دعا أعضاء أحزاب وحركات مدنية عراقية، في الفترة الأخيرة، إلى تأجيل الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات) المقررة في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، في ظل مشكلات تعيق مشاركتهم فيها بسبب غياب "التنافس الحقيقي" ما بين الأحزاب الجديدة والتقليدية، فيما تحدث نشطاء ومراقبون أن الأحزاب الدينية تمارس علناً شراء المرشحين والناخبين، لكن تحالف "الإطار التنسيقي" وهو مجموعة الأحزاب القريبة من إيران، أكد أهمية دعم الحكومة لإجراء الانتخابات في موعدها.
وطالب تحالف "المستقلين"، الذي يضم عدداً من أعضاء مجلس النواب وقوى سياسية وناشطين، بتأجيل الانتخابات المحلية من أجل تحقيق "تنافس حقيقي".
وذكر التحالف في بيان، مساء أمس الثلاثاء، أن "حمى الانتخابات تجتاح عدداً من الكتل السياسية التي تسعى إلى الهيمنة على مجالس المحافظات بعدما استحوذت على مقاعد البرلمان، في وقت أعلنت فيه مفوضية الانتخابات نتائج الإحصائيات المتعلقة بالانتخابات المحلية، والتي أظهرت وجود تراجع ملحوظ وكبير في أعداد المرشحين والناخبين".
وأضاف البيان أن "هذا التراجع يؤشر على وجود تداعيات جوهرية تتطلب تقييماً دقيقاً وقرارات فاعلة لضمان نجاح وشفافية العملية الانتخابية"، مشيراً إلى أن "تحالف المستقلين ينظر بقلق إلى انخفاض عدد المرشحين، وهو يدرك أن التنافس الديمقراطي يستند إلى تقديم الخيارات المتعددة للمواطنين، غير أن هذا التراجع قد يُؤثر سلباً على طبيعة تشكيل المجالس وتنوع الأفكار والرؤى التي تمثلها، لذلك يدعو التحالف إلى تحليل أسباب هذا الانخفاض واتخاذ إجراءات محفزة تسهم في تعزيز الحضور الديمقراطي".
وجاء هذا البيان بعد يوم واحد من إعلان كل من ائتلاف "الوطنية"، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، وحركة "امتداد" التي تجمع عدداً من الشخصيات والقوى المدنية، مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، حيث ذكر ائتلاف "الوطنية" أن "هذه المجالس هي حلقة زائدة في تركيبة الدولة، وهي باب من أبواب الاستحواذ على مقدرات الشعب، ولكننا أردنا الاشتراك بالانتخابات كونها مجالس خدمية وعدلنا عن رأينا بعدما اتخذنا قراراً نحن وحلفاؤنا، ذلك أن حالة الفساد والنفوذ الأجنبي لا تزال مُخيمة على أجواء الانتخابات، إضافة إلى المال السياسي الذي لا يزال لاعباً كبيراً وأساسياً في العملية الانتخابية والديمقراطية الزائفة".
أما حركة "امتداد"، فقد أشارت إلى أن "عدم مشاركتها في انتخابات مجالس المحافظات في موعدها القادم يأتي بسبب تأخرها في انعقاد مؤتمرها العام الأول لانتخاب قيادة جديدة، وقالت إنها "تتمنى التوفيق والنجاح للحركات الوطنية الناشئة المشاركة في الانتخابات".
من جانب أخر، أصدر التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي" بياناً أكدوا فيه وقوفهم مع إجراء الانتخابات بموعدها، ودعم الحكومة لتنفيذها.
من جهته، قال عضو "ائتلاف الوطنية" محمد أياد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأحزاب الكبيرة والنافذة تمارس ضغوطاً كبيرة على الأحزاب المدنية، وتحديداً القوى السياسية الجديدة، تلك التي أسست خلال العامين الماضيين، وقد تمكن بعض قادة الأحزاب الدينية عبر المال السياسي من شراء مرشحين وناخبين من خلال الاتفاق مع بعض العشائر"، موضحاً أن "ما يحدث حالياً من انقلاب على الإرادة الديمقراطية يدفع القوى المدنية إلى الانسحاب من الانتخابات".
بدوره، بيَّن المحلل السياسي العراقي عبد الله الركابي، أن "المال السياسي هو السبب، لأن قوى الإطار التنسيقي مثلاً تمكنت خلال الفترة الماضية من ترتيب وضعها والتأكد من تفوقها في نتائج الانتخابات المقبلة، وأن التراجع الكبير في تحديث الناخبين العراقيين لسجلاتهم الانتخابية يصب في صالح القوى التقليدية، ويؤدي في نفس الوقت إلى تراجع حظوظ القوى المدنية الصغيرة".
وأكد الركابي في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "أقل من مليوني عراقي أقدموا على تحديث سجلاتهم الانتخابية، من أصل 28 مليون عراقي يحق لهم التصويت، وهذه المشكلة ستظهر نتائجها في الانتخابات"، موضحاً أن "الأحزاب المدنية والوطنية تعاني من نقص بأعداد المرشحين للانتخابات، ما يجعل فرص فوزهم قليلة جداً".
وأعلنت المفوضية، في وقت سابق، عن مشاركة 50 تحالفاً انتخابياً في الانتخابات المحلية، 33 منها هي تحالفات جديدة. وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013.
وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولها صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي.