تترقب العاصمة العراقية بغداد، مساء الأربعاء، اجتماعا لعدد من قادة تحالف "الإطار التنسيقي"، المظلة الجامعة للقوى السياسية الحليفة لإيران، وذلك لبحث موضوع تسمية مرشح رئاسة الحكومة الجديدة، وسط انقسام وتباين في المواقف بين عدد من أطراف التحالف، تتعلق بشكل الحكومة المقبلة ورئيسها، والتعامل مع قضية انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، والمخاوف من احتمال تحريك مقتدى الصدر للشارع بتظاهرات لإسقاط أي حكومة جديدة.
قال زعيم تحالف "الفتح"، أحد أبرز مكونات تحالف "الإطار التنسيقي"، هادي العامري، الإثنين، إنه لن يشترك بالحكومة المقبلة، نافيا أن يكون مرشحا لرئاستها أيضا، لكن النائب عن التحالف ذاته فاضل الفتلاوي قال في تصريحات للصحافيين، الثلاثاء، إن المقصود بذلك هو منظمة "بدر"، التي يرأسها العامري وليس تحالف الفتح الذي يضم عددا من القوى والأجنحة السياسية المرتبطة بفصائل "الحشد الشعبي".
ووفقا لمصادر سياسية في بغداد، فإن قوى "الإطار التنسيقي" تستعد لعقد اجتماع سيكون على الأغلب مساء غد الأربعاء في بغداد، لبحث ملف تشكيل الحكومة، وتحديدا الاتفاق على مرشحي التحالف لرئاسة الحكومة، حتى يتم طرحهم على القوى السياسية الشيعية والتصويت لأحدهم.
وأكدت المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد"، أن عدة أسماء تطرحها قوى تحالف الإطار التنسيقي، لكن حتى الآن لا شيء رسميا حتى انعقاد الاجتماع المرتقب. وتحدثت تلك المصادر عن تباينات حادة بين قوى التحالف تتعلق باسم رئيس الحكومة المقترح، فبينما تتبنى بعض القوى أن يكون المرشح لم يسبق له أن شغل منصبا حكوميا تماشيا مع طروحات مرجعية النجف "المُجرّب لا يُجرّب"، تطرح أخرى أسماء شخصيات قيادية في التحالف ذاته.
ووفقا لهذه المصادر، سيعقد الاجتماع على الأرجح في منزل زعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم بحي الجادرية، وسط بغداد، وأن كلا من نوري المالكي وقيس الخزعلي وهمام حمودي وأحمد الأسدي، وهم من قيادات التحالف، يتبنون خيار التوجه لتشكيل الحكومة بأسرع وقت، مقابل تحفظ هادي العامري وعمار الحكيم وحيدر العبادي على التسرع في اتخاذ قرارات قد تتسبب في استفزاز الصدريين وخلق فوضى في الشارع.
نقلت وسائل إعلام محلية عراقية، اليوم الثلاثاء، عن القيادي في "الإطار التنسيقي" فاضل جابر قوله إن اجتماعا مرتقبا لقوى التحالف سيعقد الثلاثاء أو الأربعاء لبحث انسحاب هادي العامري من المشاركة في تشكيل الحكومة، متحدثا عن أن المشاكل التي تواجه تشكيل الحكومة "كبيرة نظراً لوجود انشقاقات في الكتل الكبيرة"، مشيرًا إلى أنه "بعد العيد ستتضح ملامح الحكومة الجديدة لأن جميع الكتل جادة بقضية الإسراع في تشكيل الحكومة".
في السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي قرب إعلان اسم رئيس الوزراء المقبل، وتفاصيل الحوارات الجارية بين الكتل السياسية.
وقال مكتب المالكي في بيان، مساء الإثنين، إن الأخير أكد "قطع شوط مهم في حواراته (الإطار التنسيقي) وحقق تقدما وصاغ أفكارا وآليات".
وأضاف البيان أن "الإطار التنسيقي بات يقترب من تحقيق أهدافه، وأهمها تسمية رئيس الوزراء وتشكيل حكومة قادرة على النهوض بالواقع الأمني والخدمي ضمن الآليات المعدة مسبقا خدمة للعراق وشعبه".
وعلى الرغم من إعلان "الإطار التنسيقي" ما وصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، إثر قرار الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته المتصدرة في الانتخابات من البرلمان، إلا أنه لغاية الآن لم تخض أطراف التحالف أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية العربية السنّية والكردية الرئيسة والمتحالفة مسبقاً مع الصدر، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة الجديدة، وسط حديث عن خلافات داخلية بين قوى الإطار.
وبات "الإطار التنسيقي" الآن الكتلة الكبرى داخل مجلس النواب، بعد حصوله على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية، ما يجعله الفاعل الأساسي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، إلى جانب تمرير أي قرار أو مشروع قانون يريده.
تحالف "السيادة" يدعو إلى عقد وطني جديد
ودعا زعيم تحالف "السيادة" خميس الخنجر، الذي يمثل تحالفه العرب السنة في العراق، اليوم الثلاثاء، إلى صياغة عقد وطني جديد بعيدا عن التدخلات الخارجية في البلاد، معتبرا أن العملية السياسية التي خطتها الدبابات كانت سببا في مآسي البلاد، في إشارة إلى الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وإقرار العملية السياسية الحالية.
وتأتي التصريحات بعد يوم واحد من إعلان زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري انسحابه من تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها، في تحول جديد تشهده الساحة العراقية المتأزمة منذ نحو 9 أشهر.
وقال الخنجر في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع "تويتر": "اقترحنا منذ دخولنا للعملية السياسية صياغة عقد وطني جديد تكتبه إرادة العراقيين بعيداً عن تدخلات الخارج بكل صورها. عقد وعهد يحفظ سيادة العراق ويضمن حياةً كريمةً للعراقيين".
مضيفا أن "النظام السياسي الذي خطته سرف الدبابات فشل، بل تسبب في كل المآسي التي تعيشها البلاد.
اقترحنا منذ دخولنا للعملية السياسية صياغة عقد وطني جديد تكتبه إرادة العراقيين بعيداً عن تدخلات الخارج بكل صورها.
— خميس الخنجر (@khameskhanjar) July 12, 2022
عقد وعهد يحفظ سيادة العراق ويضمن حياةً كريمةً للعراقيين،
فالنظام السياسي الذي خطته سرف الدبابات فشل بل تسبب في كل المآسي التي تعيشها البلاد.#تحالف_السيادة
وتتزامن تصريحات الخنجر مع تحذيرات لقوى سياسية مختلفة من مغبة التوجه لتشكيل الحكومة الجديدة بدون عقد تفاهمات مع الفائز الأول في الانتخابات، في إشارة إلى التيار الصدري الذي انسحب خلال الشهر الماضي من البرلمان احتجاجا على رفض القوى السياسية الحليفة لإيران تشكيل الحكومة وفقا لمعطيات ونتائج الانتخابات الأخيرة، حيث تتخوف أطراف عراقية من لجوء الصدر لتحريك الشارع ضد الحكومة الجديدة.
والأحد، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن العراق "أضحى أسيراً للفساد والتبعية والتدخلات الخارجية"، وذلك في معرض كلمة وجهها إلى أنصاره بمناسبة العيد.
ومن المرتقب أن يعقد البرلمان العراقي، الأسبوع المقبل، أول جلساته في فصله التشريعي الثاني، لكن سياسيين مراقبين يؤكدون أن أي بوادر لحسم ملف اختيار رئيس الجمهورية غير متوفرة حتى الآن.
وقال محمد الجاف، العضو في الاتحاد الوطني الكردستاني بمدينة كركوك، لـ"العربي الجديد"، إن عدم حسم استحقاق رئيس الجمهورية يعني أنه لن تكون هناك أي إمكانية للتوصل إلى تفاهم على الحكومة الجديدة، إذ يشترط الدستور اختيار رئيس الجمهورية ثم يقوم الرئيس الجديد بتكليف مرشح الكتلة الكبرى بتشكيل الحكومة".
متوقعا أن يدخل تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني إلى البرلمان بموقف موحد، ضمن تفاهمات واسعة تكونت بين الطرفين السياسيين في الأشهر السابقة.
وفي وقت سابق، كشف عضو بارز في تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يحظى بدعم إيراني واسع، لـ"العربي الجديد"، عما وصفه بـ"خلافات غير بسيطة" داخل كتل وأحزاب "الإطار التنسيقي"، لم تحسم حتى الآن، ما يجعل من مسألة تشكيل الحكومة في وقت قريب مستحيلة.
وتوقع ألا تكون هناك حكومة جديدة في العراق في أفضل الأحوال قبل شهر سبتمبر/أيلول المقبل في حال تم الاتفاق على كل التفاصيل، مبينا أن الخلافات على شكل الحكومة المقبلة التي يريد التحالف تشكيلها، وهناك أطراف يرون تشكيل حكومة توافقية مثل الحكومات السابقة تقتصر على 22 وزارة فقط، توزع بين المكونات الثلاثة الرئيسة، وهناك من يحذر من ذلك ويدعو إلى تشكيل حكومة خدمات سريعة لعامين فقط وبعهدها الذهاب لإجراء انتخابات جديدة بقانون انتخابات جديد.
ودخلت الأزمة السياسية في العراق منعطفاً جديداً بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية (73 نائباً) استقالاتهم من البرلمان، وانسحاب الصدر من العملية السياسية. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2006 التي يكون فيها "التيار الصدري" خارج البرلمان، بعدما ظلّ طيلة السنوات الماضية محافظاً على نسبة لا تقل عن ثلث مقاعد القوى السياسية الشيعية، وسط هواجس من أن يكون "التيار الصدري" يعدّ لمرحلة جديدة من التحركات عبر قواعده الشعبية.
وعلى الرغم من إعلان "الإطار التنسيقي"، الشهر الماضي، ما وصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، إثر قرار مقتدى الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته المتصدرة في الانتخابات من البرلمان العراقي، إلا أنه لغاية الآن لم تخض أطراف التحالف أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية العربية السنّية والكردية الرئيسة والمتحالفة مسبقاً مع الصدر، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وسط حديث عن خلافات داخلية بين قوى الإطار.