يتحدث سياسيون ومراقبون عراقيون عن خلاف جديد داخل تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، على خلفية نيّة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إجراء تغييرات على عدد من المحافظين، بخاصة ممن يواجهون اتهامات بالفساد أو سوء الإدارة. ويحذر هؤلاء من أن الخلافات بين السوداني وقادة من الإطار التنسيقي قد تدفع باتجاه تشظي التحالف بينهما في حال استمرارها.
فقد أعلن رئيس الوزراء، في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تشكيل لجنة لتقييم أداء المحافظين، مؤكداً أنه ستكون هناك تغييرات لكل من يُثبت عليه خلل إداري أو فساد. وبدا لافتاً توافد عدد من المحافظين إلى بغداد عقب الإعلان وإجراؤهم لقاءات مع قيادات سياسية نافذة، أبرزها زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي.
السوداني يعتزم تغيير محافظين
وتحدّث نائبان في البرلمان لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم الكشف عن اسمهما، عن نية السوداني إجراء تغييرات بمناصب المحافظين بعد الانتهاء من برنامج جولاته الخارجية.
وقال أحدهما إن "الخلافات داخل التحالف بشأن هذه التغييرات واسعة، لكنها غير معلنة". وأضاف: "السوداني وعد بأن يتم استبدال المحافظ بآخر من نفس نسيجه السياسي، لوقف اعتراضات القوى الموجودة داخل تحالف الإطار أو خارجه".
نافع: التحركات لتغيير المحافظين الفاشلين جديّة
من جهته، ذكر النائب الآخر بأن السوداني يعتبر أن من صلاحياته إجراء هذه التغييرات حالياً، نظراً لغياب مجالس المحافظات التي منحها الدستور حق انتخاب المحافظ.
في المقابل، أكدت النائبة المستقلة في البرلمان نور نافع لـ"العربي الجديد" أن "التحركات لتغيير المحافظين الفاشلين جدية، وهناك تواصل مباشر مع رئيس الحكومة من أجل ذلك". وتابعت: "عقدنا لقاءات مع السوداني، وسلمناه خلالها ملفات تشير إلى فشل وفساد بعض المحافظين، وأطلعناه بشكل دقيق على واقع المحافظات في الوسط والجنوب".
كذلك لفتت نافع إلى أن "السوداني قرر وقتها تشكيل لجنتين عاليتي المستوى للتحقيق بكل الملفات التي سلمت لتقييم عمل المحافظين". وأشارت إلى أن "رئيس الحكومة وعدنا باتخاذ إجراءات تعمل على تصحيح الوضع الإداري وتهدف إلى تحسين الوضع الخدماتي في المحافظات، مع ضرورة التأكيد أن هذه القرارات والإجراءات يجب أن تتطابق مع القانون".
وأوضحت أنه "حتى بعض المحافظين الذين لا يتمتعون بنفوذ سياسي ذهبوا الآن صوب الشخصيات والكتل الكبيرة ليحافظوا على مناصبهم". وأضافت: "لجأنا كنواب مستقلين إلى القضاء، وسلمناه ملفات كبيرة تخص الخروقات القانونية التي يمارسها المحافظون في إدارة المحافظات، من خلال إحالة المشاريع والتغييرات الإدارية وتسليط متنفذين على مقدرات المحافظات".
خلاف بين المالكي والسوداني حول آلية اختيار المحافظين
في المقابل، أكد النائب عن قوى "الإطار التنسيقي" جواد الغزالي أن تحالفه "اتفق قبل تشكيل الحكومة على إجراء تغييرات إدارية في المحافظات التي ثبُت تلكؤ محافظيها خلال الفترة السابقة، وأن هذا الاتفاق ما زال سارياً".
ولفت إلى أن "رئيس الوزراء يعمل على تنفيذ هذا الاتفاق وفقاً لرؤية وبرنامج حكومي مُعدّ". وأضاف "يعتقد البعض أن التأخير في هذه التغييرات ناجم عن خلاف سياسي، وهذا أمر مخالف للحقيقة، وإنما هناك بعض العقبات القانونية تؤخر ذلك".
الغزالي: لا وجود لأي خلاف أو صدام داخل الإطار التنسيقي
كذلك أكد الغزالي أن "السوداني شكل لجنة عالية المستوى بدأت بتقييم عمل المحافظين، وتعمل على إيجاد طرق قانونية تمكنه من إحداث هذا التغيير الإداري"، كاشفاً عن وجود أربع محافظات سيطاولها التغيير بالأيام المقبلة من دون الإفصاح عن تلك المحافظات.
وأشار إلى أنه "لا وجود لأي خلاف أو صدام داخل الإطار التنسيقي، وإنما هناك وجهات نظر تتباين في بعض الأحيان، إلا أنها لا تخرج من الرؤية السياسية للإطار".
في غضون ذلك، رأى الباحث في الشأن السياسي حليم الفتلاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التصريحات الإعلامية للقوى السياسية المكونة للإطار التنسيقي تؤشر إلى حجم الخلاف الكبير بينها".
وبيّن أنّ "خلافاً آخر بدأ يتمحور داخل الإطار حول كيفية اختيار المحافظين الجدد، إذ يتبنى المالكي فكرة أن يكون التوزيع الجديد وفقاً للثقل السياسي للكتل حالياً، بينما يتبنى السوداني رؤية تفيد بأن يكون التوزيع الجديد وفقاً لآخر انتخابات لمجالس المحافظات التي أجريت عام 2013".
وأوضح الفتلاوي أنّ "رؤية السوداني تأتي كونه لا يريد إقصاء التيار الصدري الغائب حالياً عن التمثيل السياسي، وحتى لا يصطدم معه حين يقدم على تغيير محافظين تابعين للتيار". وأضاف: "هذا ما يتعارض مع رؤية قوى داخل تحالف الإطار تعمل على إضعاف خصمها التيار الصدري داخل المشهد السياسي، لا سيما جنوب العراق".
ويأتي التوجه نحو استبدال المحافظين، ضمن الاستعدادات الحالية لإجراء انتخابات محلية من المفترض أن تجرى في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وهو ما تعوّل عليه القوى السياسية لبسط نفوذها على إدارة المحافظات.