العراق: الفصائل ترفض التراجع عن التصعيد ضد الأميركيين

09 يوليو 2021
أضرار في الأنبار بعد قصف استهدف قاعدة عين الأسد الأربعاء (أيمن حنا/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر عراقية رفيعة في العاصمة بغداد، أمس الخميس، لـ"العربي الجديد"، عن جهود جديدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بمساعدة مستشاره للأمن الوطني قاسم الأعرجي، تهدف إلى وقف الهجمات على القواعد والمقرات العسكرية الأميركية، إضافة إلى المنطقة الخضراء وسط بغداد. وأكدت قيادات بارزة في فصائل مسلحة تلك الوساطات ومساعي التهدئة، لكنها وصفتها بأنها "متأخرة".

وشهدت بغداد، فجر أمس الخميس، هجوماً جديداً على المنطقة الخضراء، حيث تقع السفارة الأميركية، بواسطة ثلاثة صواريخ إضافة إلى طائرة مسيّرة. وتصدت منظومة الدفاع الجوي الموجودة في حرم السفارة للهجوم. فيما أكد بيان عراقي أنّ من وصفها بـ"جماعات خارجة عن القانون" نفذت الهجوم، وأن أحد الصواريخ سقط قرب مبنى الأمن الوطني العراقي.

هجوم جديد على المنطقة الخضراء بثلاثة صواريخ وطائرة مسيّرة

وهذا الهجوم هو الخامس من نوعه، بعد سلسلة هجمات عنيفة ومتواصلة منذ مساء الثلاثاء الماضي، استهدفت مطار أربيل ومعسكر فيكتوريا قرب مطار بغداد الدولي وقاعدة "عين الأسد" في الأنبار، وأخيراً السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء في بغداد. وتبنت فصائل مسلحة عدة تلك الهجمات، وقالت إنها رد على الهجوم الأميركي الذي استهدف وحدات تابعة لها في المنطقة الحدودية العراقية السورية، قبل أكثر من أسبوع. كما سُجّل هجوم مماثل بطائرات مسيّرة على حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي في سورية، حيث تتواجد قوات أميركية، من دون أن يسفر عن خسائر.

وقال مسؤول عراقي رفيع في بغداد، تحدث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، إن تحركات جديدة وواسعة يجريها الكاظمي والأعرجي لوقف التصعيد بشكل سريع، قبل أن تتخذ واشنطن قرار تنفيذ هجمات جديدة على الفصائل المسلحة. ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك علاقة بين تصعيد الفصائل المسلحة وزيارة مسؤول الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، إلى بغداد قبل يومين، قال "نعم أعتقد أن الزيارة انعكست بشكل سلبي ولم تكن لغرض التهدئة". وتحدث عن "بدء العراق رسمياً التواصل مع مسؤولين في طهران، بهدف المساعدة في احتواء هذا التصعيد الجديد والمخاوف من تطوره إلى مدى أوسع".

في المقابل، علمت "العربي الجديد" من مصادر مقربة من "الحشد الشعبي"، أن مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق، جنين هينيس-بلاسخارت، دخلت أيضاً على خط التهدئة وأجرت اتصالات مع أطراف عدة، من بينها رئيس أركان "الحشد الشعبي" عبد العزيز المحمداوي، الملقب بـ"أبو فدك". ولفتت المصادر إلى أن قرار التصعيد الحالي اتُخذ بقرار مشترك من قبل فصائل مسلحة عدة، أبرزها "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، وهي الفصائل الأكثر ارتباطاً بإيران من غيرها في العراق.

بدأ العراق رسمياً التواصل مع مسؤولين في طهران بهدف المساعدة في احتواء التصعيد

وتحدثت المصادر عن عمليات نقل وتغيير مستمرة في مواقع تلك الفصائل ومعسكراتها شملت إخلاء قسم منها من العناصر، تحسباً لضربات أميركية، بينما تم إخلاء مقرات عديدة في المنطقة الحدودية العراقية السورية، ودخول عناصر الفصائل إلى داخل الأراضي العراقية ضمن منطقة القائم وحصيبة ومكر الذيب.

وحول هذه الأوضاع، قال نائب زعيم مليشيا "الأبدال"، كمال الحسناوي، في حديث مقتضب مع "العربي الجديد"، إن "التصعيد ضد الأميركيين لن يتوقف، وهذا القرار اتُخذ ولا تراجع عنه"، واصفاً تحركات الحكومة للتهدئة بأنها أصبحت "متأخرة". وأضاف الحسناوي أن عودة التصعيد جاءت لسببين؛ "الأول، لأخذ ثأر شهداء العدوان الأميركي، والثاني بعد التأكد من عدم وجود رغبة أميركية حقيقية بالانسحاب من العراق، وإخفاق حكومة الكاظمي بشكل متعمد أو غير متعمد، في تطبيق قرار البرلمان العراقي، القاضي بإخراج كل القوات الأجنبية من العراق".

من جهته، قال المتحدث باسم مليشيا "كتائب سيد الشهداء"، الشيخ كاظم الفرطوسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى صباح (أمس) الخميس، تم رفض وساطات وشفاعات سياسية وحكومية وغيرها من أجل العودة إلى التهدئة"، مضيفاً "قرار التصعيد اتُخذ ودخل حيز التنفيذ، ولا تراجع عنه".

ولفت الفرطوسي إلى أن "فصائل المقاومة الإسلامية، سبق وأن أعطت الوقت الكافي للحكومة من أجل إخراج القوات الأميركية، لكنها فشلت، بل وعملت على تعزيز هذا الوجود بعناوين ومبررات جديدة". وأضاف أنّ "فشل الحكومة في إخراج الأميركيين بالطرق السياسية والدبلوماسية واستمرار تعديهم في العراق وهجماتهم المتكررة، دفع فصائل المقاومة إلى اتخاذ القرار العسكري ضد القوات المحتلة، خصوصاً بعد العدوان الأخير لهذه القوات على الحدود السورية". وتحدث عن أن من وصفها بـ"فصائل المقاومة العراقية"، "انتهت من تجهيز كل الإمكانيات لهذه المواجهة مع قوات الاحتلال الأميركية، والتصعيد ضد المصالح الأميركية لا يشمل ما في داخل العراق فقط، بل حتى خارج حدوده".

التميمي: تصعيد الفصائل العراقية ضد الأميركيين، جاء بقرار وتوجيه من طهران

وعن ذلك، قال السياسي العراقي المستقل غيث التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تصعيد الفصائل العراقية ضد الأميركيين، جاء بقرار وتوجيه من طهران، خصوصاً أن هذا الأمر اتفقت عليه الفصائل بعد اجتماعها مع مسؤول الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، في العاصمة العراقية بغداد أخيراً". واعتبر التميمي أن طائب "هو من أعطى أوامر التصعيد العسكري ضد الأميركيين، خصوصاً أن هذا الأمر جاء بعد تعثر المفاوضات بين طهران وواشنطن بخصوص الملف النووي الإيراني، وكذلك مع عدم وجود نية أميركية بالانسحاب من العراق حالياً". وأضاف أن "الحكومة تعرف جيداً من يقف خلف عمليات القصف بالصواريخ والطائرات المسيرة أو استهداف الأرتال بالعبوات الناسفة، خصوصاً أن شخصيات حكومية تجلس مع هذه الجهات وتفاوضها على التهدئة مع الأميركيين، بدلا من أن تطبق عليها القانون، كونها تقوم بعمليات إرهابية".

في المقابل، قال المحلل السياسي والأمني العراقي علي البيدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "عمليات القصف التي تنفذها الفصائل المسلحة، تأتي حالياً في أطر عديدة، تتمثل في محاولة تلك الجهات فرض إرادتها على المستوى السياسي والاقتصادي، بل وحتى الاجتماعي، استعداداً للانتخابات المقبلة، من أجل زيادة عدد مقاعدها النيابية، والتي تمنحها مناصب حكومية تستطيع تمويل أنشطتها من خلالها". واعتبر أنّ "الفصائل المسلحة تسعى إلى جر الولايات المتحدة إلى حالة الفعل ورد الفعل".

المساهمون