العدوان على غزة: هذه هي الأهداف التي فشل الاحتلال بتحقيقها

10 اغسطس 2022
دمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (Getty)
+ الخط -

سعى الاحتلال الإسرائيلي قبل إيقاف عدوانه على قطاع غزة، مساء الأحد، للترويج أنه حقق أهدافه من العملية، ولا فائدة من مواصلتها، وفق ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس حكومة الاحتلال، يئير لبيد. وتحدث لبيد عن أن "العملية أعادت لإسرائيل المبادرة والردع"، وأنه "تم القضاء على كامل النخبة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في غزة خلال ثلاثة أيام".

وركّز المستويان السياسي والعسكري في إسرائيل على أن الاحتلال حقق هدفين رئيسيين في هذا العدوان، أولهما رفض المعادلة التي تقول بإمكانية تهديد سكان إسرائيل و"غلاف غزة" إثر "أي عملية اعتقال عادية" في الضفة الغربية، إضافة إلى اغتيال المستوى القيادي العسكري في "الجهاد الإسلامي" في غزة.

كما أن رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار، تحدث خلال مداولات أمنية، وفق موقع "والاه"، عن أن إسرائيل حققت أحد أهدافها الاستراتيجية من العدوان، وهو الفصل بين "حماس" و"الجهاد الإسلامي".

غير أن الوقائع تؤكد أن عدوان الساعات الـ56 لم يحقق الأهداف الإسرائيلية المعلنة، ولعل أبرزها شل القدرات العسكرية لـ"الجهاد الإسلامي"، إضافة إلى ما يدعيه الاحتلال من رد على محاولات الحركة استهداف مستوطني "غلاف غزة" والجيش بصواريخ مضادة أو بالقنص، رداً على الاعتداء الذي تعرض له القيادي فيها الشيخ بسام السعدي قبل اعتقاله في مدينة جنين في الضفة الغربية.

وقائع تؤكد الفشل الإسرائيلي

لم يظهر من الحركة التي أعلن جناحها العسكري، "سرايا القدس"، الاستنفار رداً على الاعتداء الذي طاول السعدي، ما يؤشر إلى أنها ذاهبة إلى تنفيذ عمليات عسكرية على السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، وهي التي أبقت عناصر وحدات الرصد التابعين لها في مراصدهم على الحدود، ولو كانت ستذهب للتصعيد لسحبتهم كما اعتاد الفلسطينيون على ذلك.

وقبل ساعة من اغتيال جيش الاحتلال القائد العسكري للحركة في المنطقة الشمالية تيسير الجعبري، تلقت "الجهاد"، وفق معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، تطمينات عن الحالة الصحية للسعدي، وبدأت تخفف من الاستنفار الذي أعلنته.

وبشكل مفاجئ بدأت إسرائيل عدوانها عصر الجمعة، بالتزامن مع حديث من الوسطاء عن حالة السعدي الصحية وذهاب مسؤولة أممية إلى منزل عائلته في جنين صباحاً لتطمين أسرته وحركته، ما يؤشر إلى حالة "خداع" تعرضت لها، وفق المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد".

باغتيال الجعبري، ومن بعده قائد المنطقة الجنوبية في "سرايا القدس" خالد منصور، حققت إسرائيل "صورة نصر" معنوي، لكنها على أرض الواقع لم تستطع إيقاف الحركة عن إطلاق الصواريخ على مستوطنات الغلاف والمدن في حدود مائة كيلومتر من غزة.

لم يستطع الاحتلال إيقاف "الجهاد" عن إطلاق الصواريخ على مستوطنات الغلاف


ولم يكن لدى الإسرائيليين تقديرات صحيحة حول قدرات "الجهاد الإسلامي" الصاروخية، وظهر ذلك في التحليلات والتقديرات التي كتبها صحافيون إسرائيليون في بداية الجولة الأخيرة من القتال. لكن الحركة فاجأتهم بقدرتها على الصمود والاستمرار في القصف، على الرغم من الضربات المتتالية التي تلقتها، وبمديات الصواريخ التي لم يكن معلوماً أن الحركة تمتلكها.

وفي الشكل أيضاً، أعادت إسرائيل قصف مواقع "الجهاد" العسكرية أكثر من مرة، وكانت تعود لقصف المواقع نفسها في أوقات مختلفة، في إشارة إلى أنّ بنك أهدافها ضد الحركة محدود واستنفد في الساعات الأولى من عدوانها العسكري.

وفي أحد التقديرات، يمكن القول إنّ إسرائيل أرادت بافتعالها جولة التصعيد مع غزة إرسال رسائل لـ"حزب الله" في لبنان، والذي يهدد الاحتلال في حال بدئه في استخراج الغاز الطبيعي من حقل كاريش البحري، لتقول له إنّ يد إسرائيل طويلة وقادرة على تنفيذ عمليات استباقية وما تسميه بالوقائية.

"نحن لم نبدأ الحرب، العدو الإسرائيلي هو الذي بدأها عندما اغتال القائد العسكري للمنطقة الشمالية تيسير الجعبري وعدداً من المجاهدين في سرايا القدس"، هذا ما قاله مسؤول المكتب الإعلامي لحركة "الجهاد الإسلامي" داود شهاب لـ"العربي الجديد".

وأشار شهاب إلى أن حركته "تدافع عن شعبها الفلسطيني في مواجهة محاولات إسرائيل تغيير قواعد الاشتباك الذي رسختها المعارك السابقة"، موضحاً أنّ مهمة المقاومة الأساسية هي الدفاع عن شعبها ورد العدوان عنه واستمرار المشاغلة ومنعه من فرض ما يريد.

وبالنسبة لشهاب، فإنّ "الجهاد الإسلامي" حققت أهدافها من خلال تصديها "البطولي" للعدوان وردها عليه، وعدم السماح للمحتل الإسرائيلي بكسر المقاومة ومن خلال استمرارها للحظة الأخيرة في القصف وإدخال ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ.

وأضاف: "إسرائيل ستفكر ألف مرة قبل أي عدوان على شعبنا، ونحن لن نتوانى في التصدي للعدوان، وسنبني على ما تحقق في هذه الجولة من المواجهة للمرات المقبلة... نحن سنواصل العمل، والضربات التي نتعرض لها دوماً تزيدنا قوة، على الرغم من الألم على خسارة قيادات بحجم الجعبري ومنصور".

ردع "الجهاد" في الضفة الغربية؟

من جهته، قال المحلل السياسي حسن لافي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجهاد" استطاعت أن تضع "وحدة الساحات" كأحد المطالب السياسية للمقاومة الفلسطينية، وهذا نوع من أنواع التأسيس للوحدة التي حدثت في معركة "سيف القدس" في مايو/أيار من العام 2021.

ووفق لافي، على المستوى المعنوي تلقت الحركة ضربات قاسية جداً من خلال اغتيال اثنين من كبار قادتها العسكريين، لكنها استطاعت أنّ تواجه عدواناً عسكرياً لـ56 ساعة، مضيفاً أنّ الاحتلال نجح في الوصول إلى الجعبري ومنصور، لكنه لم يحقق هدفه من الاغتيال بضرب منظومة القيادة والسيطرة في "الجهاد"، إذ استمرت الحركة في معركتها، ولم يؤثر الاغتيال على الأداء الميداني لـ"سرايا القدس".

ولفت لافي إلى أنّ إسرائيل أعلنت منذ البداية أنها تريد تدمير القدرات العسكرية لـ"الجهاد الإسلامي"، لكن هذه القدرات الصاروخية بقيت حتى آخر لحظة في جولة القتال، واستطاعت الحركة إجبار الاحتلال على توقيع تفاهمات بوساطة مصرية.

"الجهاد" هي التي أحيت في الفترة الأخيرة العمل العسكري في الضفة الغربية، وهذا خطر استراتيجي على الاحتلال

وعما إذا كانت الحرب مبيّتة ضد "الجهاد"، قال لافي: "الحرب مبيّتة بكل تأكيد، الجهاد الإسلامي هي التي أحيت في الفترة الأخيرة العمل العسكري في الضفة الغربية، وهذا خطر استراتيجي على دولة الاحتلال، فالضفة في مخطط الإسرائيليين يجب أن تتحول إلى كانتونات ويتم ضمها للمحتل، وهي ساحة المواجهة الرئيسية التي يتناقض فيها المشروع الفلسطيني مع المشروع الصهيوني".

وأضاف: "أي عمل عسكري في الضفة الغربية يؤثر على العمق الإسرائيلي يُشعر إسرائيل بالجنون"، مبيناً أنّه "كان المطلوب إسرائيلياً أيضاً تدمير البنية العسكرية لحركة الجهاد في غزة كرسالة رادعة لهم في الضفة الغربية مع تطور العمل العسكري للحركة وبروزه في الأشهر الأخيرة".