العراق: الحكيم يقود وساطة لإعادة الصدر للعملية السياسية

17 يونيو 2022
علاقة جيدة تجمع الصدر والحكيم (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

بدأ رئيس "تيار الحكمة" في العراق، عمار الحكيم، حراكاً سياسياً لا يبدو أنه مضمون النتائج، لثني زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر عن قرار انسحابه من العملية السياسية، وإعادة نوابه إلى البرلمان العراقي. ويؤكد هذا الحراك وجود تباين داخل تحالف "الإطار التنسيقي" حيال الموقف من المضي بتشكيل الحكومة الجديدة بعيداً عن الصدريين، بين من يدفع لذلك وبين من يتخوف من تبعات سلبية لإقصاء الصدر.

وتستند فكرة المتحفظين داخل تحالف "الإطار التنسيقي"، المدعوم من طهران، بشأن تشكيل الحكومة من خلال التحالف من دون "التيار الصدري" الفائز الأول بالانتخابات، إلى احتمالية تحريك الصدريين ورقة الشارع، علماً أن التيار أفضل من يجيد استعمالها عراقياً. يضاف إلى ذلك تخوّف من إضعاف شرعية العملية السياسية التي سمحت بإقصاء الفائز الأول في الانتخابات وتعزيز الانقسام داخل المكون السياسي الشيعي.

محاولة صعبة لثني الصدر عن الانسحاب

وقال رحيم العبودي، القيادي في "تيار الحكمة"، الذي يُعتبر أحد أطراف "الإطار التنسيقي"، إن الحكيم "بدأ وساطة لثني الصدر عن قرار الانسحاب من العملية السياسية". وأكد لـ"العربي الجديد"، بدء حراك الوساطة أمس الخميس باتجاه الصدر، من دون توضيح ما إذا جرى تواصل مباشر بين الطرفين أم لا، لكنه أشار إلى وجود "علاقات طيبة وجيدة" بين الرجلين.

ووفقاً للعبودي فإن "الصدر عمل خلال الفترات الماضية على سحب الحكيم من الإطار التنسيقي للمشاركة في حكومة الأغلبية، التي أراد الصدر تشكيلها"، متحدثاً عن وجود تأييد سياسي من بعض أطراف "الإطار التنسيقي" لوساطة الحكيم.


قيادي في "الحكمة": في حال فشل الوساطة، فإن المضي بتشكيل الحكومة من قبل الإطار التنسيقي، سيكون أمراً واقعاً

ولم يكشف عن ماهية الوساطة أو سبل إقناع الصدر بالعودة، وما إذا كانت تتضمن الإقرار بحقه في تشكيل الحكومة، من عدمه، لكنه أقر بصعوبة مهمة إقناع الصدر بالعدول عن قراره وعودته ونواب كتلته البرلمانية إلى العملية السياسية.

وأضاف أنه "في حال الإخفاق بهذه الوساطة، فإن المضي بتشكيل الحكومة من قبل الإطار التنسيقي، سيكون أمراً واقعاً، باعتباره الممثل السياسي الوحيد للمكوّن الشيعي الذي تقع عليه مسؤولية تشكيل الحكومة، من خلال إنشاء تحالفات سياسية جديدة، وفق تطورات المشهد الجديدة".

وفي أول ظهور له عقب قرار استقالة أعضاء الكتلة الصدرية من البرلمان، قال الصدر في لقاء جمعه مع نواب كتلته المستقيلين في مدينة النجف، مساء الأربعاء: "قررت الانسحاب من العملية السياسية، حتى لا أشترك مع السياسيين الفاسدين بأي شكل من الأشكال". ولوّح بمقاطعته الانتخابات المقبلة أيضاً إذا شارك فيها "الفاسدون"، معتبراً أن هذا القرار "عهد مني"، وهو ما اعتبره مراقبون بأنه رد على تصريحات بعض السياسيين حول إمكانية عودة الصدر عن قراره.

المالكي يتحرك لتشكيل الحكومة

واختزل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي خلال اليومين الماضيين حراك تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم عدة قوى أخرى إلى جانب تحالف المالكي، أبرزها "الفتح" بزعامة هادي العامري، و"النصر" بزعامة حيدر العبادي، و"تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم"، و"عطاء" بزعامة فالح الفياض، و"المجلس الأعلى" بزعامة همام حمودي.

فقد عقد المالكي عدة لقاءات مع قوى سياسية مختلفة، تتعلق بتشكيل الحكومة، أبرزها مع رئيس كتلة "عزم" التي تمتلك 8 مقاعد برلمانية، مثنى السامرائي، ومع زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني، في مدينة السليمانية في إقليم كردستان، وهو حزب يمتلك 17 مقعداً. كما عقد المالكي لقاء مع ريان الكلداني، زعيم مليشيا "بابليون" التي تمتلك جناحاً سياسياً وحققت 4 مقاعد برلمانية، إلى جانب لقاء عقده أمس الخميس مع عدد من النواب الذين فازوا بشكل منفرد في البرلمان ولا ينضوون ضمن أي كتل أو أحزاب.


أكثر المتحمسين لتشكيل الحكومة الجديدة من داخل قادة التحالف هو المالكي

وقال مصدر رفيع من داخل قوى "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إن أكثر المتحمسين لتشكيل الحكومة الجديدة من داخل قادة التحالف هو المالكي، مقابل تحفّظ بعض الأطراف، وتخوّف آخرين من مآلات ذلك، مثل الخوف من استفزاز الصدر وتحريكه الشارع بعد شهر أو اثنين، وآخرين يرون أن تشكيل الحكومة من قبل قوى غير فائزة بالانتخابات التفاف يضعف شرعية العملية السياسية دولياً، ويعزز الانقسام الشيعي ـ الشيعي.

وقال إن "رفض الصدر لوساطة الحكيم قد يفضي إلى مقترح ثالث، وهو الإبقاء على حكومة مصطفى الكاظمي إلى حين التحضير لانتخابات جديدة، حتى لو كانت بداية العام المقبل". وأشار إلى "أهمية الالتفات إلى مسألة وجود تناغم سياسي بين القوى السنّية والكردية في هذه الأزمة، وسبب ميلهم للتيار الصدري من دون القوى الشيعية الأخرى".

من جهته، قال السياسي المقرب من "التيار الصدري" فتاح الشيخ، لـ"العربي الجديد"، إن وساطات مختلفة تجري الآن في النجف تجاه الصدر، وبعضها من أطراف خارجية. ورأى الشيخ أن "مضي الإطار التنسيقي بعملية تشكيل الحكومة من دون الصدريين صعب، وهناك أطراف داخل الإطار لديها تخوف من هذا التوجه".

واعتبر أن "المشهد متجه نحو أمرين، إما حل البرلمان والتوجّه إلى انتخابات جديدة، أو الإبقاء على حكومة مصطفى الكاظمي والاستمرار بالوضع الحالي"، مضيفاً أن "تشكيل حكومة جديدة ليس مستحيلاً، لكنه صعب جداً، ولا أعتقد أن القوى السياسية سوف تجازف بهكذا قرار مع عدم دعم التيار الصدري لهذا التوجه".

وقدّم نواب الكتلة الصدرية، مطلع الأسبوع الحالي، استقالاتهم من البرلمان، وقرر الصدر الانسحاب من سباق تشكيل الحكومة، رداً على مساعي الالتفاف على نتائج الانتخابات التي حققت فيها كتلته المرتبة الأولى، ورفض القوى السياسية المنافسة له تشكيل حكومة من خارج ما تسميه "البيت السياسي الشيعي".

وقال المحلل السياسي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن الصدر وخلال مرات سابقة أعلن انسحابه من العملية السياسية ومن الانتخابات البرلمانية، لكنه تراجع عن قراره بعد وساطات وتدخلات من أطراف عديدة، إضافة إلى تقديم ضمانات له وفق ما يريده هو من شروط. لكنه أشار إلى أن "انسحاب الصدر الحالي يختلف تماماً عن أي قرار سابق مماثل، وتراجعه الآن صعب وقد لا تبدو الوساطات باتجاهه مؤثرة".

واعتبر الشريفي أن "المشهد السياسي في العراق غير واضح، كما أن العملية السياسية أمام سيناريوهات عديدة خلال المرحلة المقبلة، تبدأ بالتظاهرات، مروراً بالاعتصامات وحتى حل البرلمان، ولا يمكن التكهن بأي قرار أو سيناريو ستستقر عليه الصورة في النهاية".

ترقب لموقف حلفاء الصدر

جاء ذلك فيما كان يُرتقب عقد اجتماع مهم في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، يضم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، وزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، لاتخاذ موقف موحد من دعوة قوى "الإطار التنسيقي" لتشكيل الحكومة الجديدة من دون مشاركة "التيار الصدري".

وقال القيادي في تحالف السيادة، محمد قتيبة البياتي، في تصريحات للتلفزيون الحكومي العراقي (قناة العراقية)، إن "قادة تحالف السيادة يستعدون لعقد اجتماع في أربيل مع قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني لبحث الموقف من تطورات الأزمة"، مبينا أن الاجتماع قد يعقد مساء (أمس) الخميس أو اليوم الجمعة، مضيفاً أن التحالف بين "السيادة والحزب الديمقراطي متماسك وسيدخلون بمسار واحد في مواقفهم من الأزمة".

من جهته، اعتبر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد صديق، أن الحل للأزمة الحالية هو بالتوصل إلى اتفاق، لأن إعادة الانتخابات احتمال بعيد.

وقال في تصريحات للصحافيين في بغداد، أمس الخميس، إن "الحل الوحيد هو التوصل إلى اتفاق لأن إعادة إجراء الانتخابات لن يكون لها تأثير ولا هي حل للوضع الراهن في العراق، وأرى أنه احتمال بعيد". وتابع أن تشكيل حكومة جديدة من دون الصدر "صعب لأنه إذا أصبح الصدر معارضة وطنية فسوف يحرك الشوارع ضد الحكومة".

المساهمون