العراق: تراجع خطر "داعش" لا يغني عن التحالف الدولي

24 نوفمبر 2021
كثفت القوات العراقية عملياتها ضد "داعش" (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يؤكد مسؤولون عسكريون في العراق تراجع نشاط عناصر تنظيم "داعش"، في المناطق التي كان يستغلها كمخابئ له خلال السنوات الأربع الماضية، والتي أعقبت هزيمته وتحرير جميع المدن العراقية التي احتلها في شمال البلاد وغربها، فيما تشير القيادة العسكرية العراقية إلى ضرورة بقاء العمل المشترك مع طيران التحالف الدولي، على الرغم من المعارضة السياسية للوجود الأجنبي في البلاد من قبل القوى السياسية والفصائل المسلحة الحليفة لإيران. وأعلنت قيادة العمليات العراقية المشتركة، أمس الثلاثاء، انطلاق عملية "برق السماء" العسكرية الواسعة لتعقب بقايا تنظيم "داعش"، في مناطق متفرقة من البلاد بمشاركة طيران التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة. وأفادت القيادة في بيان بأن "العملية انطلقت بإشراف قيادة العمليات المشتركة، وكتائب الاستطلاع لفرق وقيادات العمليات في الجيش العراقي وصنوف عسكرية أخرى، وبإسناد جوي من طيران الجيش والقوة الجوية وطيران التحالف الدولي".


عملية "برق السماء" تشمل جميع مناطق العراق

وبحسب المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، فإن عملية "برق السماء" تشمل جميع مناطق العراق، مشيراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "القيادة العسكرية استحدثت طرق عمل جديدة ومبتكرة، ومنها كتائب الاستطلاع المسلح في سبيل تغطية المناطق التي يصعب على قوات الجيش والشرطة الوصول إليها". ولفت إلى أن "العملية العسكرية التي تشرع بها القوات العراقية دائماً ما تكون مدعومة بالقوة الجوية العراقية وطيران التحالف الدولي"، مشيراً إلى أنه ليس من المنطقي الإشارة إلى تأثر القوات العراقية في حال انسحابه، بل لا بد من استمرار العمل المشترك مع التحالف الدولي، لامتلاكه المعلومات الأمنية والاستخبارية والإمكانات للإطاحة برؤوس التنظيم. وشدّد على أنه لا بد من التأكيد على أن مهام التحالف الدولي تبدلت، ولم تعد قوات قتالية بل قوات مساندة وتقدم الاستشارات والمعلومات للقوات العراقية. وأكد أن "في العراق لا تزال بعض المناطق تمثل بقع تجمع لعناصر التنظيم، ومنها سلسلة جبال حمرين وجبال قرجوغ ووديان الشاي زغيتون في كركوك وقرى في جنوب غربي نينوى وفي صحراء الأنباء وبحيرة حمرين في ديالى وأخرى في شمال محافظة صلاح الدين، وجميعها تحتاج إلى ضربات جوية منسقة بين القوة الجوية العراقية والتحالف الدولي".

من جهته، أشار عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق بدر الزيادي، إلى أن "خطر داعش لا يزال مستمراً، ولا يمكن أن تنكر القوات العراقية هذا الأمر، كما أن المعلومات الاستخبارية تشير إلى محاولات دائمة ومتواصلة لعناصر التنظيم من الانغماسيين وبعض الانتحاريين، لاقتحام بعض المدن المحررة وأخرى في وسط البلاد ومنها العاصمة بغداد، لكن القوات العراقية عادة ما تحبط هذه النوايا لدى الإرهابيين بعمليات استباقية نوعية". وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "القوات العراقية وما تملكه من جيش وشرطة وصنوف قتالية أخرى ومعلوماتية وجوية، باتت أفضل من السابق، وتحديداً في فترة الانهيار الأمني الذي تسببت به حكومات ما قبل 2014، وليس هناك حاجة لاستخدام التحالف الدولي، لكن هناك إرادة سياسية لبعض الجهات في سبيل بقاء التعاون مع التحالف الدولي والقوات الأميركية المرفوضة برلمانياً".

لكن عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل محمد باجلان، لفت في حديثٍ مع "العربي الجديد" إلى أن "التحالف الدولي قدم مساعدات كثيرة للقوات العراقية وقوات البيشمركة من ناحية التغطية الجوية أثناء المعارك والتدريب وتقديم المعلومات، ولا يزال العراق بحاجة لهذه الجهود، خصوصاً مع عدم انتهاء خطر التنظيم بوجود تجمعات لعناصره ومخابئ، وحدوث عمليات انتقامية من بعض القرى العراقية، ومنها ديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى". واعتبر أنه "ليس من الحكمة الاستغناء عن جهود التحالف الدولي في الوقت الحالي، وحتى على مستوى المستقبل، لأن العراق لا يزال ضعيفاً في مجالات التقنيات العسكرية الحديثة". وأكد أن "إدارة إقليم كردستان مستمرة بالتعاون مع التحالف الدولي ولا تريد أن ينتهي دوره حالياً، لأن الإقليم لديه امتداد حدودي مع مناطق تشهد وجوداً لعناصر التنظيم، بالتالي فإن الطلعات الجوية التي تقوم بها طائرات التحالف تخدم أمن إقليم كردستان".


الحكومة العراقية الحالية لا تريد التخلي عن جهود التحالف الدولي في مواجهة تنظيم داعش

بدوره، رأى الخبير الأمني سرمد البياتي أن "الحكومة العراقية الحالية لا تريد التخلي عن جهود التحالف الدولي في مواجهة تنظيم داعش، لأجل تصفية تحرك ونشاطات الجماعات الإرهابية، إضافة إلى إنهاء المخاطر التي تحيط بالأهالي في المدن المحررة، خصوصاً أن الكثير من زوايا تلك المناطق لا تزال غير مطهرة، وتحتاج إلى طيران التحالف الدولي والتقنيات الاستخباراتية". وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك حاجة للإمكانات المتوفرة لدى التحالف الدولي، وهي مهمة لتحقيق نتائج عسكرية هامة بالنسبة للعراقيين".

وكان التحالف الدولي للحرب على تنظيم "داعش" بقيادة الولايات المتحدة قد أكد أخيراً أن دوره في العراق لن يتغيّر مع قرب انسحاب القوات الأميركية القتالية من البلاد بحلول نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل. ووفقاً للمتحدث باسم قوة المهام المشتركة، مدير الشؤون العامة في التحالف الدولي جويل هاربر، فإنّ "دور التحالف الدولي في العراق لن يتغيّر، وسينتقل من العمليات القتالية إلى دور الاستشارة والتمكين، والمساعدة". وكشف في تصريحات إعلامية: "نحن الآن بالفعل نقوم بهذا الدور إلى حد كبير، لذلك لن يكون هناك تغيير ديناميكي في الأرقام أو المهمة التي لدينا هنا الآن". وكان المتحدث باسم القائد العام للقوات العراقية المسلحة اللواء يحيى رسول، قد ذكر في وقتٍ سابق أنّ قوات التحالف المكلفة بمهام قتالية باشرت بالانسحاب، مشيراً إلى أن هناك جهوداً مستمرة من أجل استكمال عملية الانسحاب بحلول تاريخ 31 ديسمبر 2021، وأن الانسحاب جارٍ على قدم وساق.

المساهمون