تتبادل القوى السياسية الكردية مع قوى الإطار التنسيقي، الذي يجمع حلفاء إيران، الاتهامات بشأن عرقلة حراك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بسبب الخلافات الداخلية ما بين القوى الكردية–الكردية، والشيعية–الشيعية.
يجري ذلك مع مساعٍ يبذلها "الإطار التنسيقي" لإعادة تنشيط عمل البرلمان الذي تعطل لنحو شهرين بسبب الأزمة السياسية، إذ عقد اليوم جلسة اعتيادية وقرر عقد أخرى بعد غد الاثنين، بينما خلا جدول أعمال الجلستين من ملف رئاسة الجمهورية، ما قد يؤخر مساعي تشكيل الحكومة.
وتعثرت وساطات عدة للتوفيق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين للتوصل إلى "مرشح تسوية" للرئاسة من قبل أطراف داخلية وخارجية، إذ يتمسك "الاتحاد الوطني الديمقراطي" بمرشحه برهم صالح، في مقابل تمسّك "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الحاكم في أربيل بمرشحه ريبر أحمد خالد.
وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد": "لا علاقة للخلاف الكردي – الكردي على رئاسة الجمهورية بتأخير تشكيل الحكومة الجديدة، بل إن الخلاف ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، الذي يعرقل أيضاً تشكيل الحكومة، وهذا الشيء لا يخفى على أي أحد".
وأوضح أن "الخلاف حول رئاسة الجمهورية في طريقه إلى الحل وهناك حوارات مستمرة ما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، لكن في الوقت نفسه لا توجد أي حوارات ومفاوضات وأي تواصل ما بين التيار والإطار، وهذا ما يؤكد حدة الخلاف ما بين الطرفين".
وأضاف أن "تشكيل الحكومة غير ممكن دون الوصول إلى تفاهم واتفاق ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وحتى وإن اتفق الكرد قريباً على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، لا يمكن عقد جلسة انتخابه دون اتفاق الإطار مع التيار على ذلك، خشية من أي تصعيد من قبل أنصار الصدر في الشارع. ولهذا، الخلاف الشيعي–الشيعي هو ما أخر تشكيل الحكومة طوال الأشهر الماضية".
القيادي في الحزب الإسلامي الكردستاني، النائب جمال كوجر، أكد لـ"العربي الجديد"، أن "القوى الكردية تنتظر حسم الخلاف ما بين القوى السياسية الشيعية (التيار الصدري والإطار التنسيقي)، حتى تحسم أمرها باختيار مرشح واحد لرئاسة الجمهورية أو الذهاب للبرلمان بمرشحين".
وأضاف أن "القوى السياسية الكردية تدرك جيداً أن الاتفاق حالياً على حسم ملف رئاسة الجمهورية بشكل توافقي أو من خلال الحسم تحت قبة البرلمان كما جرى في سنة 2018، لن يدفع إلى تشكيل الحكومة في ظل الخلاف والصراع ما بين التيار والإطار، ولهذا الكل ينتظر حالياً حصول تفاهم ما بين القوى الشيعية حتى يكون هناك حراك حقيقي لتشكيل الحكومة".
وأكد أن "الحوارات ما بين القوى الكردية ما زالت قائمة ولم تتوقف، وهناك مساعٍ لحصول اتفاق على حسم ملف رئاسة الجمهورية خلال الفترة المقبلة، لكن هذا الخلاف ليس هو ما يعرقل ويؤخر عملية تشكيل الحكومة إطلاقاً، بل الخلاف ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي هو ما يعرقل تشكيل الحكومة، خصوصاً مع عدم وجود حوارات ما بين الطرفين حتى الساعة".
من جهته، ألقى القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي بالمسؤولية على الكرد، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الخلاف الكردي–الكردي على رئاسة الجمهورية هو حالياً ما يؤخر ويعرقل عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وخصوصاً مع وجود دعم سياسي كبير من قبل الأغلبية في البرلمان على الإسراع بعملية تشكيل الحكومة".
ونفى أي علاقة لخلاف تحالفه مع التيار الصدري بملف تشكيل الحكومة، مشدداً على أن "الكرد لم يستطيعوا الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، في وقت تمكن الإطار من ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء"، مشيراً إلى أن "بقاء الخلاف الكردي – الكردي بلا حسم خلال الأيام القليلة المقبلة، سيدفع الكتل والأحزاب إلى عقد جلسة برلمانية خاصة لانتخاب رئيس الجمهورية، ويترك حسم اختيار الرئيس الجديد بين النواب، فلا يمكن الانتظار أكثر وكل تأخير في تشكيل الحكومة سيزيد من المشاكل الداخلية على الأصعدة كافة".
ويتطلب عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد حضور ثلثي عدد نواب البرلمان (220 من أصل 329)، وفقاً لما كانت قد قررته المحكمة الاتحادية العليا، وسط مخاوف من عدم تحقيق النصاب في حال فشل القوى الكردية في التوصل إلى اتفاق على مرشح واحد يمثلها.
وتكمن أهمية اختيار رئيس جديد للبلاد في أن الدستور ألزم بأن يتولى الرئيس المنتخب داخل البرلمان، في الجلسة نفسها، تكليف مرشح "الكتلة الكبرى" بتشكيل الحكومة.
ولا يتمتع منصب رئاسة الجمهورية في العراق بأي صلاحيات تنفيذية، بحسب الدستور الذي أُقرّ عام 2005 في استفتاء شعبي، عقب نحو عامين من الغزو الأميركي، إذ حُصرت الصلاحيات التنفيذية بشكل كامل في يد رئيس الحكومة، بينما مُنح رئيس الجمهورية مهامّ تشريفية، مثل توقيع المراسيم الجمهورية، وتقليد الأوسمة والأنواط، وتقديم مقترحات للقوانين والتشريعات، وتمثيل العراق في المحافل الدولية، فضلاً عن تكليف مرشح الكتلة الكبرى في البرلمان تشكيل الحكومة.