الصحف الألمانية: الاحتجاجات ضد بوتين ستغير المجتمع الروسي

01 فبراير 2021
من الاحتجاجات الأخيرة في سان بطرسبرغ الروسية (Getty)
+ الخط -

على وقع تتطور الاحتجاجات في روسيا ضد نظام الرئيس فلاديمير بوتين، برزت العديد من التعليقات والتحليلات في ألمانيا عن الواقع المستجد في موسكو، إذ يبدو أن السلطة مستشرسة لضرب حركة التظاهر والاحتجاج في البلاد بأساليب قمعية مع إقدامها على اعتقال آلاف المحتجين.

ففي مقال بعنوان "الرياح تزداد قسوة"، أوردت صحيفة "دي تسايت" أنه بزغ فجر الأوقات العصيبة في روسيا منذ عودة أليكسي نافالني إليها من برلين، بعد رحلة علاج نتيجة عملية تسميم تعرض لها في سيبيريا قبل خمسة أشهر، وألقي القبض عليه فور وصوله إلى البلاد، وينتظر محاكمته غدا الثلاثاء لتحديد ما إذا كان سيتم تحويل عقوبة قديمة مع وقف التنفيذ إلى سجن ووضعه خلف القضبان لسنوات. وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى ولو كان نافالني في زنزانة انفرادية، فإن معركته ضد بوتين مستمرة، والأخير الذي كان يتفادى ذكر اسم نافالني، اضطر لإنكار ملكيته للقصر علنا، ودفع أحد رجال الأعمال المقربين من السلطة للادعاء بأنه مالك العقار الفاخر.

إلى ذلك، أصبح نافالني رمزا مقلقا للسلطة في البلاد بعد أن باتت الاحتجاجات موجهة ضد بوتين، في وقت بلغت موجة القمع التي اجتاحت روسيا هذه الأيام مرحلة جديدة، إذ تبذل السلطات كل ما في وسعها للتضييق على شخصيات بارزة من فريق نافالني ومنتقدي الكرملين البارزين، ومن بينهم شقيقه أوليغ الذي يخضع للإقامة الجبرية لمدة شهرين بتهمة انتهاك الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.

وفي السياق، نقلت الصحيفة عن السياسي المعارض ديمتري غودتشوف، الذي يخاصم حزب النظام منذ العام 2013 ويوجه انتقادات لسلطة الكرملين، أن اللهجة أصبحت أكثر صلابة وعزما وعنادا في العديد من مناطق روسيا، بعد أن انضم المعارضون من جميع الأطياف إلى الاحتجاجات، وهذا ما منحها تأثيرا وقوة وأهمية أكبر من جميع الاحتجاجات السابقة. وفي السياق، بينت "شبيغل أونلاين" أن المتظاهرين باتوا أكثر إصرارا من ذي قبل، والمشاهد غير عادية بالنسبة لروسيا.

وفي سياق متصل، اعتبر المدون اليساري مكسيم شفيتشنكو، في حديث مع "هايزه أونلاين"، أن الحركة من أجل إطلاق سراح نافالني علامة على المعارضة المتزايدة لهياكل السلطة الفاسدة والمعادية للمجتمع.

بدوره، رأى الباحث الاجتماعي بوريس كاغرليتسكي أن الاحتجاجات لا علاقة لها بالتدخل الأجنبي، والناس تشعر بخيبة أمل من بوتين لأنه أقل قدرة على ضمان الحد الأدنى من المعايير الاجتماعية.

ووفقا لكاغريتسكي، فإنه يجب على اليسار استخدام المزاج الاحتجاجي المتنامي في روسيا للعمل مع الديمقراطيين لبناء حركة من أجل دولة اجتماعية وحقوق مدنية، منبها إلى أنه لا يمكن تنفيذ هذه المهمة بين ليلة وضحاها، وأنه لا ينبغي أبدا الخضوع لمؤيدي نافالني، لأن هناك جزءا من النخبة الروسية مستعد لإصلاح النظام بما يتماشى مع المطلبات التي يطرحها نافالني. وهذا ليس بديلا للقوى التقدمية.

أما شبكة التحرير الألمانية، فاعتبرت أن الاحتجاجات المؤيدة لنافالني ستغير المجتمع الروسي، رغم التوقعات بأن بعض المدانين من قبل الأجهزة سيتم إخفاؤهم في بعض المعسكرات لسنوات، مشيرة إلى أن الدولة، التي تعتمد باستمرار على بث الحقائق البديلة على المحطات التلفزيونية التي تسيطر عليها، ستدخل في أزمة مصداقية مع استمرار الاحتجاجات والاختراق المستمر للمشهد الإعلامي مع تغطية أكثر واقعية على الإنترنت، وقد يشكل ذلك القليل من العزاء لأولئك الذين يتظاهرون الآن لصالح نافالني.

وعن مدى خطورة نافالني على نظام بوتين، أشارت الشبكة إلى أن استراتيجية المعارضة بقيادة نافالني ضد التضليل والفساد تضع الكرملين تحت الضغط. وفي هذا الإطار، لفتت الباحثة السياسية ليليا شيزوفا إلى أنه إلى جانب اعتقال نافالني يرفض الناس بوتين والكرملين لأسباب أخلاقية مع بروز فيديو قصر بوتين، وهذا ما خلق تماسكا لم يكن موجودا من قبل لرغبة الناس بالعدالة، سواء أكانوا من اتباعه أم لم يكونوا، وهكذا يواجه الكرملين تحديات جديدة. 

المساهمون