السودان... مخاوف ساعة الصفر

28 مارس 2023
تبقى المخاوف قائمة من سعي البرهان لفرض وصايته على الحكومة (محمود حجاج/الأناضول)
+ الخط -

الأسبوع الماضي، اتفقت أطراف التسوية السياسية في السودان على جداول زمنية تبدأ في الأول من إبريل/ نيسان المقبل، بالتوقيع على الاتفاق النهائي، ثم في السادس من إبريل يتم التوقيع على الدستور الانتقالي، وفي الحادي عشر من الشهر يبدأ تشكيل الحكومة على المستوى السيادي والتنفيذي.

بعد ذلك الاتفاق، تسارعت خطى التسوية السياسية، وأُعلن مباشرة عن بدء ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي كانت متعثرة طوال الأسابيع الماضية، وتغيّرت لهجة وخطاب قائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان، وهذا ما ظهر أكثر أثناء كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لورشة الإصلاح الأمني، ودفاعه عن العملية السياسية برمتها ودعمه خيار تشكيل حكومة مدنية، ما يعني أننا اقتربنا من ساعة صفر الاتفاق النهائي.

لكن مع ذلك، يمكن لقائد الانقلاب في أي وقت التراجع عن وعوده وتعهداته والاتفاقيات الموقّعة بينه وبين المدنيين، خصوصاً أن هناك "تحالف الحرية والتغيير ــ الكتلة الديمقراطية" لم يشارك في العملية السياسية ويرفض المساعي المستمرة لإلحاقه بها. ويُعد هذا التحالف الحليف الأساسي للبرهان، وهيأ معه من قبل كل المناخات للانقلاب العسكري، العام 2021، ويواصل معه السيطرة على السلطة في أهم المواقع التنفيذية.

ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون التحالف قد اتخذ قرار رفض المشاركة في العملية السياسية من دون الرجوع للبرهان الذي ربما يجد في المواقف المتصلبة للتحالف فرصة جديدة للحديث عن عدم التوافق بين المدنيين وضعف عدد الموقّعين على الاتفاق الإطاري، وغيرها من مبررات يمكن أن ينفذ عبرها لتمرير أجندته القديمة المتجددة للبقاء في السلطة إلى حين يقرر مغادرتها.

حتى ولو تم توقيع اتفاق نهائي وشُكّلت حكومة مدنية مع احتفاظ البرهان بمنصب قائد الجيش، فذلك لن يمنعه من فرض وصايته على الحكومة المدنية، كما فعل في أوقات سابقة، أو كما هدد الآن بأن الجيش موجود وسيتدخل متى ما حادت الحكومة المدنية عن الطريق، وذلك هو الخطر الأكبر على كل شيء وفي أي زمان.

ما يزيد الشكوك حول نوايا قادة الجيش، هي تصريحاتهم المستمرة في الفترة الأخيرة عن ضرورة دمج قوات الدعم السريع في الجيش ووضعه كشرط ضمان للموافقة على التسوية السياسية الحالية، ما يؤكد عدم حماستهم لبنود التحوّل الديمقراطي والعدالة وتركيزهم فقط على قوات الدعم السريع التي اختلفت عنهم. بالتالي لا يُستبعد أن يحقق قادة الجيش بعد سنة أو سنتين أو ثلاثة مبتغاهم بدمج الدعم السريع ومن ثم إكمال انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 ولو بعد سنوات.

المساهمون