الصومال: تشكيلة حكومية جديدة برسم تحديات أمنية وإنسانية

02 اغسطس 2022
الوزراء الجدد في مقر رئاسة الحكومة بمقديشو اليوم (Getty)
+ الخط -

أعلن رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، اليوم الثلاثاء، عن تشكيلة حكومته الجديدة، وذلك في مقر رئاسة الحكومة في القصر الرئاسي في مقديشو، بحضور الوزراء الجدد.

وتتألف الحكومة الجديدة من 26 وزيراً من بينهم ثلاث سيدات، و25 نائب وزير، و24 وزير دولة، وضمت التشكيلة وجوهاً جديدة. ومن بين أبرز الوزراء الجدد الرجل الثاني السابق في حركة الشباب والمنشق عنها عام 2017 مختار روبو (أبو منصور) الذي عين في منصب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، كما عاد وزراء سابقون إلى الواجهة، أبرزهم فارح شيخ عبد القادر الذي أسند له منصب وزير التربية والتعليم العالي.

ومن الأعضاء الجدد محمد أحمد سيخ علي الذي عين وزيراً للأمن الداخلي، وأحمد معلم فقي وزيراً للداخلية، وعلمي محمود نور وزيرا للمالية، وداؤد أويس (صحافي سابق) وزيرا للإعلام والسياحة، بينما عين عمر هروسي في منصب وزارة الخارجية والتعاون الدولي.

وتم تعيين 3 نساء في ثلاث حقائب وزارية؛ إذ عينت خديجة ديرية في منصب وزيرة المرأة وحقوق الإنسان، بينما أسند لخديجة المخزومي منصب وزارة البيئة والتغير المناخي، ولفردوسة عثمان عغال وزارة النقل والطيران.

وقال رئيس الحكومة حمزة بري، في بيان صحافي، إن هذه الحكومة شُكلت بعد مشاورات مكثفة وحثيثة مع الرئيس الصومالي ورئاسة البرلمان الفيدرالي وأعضاء المجتمع المدني، وإن الكفاءة هي كانت معيار اختياره لأعضاء تشكيلته الحكومية الجديدة.

وطالب حمزة بري البرلمان الصومالي بالتصويت لمصلحة منح الثقة للحكومة الجديدة، لكي يؤدي الوزراء المهام المنوطة بهم على أكمل وجه.

ودعا بري المجتمع الصومالي إلى التعاون مع الحكومة الفيدرالية لأداء مهماتها.

وفي هذا الصدد، يقول الصحافي الصومالي أويس حسين، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التشكيلة الوزارية الجديدة تضم وجوهاً سياسية جديدة لم يعهدها الوسط السياسي، لكن من بينها وزراء لديهم خبرة إدارية وسياسية سابقة، لكن التركيبة ضمت شخصية جدلية ومريبة جداً، مثل أبو منصور روبو الذي عمل سابقاً قيادياً في حركة الشباب، وهو ما يمثل صدمة لدى شريحة واسعة من المجتمع الصومالي، وخاصة أولئك الذين تأثروا بأفعال الجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم داعش، كما أن وزير الأوقاف الجديد مختار روبو لم يتنازل بعد عن فكره"، على حد قوله.

ويشير أويس حسين إلى أن "تعيين روبو في منصب وزارة الأوقاف يمكن أن يجلب بلبلة سياسية جديدة، خصوصا داخل الحركة الصوفية في الصومال، والتي لديها شق مسلح عسكري، وهذا يمكن أن يرسل جرس إنذار مبكرا بين طبيعة توافق عمل الحكومة الصومالية الجديدة وتناسقها مع أفكار الحركات الصوفية التي تناوئ التيارات السلفية المسلحة في البلاد".

ويضيف أويس أن استحداث وزارة البيئة والتغير المناخي جاء في توقيت مناسب، نظراً للكوارث البيئية التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة، وربما من المحتمل أن تضع هذه الوزارة آلية جديدة لمواجهة هذه الآفات البيئية المتكررة، وخاصة الحد من قطع الأشجار الجائر في المناطق الصومالية.

ويعتقد أويس حسين أن "علاقة الحكومة الفيدرالية مع ولاية بونتلاند ليست جيدة، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى حدوث صدام سياسي بين الحكومة الفيدرالية وولاية بونتلاند، التي تعد ركناً أساساً في التركيبة الفيدرالية في البلاد، وربما من المتوقع أن تشكل هذه الولاية عقبة جديدة أمام النظام السياسي الحديث، لأن رئيسها سعيد دني لم يرض بتكليف حمزة بري رئيساً للحكومة، وكان يرغب بأن يُكلف هو برئاسة الحكومة الفيدرالية".

وفي المقابل، يعتقد عبد الرحمن عبدي، مدير مركز مقديشو للبحوث والدراسات تعليقاً على التشكيلة الوزارية الجديدة، أن "كل المعطيات تشير إلي أن التشكيلة الوزارية سترقى إلى مستوى طموحات الشعب، وأن التشكيلة تضم وجوها سياسية  تضمن الاستقرار السياسي وتبعث برسائل طمأنة للشركاء السياسيين والحكومات الإقليمية، كونها حكومة تكنوقراط قادرة على تلبية احتياجات المواطن العادي ورفع مستوى الخدمات الحكومية".

وحول التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة، يرى عبد الرحمن عبدي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "ثلاث تحديات رئيسة هي التي تواجهها التشكيلة الوزارية الجديدة، ومنها أولاً التحدي الأمني، خاصة التهديد الأمني الذي تشكله حركة الشباب والحوادث الأمنية التي تشهدها العاصمة مقديشو والمناطق الأخرى التي تقع تحت سيطرة الحكومة، والتي تقف وراءها أحياناً مجموعات قبلية مسلحة؛ وثانياً، ضرورة خلق الثقة بين المكونات السياسية في البلاد، لأن انعدام الثقة بين الشركاء السياسيين يهدد النسق السياسي والاجتماعي في البلاد، لأنه في السنوات القليلة الماضية تضررت الثقة بين المكون السياسي بشكل كبير جدا في ظل الحكومة السابقة، وبالتالي فأمام الحكومة الجديدة، تحد كبير يتمثل في طمأنة الشركاء السياسيين وتقريب المواقف بين الحكومة المركزية والحكومات الفيدرالية حول القضايا السياسية الداخلية والخارجية بهدف ضمان إيجاد استقرار سياسي؛ كما أن مشكلة الجفاف والمجاعة التي تضرب عدداً كبيراً من المناطق الصومالية تعد تحدياً كبيراً بالنسبة للحكومة الجديدة، التي تفتقر إلى موارد بشرية ومالية للحد من تبعات وتداعيات الأزمة الإنسانية في البلاد، حيث يواجه نحو 7 ملايين شخص ظروفاً معيشية صعبة؛ أي ما يعادل نحو 50 في المائة من السكان".

وعن مدى إمكانية نجاح الحكومة الحالية في تذليل التحديات الأمنية، يرى عبد الرحمن عبدي أن من أصعب التحديات التي تواجه الصومال هي المعضلة الأمنية، وأن مواجهتها تحتاج إلى وقت ومزيد من الجهد، وأنه يجب أن يتوفر أولاً الاستقرار السياسي وتحسين مستوى تنسيق الجهود بين الحكومة الصومالية والولايات الفيدرالية، إلى جانب ضرورة التنسيق مع الجهود الدولية في البلاد، للتغلب على هذا التحدي، بالإضافة إلى ذلك ينبغي تعزيز العلاقات بين الحكومة وقواتها الأمنية وبين الشعب، وتوفير قدر كبير من متطلبات الشعب واحتياجاته، خاصة الخدمات الأساسية.

وعانت الصومال في السنوات الماضية من تدخلات خارجية إقليمية كان لها الأثر البالغ في الهدوء السياسي والأمني في البلاد. لكن عبدي يعتقد أنه "لا يوجد في الوقت الحالي عقبات  تذكر في العلاقة بين الصومال والدول المهتمة بالشأن الصومالي، وأن زيارات الرئيس الأخيرة إلي بعض الدول الإقليمية والعربية كانت ناجحة إلى حدٍ كبير"، مضيفًا أنه "سيجري فيما يبدو جولات خارجية أخرى في المرحلة القادمة، لبناء سياسة خارجية هادئة وأكثر توازناً من ذي قبل".

وتأتي هذه الحكومة الجديدة خلفاً لحكومة رئيس الوزراء السابق محمد حسين روبلي والتي استمرت منذ عامين تقريباً بعد تأجيل متكرر للانتخابات الرئاسية والنيابية في البلاد، والتي انتهت في مايو/ أيار الماضي، وفاز بها حسن شيخ محمود لولاية ثانية تمتد حتى عام 2026.

المساهمون