأحياناً تخرق المعايير والقوانين في التعامل مع المحكومين"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "هناك عيوباً واضحة بالنسبة للقانونيين في التعامل مع المتهمين، وهناك تعسف في بعض الأحيان، ولدينا مئات الأبرياء محكومون ما بين الإعدام والمؤبد، وتعرضوا إلى التنكيل والتعسف في المعاملة والتهم الكيدية".

ويعتبر ملف السجناء العراقيين، خصوصاً المحكوم عليهم بالإعدام، والذين يتجاوز عددهم 17 ألف شخص، من أبرز القضايا التي شكّلت جدلاً سياسياً وشعبياً وإعلامياً واسعاً في البلاد خلال السنوات الماضية، إذ أدين معظمهم وفقاً لمعلومات "المخبر السري"، والاعترافات تحت الإكراه والتعذيب، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية عراقية وأجنبية. وسبق أن وعدت القوى العربية السُّنية جمهورها، خلال الانتخابات الأخيرة، بالمضي في إقرار قانون العفو العام، الذي يتضمن توفير ظروف قانونية لإعادة محاكمة السجناء، لضمان العدالة القضائية، لكن هذا الوعد يواجه عراقيل كثيرة من قبل الأحزاب القريبة من إيران.

المساهمون