أكد السودان، اليوم الإثنين، أنه لن يدخل في أي جولات تفاوض جديدة حول سدّ النهضة الإثيوبي، ما لم يتم الاتفاق على تغيير منهجية التفاوض، بمنح دور أكبر للمراقبين والخبراء، مؤكداً رفضه المطلق لتقاسم المياه مع إثيوبيا خلال جولات التفاوض.
جاء ذلك على لسان وزير الري والموارد المائية، ياسر عباس الذي اجتمع، اليوم الإثنين، بالسفيرة الفرنسية بالخرطوم إيمانويل بلاتمان، والتي ترأس بلادها الدورة الحالية لمجلس الأمن، وبحث معها ملف مفاوضات سدّ النهضة، والمعوقات التي تقف حجر عثرة فيها، وذلك قبل ثلاثة أيام من الجلسة التي حدّدها مجلس الأمن الدولي لمناقشة تطورات سدّ النهضة، وهي الجلسة التي تُعقد بناءً على طلب السودان.
وطبقاً لبيان صادر عن وزارة الري والموارد المائية، فإن الوزير شرح للدبلوماسية الفرنسية، سير المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي منذ شهر يونيو/حزيران 2020 وحتى فبراير/شباط الماضي، وأشار إلى أنه مع بداية المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، كانت نسبة القضايا المتفق عليها بين الدول الثلاث وبشهادة الاتحاد الأفريقي نفسه 90 بالمائة، لكنها تراجعت إلى أقل من ذلك بنهاية جولات التفاوض.
وأضاف عباس أن المفاوضات، وبموجب إعلان المبادئ، محصورة في عملية الملء والتشغيل فقط، وذلك خلال ما يقارب 10 سنوات، متهماً إثيوبيا بتغيير موقفها في شهر يوليو/تموز 2020، وبدْء الحديث عن حصص مياه، وهذا ما رفضه السودان بصورة واضحة، باعتبار أن المفاوضات للملء والتشغيل، لافتاً إلى التعقيد الذي طرأ على قضية سدّ النهضة، والتي أصبحت قضية سياسية أكثر من كونها فنية، حسب تقديره.
واستطرد عباس بأن السودان دعم سدّ النهضة من الوهلة الأولى، لأن لإثيوبيا حقاً، وفق القانون الدولي للمياه وللفوائد المتوقعة للسودان من السدّ، لكنه حذر في نفس الوقت من تحول فوائد سدّ النهضة إلى أضرار وكوارث تقع على السودان إذا لم يتم توقيع اتفاق قانوني، نافياً أن يكون مقترح السودان الخاص بالوساطة الرباعية بديلاً للاتحاد الأفريقي.
وأوضح عباس أن إثيوبيا اتخذت بالفعل قرار الملء الثاني لسدّ النهضة في يوليو الحالي، وشرعت في بناء الممر الأوسط مع وجود فتحتين سفليتين متوسط تصريفهما 90 مليون متر مكعب في اليوم.
وكشف عن تحوطات فنية اتخذتها بلاده لتقليل آثار الملء الأحادي خلال الشهر الحالي، وذلك بالمحافظة على مخزون مليار متر مكعب في خزان الروصيرص، وتغيير تشغيل خزان جبل أولياء لأول مرة وعدم تفريغه لأدنى منسوب، ونبه إلى أن تلك التحوطات لها آثار على التوليد الكهرومائي، وتم اتخاذها لعدم توفر أي معلومات أو تبادل للبيانات مع إثيوبيا، وهذا هو السبب الذي يدعو السودان للمطالبة بتوقيع اتفاق مع الجارة إثيوبيا.
وشدد وزير الري للسفيرة الفرنسية على ضرورة ممارسة الضغوط الخارجية على إثيوبيا حتى لا يتم الملء من جانب واحد، حتى تعود إثيوبيا للمفاوضات، وذلك للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.
في سياق متصل، توجهت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، اليوم إلى نيويورك للمشاركة في جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة.
وذكر بيان من الخارجية السودانية أن المهدي ستقدم خطاب السودان في الجلسة وفيه تحيط مجلس الأمن علما بالموقف السوداني، ومطالبه الموضوعية، وضرورة إشراك الشركاء الدوليين في المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي.
وفي إطار التحركات الدبلوماسية لدعم الموقف السوداني من سد النهضة التقى السفير محمد شريف، وكيل وزارة الخارجية، بمجموعة السفراء العرب المعتمدين لدى الخرطوم لاطلاعهم على رؤية بلاده الثابتة من سد النهضة، والقائمة على ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف فيما يتعلق بملء وتشغيل السد.
وأكد شريف أن السودان يقر بحق إثيوبيا في التنمية بشرط الالتزام بالقانون الدولي لاستخدام المياه العابرة للحدود، الذي يرتكز على الالتزام بالاستخدام العادل للمياه دون إلحاق أي ضرر بدول المصب، وكذلك التزام السودان بالمفاوضات تحت رئاسة الاتحاد الأفريقي مع تعزيز دور المراقبين من المجتمع الدولي.
السودان يقر بحق إثيوبيا في التنمية بشرط الالتزام بالقانون الدولي لاستخدام المياه العابرة للحدود
وأبلغ شريف السفراء العرب بأن طلب السودان عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي يهدف إلى تعزيز دور المجتمع الدولي في حث الأطراف الثلاثة على الوصول إلى اتفاق في إطار زمني لا يتجاوز الستة أشهر، آخذين بالاعتبار ما تم التوافق عليه مسبقاً.
من جانبهم، أشاد السفراء العرب بجهود ومساعي الدبلوماسية السودانية في الوصول إلى اتفاق حول سد النهضة، مؤكدين دعمهم الكامل ووقوفهم بجانب السودان.