العد التنازلي لانطلاق الانتخابات الأميركية: 7 ولايات تحدد الفائز

11 اغسطس 2024
قرب مقر إقامة ترامب في مارالاغو بفلوريدا، 8 أغسطس 2024 (شاندان خانا/فرانس برس)
+ الخط -

يقترب العد التنازلي للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، التي يتنافس فيها كل من كمالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن، عن الحزب الديمقراطي، والرئيس السابق دونالد ترامب، مرشّح الحزب الجمهوري، إذ يتبقّى نحو 25 يوماً فقط على بدء التصويت المبكر عبر البريد، والذي يبدأ الشهر المقبل، بينما تجرى الانتخابات الأميركية يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، ما يعني أن أقل من 90 يوماً تفصل عن موعدها. في حين أن الفوز في السباق الرئاسي مرتبط إلى حدّ كبير بالانتصار في سبع ولايات تعدّ من الولايات الرئيسية والمتأرجحة، وهي ويسكونسن وميشيغن وبنسلفانيا، إلى جانب أريزونا ونيفادا وجورجيا وكارولينا الشمالية.

ويبدأ التصويت المبكر في السادس من سبتمبر/أيلول المقبل من ولاية كارولينا الشمالية، ويوم 11 سبتمبر في ألاباما، وفي الـ16 من الشهر نفسه في بنسلفانيا وكنتاكي، وفي 20 سبتمبر في مينيسوتا وساوث داكوتا، وفي 26 سبتمبر في إلينوي، فيما يبدأ معظم باقي الولايات انتخاباته المبكرة في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وتحدد أغلبية الولايات الموعد النهائي لطلب بطاقة الاقتراع بالبريد قبل أقل من أسبوعين من يوم الانتخابات. ويختلف الموعد النهائي لإرسالها من ولاية إلى أخرى، فيما الموعد النهائي لإعادة بطاقات الاقتراع بالبريد لـ32 ولاية، من بين 50 ولاية، هو الخامس من نوفمبر المقبل.

وسجل الأميركيون أرقاماً قياسية في التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، والتي تزامنت مع تفشي وباء كورونا، إذ تجاوز عدد المصوّتين مبكراً مائة مليون ناخب، مقارنة بـ57 مليوناً في انتخابات 2016 الرئاسية. ويميل المصوّتون مبكراً للتصويت للحزب الديمقراطي، بينما يؤكد ترامب وبعض الجمهوريين أن الانتخابات المبكرة تشهد حالات تلاعب وتزوير، وهو الأمر الذي لم تثبته المحاكم حتى في الولايات التي يختار ناخبوها الحزب الجمهوري عادة.

ولايات حاسمة في الانتخابات الأميركية

ويحدد الجمهوريون والديمقراطيون، خلال الانتخابات الأميركية هذه، سبع ولايات يرون أنها ساحات المعركة، ما يدفع الديمقراطيين لنشر إعلانات في تلك الولايات السبع بنسبة اثنين إلى واحد مقارنة بما تنشره حملة ترامب. يأتي ذلك في الوقت الذي يتمتع فيه ترامب بميزة التقدم بفارق ضئيل، وفقاً لاستطلاعات الرأي، يقدر بنحو 1.4 نقطة، في هذه الولايات التي لا يمكن الفوز في السباق إلى البيت البيض إلا من خلال الفوز في معظمها على الأقل.

ويعتبر مات بينيت، الخبير الاستراتيجي الأميركي في الحملات الانتخابية، والمؤسس المشارك بمركز ثيرد واي للأبحاث ومقره في واشنطن العاصمة، أن السباق في الانتخابات الأميركية حالياً "متقارب للغاية ويكاد يكون متعادلاً". ويضيف لـ"العربي الجديد" أن كل سباق رئاسي في الغالب "يُحسَم من خلال مجموعة صغيرة جداً من الناخبين في عدد قليل جداً من الولايات"، لافتاً إلى أن "هاريس لديها زخم الآن، وترامب يكافح للرد على هذه الديناميكية الجديدة تماماً في السباق، فهو عرف كيف يتعامل مع بايدن، لكن لا يعرف كيف يتعامل معها حتى الآن".

مات بينيت: نظرية ترامب للفوز كانت  تستند بأكملها إلى عيوب بايدن التي لا تعاني منها هاريس

ويوضح بينيت أن "ترامب كان يعلم جيداً أن مشكلة بايدن هي أن الناخبين ينظرون إليه على أنه كبير السن ويمثل الماضي، بينما ترامب الآن هو الذي يعاني هذه المشكلة ولديه خصم أصغر منه بنحو 19 عاماً ومن جيل مختلف عنه تماماً". ويلفت إلى أن ذلك "أصبح مشكلة حقيقية كبيرة بالنسبة لترامب لأن نظريته حول كيفية الفوز كانت تستند بأكملها إلى عيوب بايدن التي لا تعاني منها هاريس".

وحول تأثير كونها "امرأة غير بيضاء" على فرص نائبة الرئيس في الفوز، يقول بينيت: "بالفعل لن يكون الأمر سهلاً بالنسبة لها لأنه لا يزال هناك الكثير من التحيز والعنصرية ضدها، خصوصاً أنها امرأة سوداء"، إلى جانب أنه "لم يكن لدينا رئيسة امرأة من قبل، فيما رئيس أسود واحد فقط وصل إلى المنصب، لذا فإن هذا الجزء صعب للغاية، لا سيما أن هاريس تترشح على أساس سجل بايدن بالتأكيد". لكنه يضيف: "من الواضح أن هاريس تملك فرصاً للفوز في حين أن بايدن كان من الواضح إلى حد ما أنه لا يستطيع الفوز، وكان متجهاً بشكل كبير نحو الهزيمة"، مستدركاً بأنه يعتقد "أن ذلك جزء من الأسباب الذي تجعل ترامب يواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع الديناميكية الجديدة في السباق".

وعن الفرق بينها وبين هيلاري كلينتون، التي كانت أكثر شهرة وخسرت أمام ترامب في الانتخابات الأميركية لعام 2016، يشدّد بينيت على وجود اختلافات كبيرة، أهمها أن "هاريس تنافس ترامب في وقت يدرك فيه الناخبون أن الأخير يمكنه الفوز بالفعل، وهو الأمر الذي لم يكن في اعتقاد الكثيرين في عام 2016". كما أن "الكثير من الناس صوّتوا لصالح ترامب باعتباره نوعاً من التصويت الاحتجاجي ضد ما اعتبروه نوعاً من العقاب لوجود باراك أوباما رئيساً" حينها. ويشير إلى أنه "بعد قضاء الناخبين أربع سنوات من قبل في فترة رئاسة ترامب، صاروا أكثر وعياً بما يمكن أن يفعله"، موضحاً أن "بعضهم لا يريدونه مرة أخرى داخل البيت الأبيض"، ويعرفون عنه "أكثر مما كانوا يعرفونه خلال تنافسه مع هيلاري كلينتون". من جهة أخرى، يقول بينيت إن "هاريس وكلينتون تشتركان في بعض التحديات الحقيقية من بينها التمييز على أساس الجنس والعرق".

وفي ما يخص قدرة هاريس على مواجهة ترامب، خصوصاً في ظل التمويل الكبير الذي يتلقاه من مشاهير مثل رجل الأعمال إيلون ماسك وآخرين، فيشير بينيت إلى أن "دعم أشخاص مثل ماسك لترامب في صالحه بشكل ما، لكن لدى هاريس ما يكفي من الأموال للتنافس في الانتخابات الرئاسية كما يحدث عادةً في كل انتخابات". ويعزو ذلك إلى أن "المرشح لا يحتاج إلى وضع إعلانات في كل الولايات، وإنما في الولايات المتأرجحة فقط والبالغ عددها هذه المرة سبع ولايات".

فرص الفوز والهزيمة

ويقسّم تلك الولايات السبع المتأرجحة إلى ثلاثة أقسام، "أولها الجدار الأزرق (تميل للديمقراطيين) في الغرب الأوسط، وهي ويسكونسن وميشيغن وبنسلفانيا"، موضحاً أنها "صوّتت لصالح الديمقراطيين منذ عام 1982، فيما كان عام 2016 العام الوحيد الذي لم تصوت فيه لهم". ويضيف أن "هناك ما يسمى بالولايات ذات الحزام الشمسي، وهي أريزونا ونيفادا، وعادة ما تصوّت نيفادا للديمقراطيين، فيما تصوّت أريزونا للجمهوريين"، مستدركاً بأن نتيجة التنافس فيهما "ستكون متقاربة للغاية". أما القسم الثالث من تلك الولايات فهو ولايات الجنوب الشرقي الأميركي "وهي جورجيا وكارولينا الشمالية"، موضحاً أن "جورجيا كانت ولاية حمراء للغاية (تميل للجمهوريين) حتى فاز بها بايدن في الانتخابات الأميركية لعام 2020، لكن ترامب الآن متقدم كثيراً على بايدن، فيما أصبح هناك تقارب بعد ترشح هاريس".

ويشير إلى أنه "في كارولينا الشمالية، فاز ترامب عام 2016، لكن لديها سباق على منصب الحاكم (في الخامس من نوفمبر بالتزامن مع الانتخابات الأميركية) مع مرشح سيئ للغاية للجمهوريين (مارك روبنسون، وإن فاز فسيكون أول أسود يتولى المنصب، مقابل جوش شتاين مرشّح الديمقراطيين) ما يمكن أن يساعد نائبة الرئيس على تحقيق مفاجأة هناك".

مات بينيت: ليس من الواضح إلى أي مدى ستعاني هاريس من انقسام الناخبين العرب

وعن فرص ترامب أو هاريس في ميشيغن، يقول بينيت إن "الجالية العربية الكبيرة جداً في ميشيغن غاضبة بسبب حرب غزة، ولكن هاريس ليست بالضبط في نفس موقف بايدن، وقد التقت أخيراً ببعض ممثلي الجماعات العربية في الولاية، فيما ليس من الواضح إلى أي مدى ستعاني من انقسام الناخبين العرب". ويوضح: "لا شك أن العديد منهم ما زالوا غاضبين جداً منها، لأنها جزء من الإدارة الحالية، لكننا لا نعرف عددهم". وفي ما يخص المرشحين لمنصب نائب الرئيس الديمقراطي تيم وولز، والجمهوري جي دي فانس، يعتبر بينيت أنهما "يحظيان باهتمام كبير حالياً، لكن مع حلول نوفمبر، سيتراجع هذا الاهتمام ويتخذ الناخبون قراراتهم بناء على الموجودين على أعلى القائمة (بطاقة الاقتراع)، أي هاريس ضد ترامب".

المساهمون