فشلت مفوضية الاتحاد الأفريقي في عقد اجتماع كان مقررا اليوم الاثنين بين وزراء المياه بمصر وإثيوبيا والسودان عن بعد، لاستكمال التشاور حول دور خبراء الاتحاد الأفريقي في ملف سد النهضة، نتيجة اعتراض السودان على عدم البدء مباشرة في إجراء الاجتماعات الثنائية، التي تم الاتفاق عليها أمس بين وفد كل دولة وفريق الخبراء حول المقترح الذي قدموه ورحبت به كل من إثيوبيا والسودان وتحفظت مصر على مضمونه.
وذكر بيان لوزارة الري والموارد المائية السودانية، اطلع عليه "العربي الجديد"، أنه واستناداً إلى مخرجات الاجتماع الوزاري الثلاثي بين السودان ومصر وإثيوبيا حول ملء وتشغيل سد النهضة، أمس الأحد، تقدم السودان بطلب لعقد اجتماع ثنائي مع خبراء الاتحاد الأفريقي والمراقبين مساء اليوم نفسه، مبيناً أنه لم يتلق رداً على طلبه.
وأضاف البيان "بدلاً عن ذلك، تسلّم السودان دعوة إلى مواصلة التفاوض الثلاثي المباشر، ما دفع السودان إلى التحفظ على المشاركة في اجتماع اليوم الاثنين، تأكيداً لموقفه الثابت بضرورة إعطاء دور لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض، وتقريب الشقة بين الأطراف الثلاثة".
وقال بيان الوزارة إن إثيوبيا كانت قد دعت إلى عقد الاجتماع، حيث شارك وزيرا المياه من مصر وإثيوبيا والوفود الفنية والقانونية من الدولتين والمراقبين والخبراء المعينين من قبل مفوضية الاتحاد الإفريقى، ولم يشارك ممثلو السودان، وعليه تم إنهاء الاجتماع وتم الاتفاق على رفع الأمر لوزيرة العلاقات الدولية بدولة جنوب إفريقيا بصفتها الرئيس الحالي للإتحاد الأفريقي، بحيث يتم بحث الخطوات المستقبلية خلال الاجتماع السداسي الوزاري المقرر عقده في العاشر من الشهر الجاري.
وذكر البيان أنه كان قد تم التوافق على عقد جولة مفاوضات بين الدول الثلاث تمتد لمدة أسبوع، بهدف التباحث حول نقاط التوافق والنقاط الخلافية في اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، على أن يتم، في نهاية هذا الأسبوع، عقد اجتماع سداسي وزاري آخر برئاسة دولة جنوب أفريقيا للنظر في مخرجات جولة المفاوضات الثلاثية.
وأكدت الوزارة تمسّكها بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الأفريقي، إعمالاً لمبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية، على أن يلعب الخبراء دوراً أكثر فعالية في تسهيل التفاوض.
وشارك وزراء الخارجية والمياه لكل من مصر والسودان وإثيوبيا في الاجتماع السداسي الوزاري حول سد النهضة، أمس، عن بعد، برئاسة جنوب أفريقيا بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وأكدت مصر، خلال الاجتماع، ضرورة التوصل، في أقرب فرصة ممكنة، إلى اتفاق حول سد النهضة، قبل بداية المرحلة الثانية من ملء خزان السد، وبما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، ويؤمّن في الوقت نفسه حقوق مصر ومصالحها المائية.
وانتهى الاجتماع إلى التوافق على عقد جولة مفاوضات بين الدول الثلاث تمتد لمدة أسبوع، بهدف التباحث حول الجوانب الموضوعية والنقاط الخلافية في اتفاق سد النهضة، وذلك بحضور المراقبين الذين يشاركون في المفاوضات والخبراء المعينين من قبل مفوضية الاتحاد الأفريقي، على أن يتم في نهاية هذا الأسبوع عقد اجتماع سداسي وزاري آخر برئاسة جنوب أفريقيا للنظر في مخرجات جولة المفاوضات الثلاثية.
ويصعّب سوء العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإثيوبيا والتصريحات الحادة بينهما في الآونة الأخيرة، عمليا، تحقيق أي إنجاز في المفاوضات الحالية، خاصة بعدما وصل التصعيد بينهما إلى حد الدخول في مناطق تعتبرها كل دولة من المحظورات وخرقا للخطوط الحمراء. فمقابل الحديث الإثيوبي لأول مرة عن فض اعتصام رابعة وظروف وفاة الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي، كان الرد المصري هو الأول من نوعه الذي ينتقد التعامل الإثيوبي الرسمي مع القوميات العرقية في تجراي وأوروميا وبني شنقول، مضافا إلى انتقادها المتكرر لمسؤولية إثيوبيا عن النزاع الحدودي والتوتر الميداني المستمر مع السودان.
واستدعت مصر، الأربعاء الماضي، القائم بالأعمال الإثيوبي في القاهرة لإبلاغه رسميا برفضها تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي عن الشأن الداخلي المصري، ثم أصدرت بيانا حادا للرد عليه، معتبرة تلك التصريحات "خروجاً فجاً عن الالتزامات الواردة في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، والذي ينص بوضوح في مادته الرابعة على التزام الدول الأعضاء بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى، ويعد خروجاً عن القيم الأفريقية العريقة".
وسبق أن قالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، الأسبوع الماضي، إن "مصر ليست قلقة بسبب تأخر التوصل إلى اتفاق طالما استمر مستوى الفيضان على وضعه الحالي"، لكنها "لن تعتد بأي تفاهم ثنائي بين إثيوبيا والسودان على أجندة الاجتماعات المقبلة".
وكشفت أنها رصدت بالفعل تقاربا بين الطرفين الآخرين في التركيز على بعض النقاط دون الأخرى، وإهمال للقضايا الأساسية التي تهم مصر، وهو ما قد يلقي بظلاله على الاجتماعات القادمة التي ستعقد تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
من جهة ثانية، وصل إلى الخرطوم، اليوم الاثنين، رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، في زيارة لم يعلن عنها سابقا.
والتقى كامل خلال الزيارة بنائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). وطبقاً لوكالة السودان للأنباء الحكومية، فإن اللقاء تطرق إلى سبل دعم العلاقات السودانية المصرية، وتطويرها وتعزيز المصالح المشتركة في المرحلة المقبلة.
وشارك في اللقاء مدير جهاز المخابرات العامة جمال عبد المجيد والسفير المصري في الخرطوم حسام عيسى.
ويوم السبت الماضي، أجرى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد فيه البرهان حرص بلاده على تعزيز أواصر التعاون المشترك مع مصر، وتبادل معه وجهات النظر حول القضايا الإقليمية، بينما أكد السيسي حرص مصر واستعدادها لمواصلة التعاون مع السودان في كافة المجالات، والتنسيق والتشاور خلال الفترة المقبلة بشأن الملفات الإقليمية والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز آفاق التعاون الثنائي بين البلدين.