السودان.. تفاصيل وأصداء المحاولة الانقلابية الفاشلة

21 سبتمبر 2021
تتضارب المعلومات حول القائد الفعلي للمحاولة الانقلابية (الأناضول)
+ الخط -

استفاق السودانيون، فجر اليوم الثلاثاء، على وقع الإعلان عن محاولة انقلابية فاشلة، على السلطة الانتقالية، نفذها ضباط من سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة، جنوب الخرطوم، ليزيد ذلك الإعلان من المخاوف على مصير المرحلة الانتقالية التي تتضاعف هشاشتها يوماً بعد يوم.

ملخص ما جرى

فوجئ العاملون بالتلفزيون الحكومي، الواقع بمدينة أم درمان، غرب الخرطوم، بدخول ضباط إلى مقره للمطالبة ببث موسيقى عسكرية تمهيداً لإذاعة البيان الأول للانقلاب، فرفض العاملون، وبادروا بنشر شريط إخباري قصير، عن محاولة انقلابية تجرى حالياً، وعلى الشعب التصدي، كما اكتشف العاملون وجود انتشار قوات من الجيش بالقرب من مقر التلفزيون، غير مألوفة لديهم.

وبعد ذلك، بدأ تدفق المعلومات عن أن المحاولة الانقلابية بدأت بسلاح المدرعات، جنوب الخرطوم، وأنهم نجحوا في ساعات الصباح الأولى في السيطرة تماماً على سلاح المدرعات، الذي يعد حاسماً في كل المحاولات الانقلابية في السودان، كما سيطر الانقلابيون على جسر النيل الأبيض الرابط بين الخرطوم وأم درمان، بالقرب من مبنى البرلمان ومقر السلاح الطبي.

ولم تتمكن القوة التقدم أكثر من ذلك، ولم تستطع الوصول إلى مقر القيادة العامة لقيادة الجيش السوداني بالخرطوم، وإن كانت هناك معلومات أخرى عن تحركات لمجموعات موالية لهم داخل القيادة نفسها، أخمدت في الثالثة فجراً.

أخبار
التحديثات الحية

وبعد إعلان التلفزيون، خرج المتحدث الرسمي باسم مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، بمنشور على صفحته في فيسبوك، يدعو فيه الشعب السوداني لأن يهب للدفاع عن البلاد، قبل أن يردفه بمنشور جديد بعد ساعة من الأول، أكد فيه أن الأمور تحت السيطرة وأن الثورة منتصرة.

وأكد سليمان لـ"العربي الجديد" لاحقاً أن المحاولة أُحبطت وأن القوات المسلحة استعادت كل المناطق العسكرية التي سيطر عليها الانقلابيون، وألقت القبض على عدد من صغار الضباط يجرى التحري معهم، لافتاً إلى عدد محدود من المشاركين في المحاولة الانقلابية لم يستسلم ويسيطر على اثنتين من المدرعات بمنطقة الشجرة العسكرية.

وأكدت المعلومات اللاحقة استسلامهم بعد عملية تفاوض، خصوصاً أن منطقة سلاح المدرعات قريبة من مناطق مأهولة بالسكان، مما يصعب التعامل معهم عسكرياً، ومن ثم تم إلقاء القبض على المجموعة، التي بلغ عددها 18 ضابطاً من الرتب الوسيطة والعليا. 

وتتضارب المعلومات حول القائد الفعلي لمحاولة الانقلاب، ما بين اللواء مصطفى بكراوي واللواء عبد الباقي الحسن، وبكراوي واحد من الضباط الذين أحالهم الرئيس السابق عمر البشير للتقاعد، نتيجة مواقفه من قوات الدعم السريع في ذلك الوقت، وأعاده البرهان في الفترة السابقة، وهو خريج الدفعة 39 بالكلية الحربية السودان، وعمل نائباً لسلاح المدرعات في عام 2019، وسبق له أن اعتُقل رفقة عدد من الضباط، لكن السلطات العسكرية أطلقت سراحهم.

وكان بكراوي أُحيل في وقت سابق للتحقيق بتهمة الإساءة لنائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وليس هناك معلومات متوفرة حتى الآن عن اللواء عبد الباقي الحسن، وطبقاً لوزير الإعلام حمزة بلول، التي تحدث لـ" العربي الجديد"، فإنه بمراجعة قوائم الضباط المشاركين، فإن أغلب الموقوفين ينتمون بشكل أو بآخر للنظام البائد وتنظيماته السرية التي تعمل السلطات منذ فترة على تفكيكها.

وبعد ذلك، خرج العميد الطاهر أبوهاجة، المستشار الإعلامي، للقائد العام للقوات المسلحة، بتصريح من أسطر محدودة، عبر التلفزيون الحكومي ووكالة السودان للأنباء، أعلن فيه إحباط المحاولة الانقلابية، فيما استمر رفض مجموعة سلاح المدرعات لفكرة الاستسلام، أو حتى السماح بالقبض على القيادات العليا.

تقارير عربية
التحديثات الحية

الرواية الرسمية

في الحادية عشرة ونصف صباحاً، أذاعت أجهزة الإعلام بياناً من الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، وزير الثقافة والإعلام، حمزة بلول، أكد فيه إحباط المحاولة تماماً والقضاء على آخر جيوبها، بالقبض على آخر مجموعة من الضباط بمعسكر الشجرة، جنوب الخرطوم، وأعاد الوزير الاتهام لمن سماهم فلول النظام البائد، بالتورط في المحاولة الانقلابية.

وأعلن بلول القبض على الضباط، مع عمل الأجهزة العسكرية على ملاحقة بقية المتورطين، ومن اللافت في حديث الوزير الكشف عن مشاركة مدنيين، والذين تم القبض عليهم أيضاً.

ودعا الوزير الشعب السوداني والقوى السياسية وأطراف العملية السلمية ولجان المقاومة لتوخي اليقظة تجاه تكرار المحاولات الانقلابية، من أجل حماية الثورة، وتعهد بعدم تفريط مؤسسات الحكم المدني في مكتسبات الشعب وثورته، وأنها ستكون على خط الدفاع الأول لحماية الانتقال من قوى الظلام المتربصة بالثورة، ووعد بتقديم التفاصيل الكاملة لمخطط الانقلاب الفاشل الذي حاول عبثا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

ردود أفعال

قال رئيس الوزراء السوداني، في أول تعليق له على المحاولة الانقلابية، إن ما حدث انقلاب مدبر من جهات داخل وخارج القوات المسلحة وهو امتداد لمحاولات الفلول منذ سقوط النظام البائد إجهاض الانتقال المدني الديمقراطي.

وأضاف حمدوك، خلال ترأسه اجتماع طارئ لمجلس الوزراء اليوم الثلاثاء، أن المحاولة الانقلابية الفاشلة تستهدف الثورة وكل ما حققه الشعب العظيم من إنجازات لتقويض الانتقال المدني وإغلاق الباب أمام حركة التاريخ لكن عزيمة الشعب كانت أقوى. 

وذكر أن الانقلاب مظهر من مظاهر الأزمة الوطنية التي أشارت لها مبادرته السابقة، لافتاً لضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية ومراجعة كاملة لتجربة الانتقال بكل شفافية ووضوح والوصول لشراكة مبنية على شعارات ومبادئ الثورة وطريق يؤدي إلى الانتقال المدني الديمقراطي.

من جهته، تعامل الشارع السوداني بصورة طبيعية مع الإعلان عن فشل المحاولة الانقلابية، واستمرت الحياة كعادتها في العاصمة الخرطوم، وحتى في المناطق القريبة من بؤر المحاولة، وتحديداً منطقة الشجرة، حيث مقر سلاح المدرعات.

أما على صعيد وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أثارت الحادثة جدلاً واسعاً ما بين مصدق للرواية ومكذب، واتهم آخرون المكون العسكري بإطلاق محاولة الانقلاب لقياس درجة تقبل الرأي العام لفكرة الانقلاب، وربط البعض بين المحاولة ومخططات تهيئة المناخ قبل أيام من خلال إشاعة الفوضى للانقلاب والاعتصام في شرق السودان، كما مضى بعضهم إلى الاحتفاء بالتحرك ليكون جرس إنذار للحكومة حتى تتلافى فشلها، حسب تقديرهم.

وعلى صعيد الأحزاب والتيارات السياسية، فقد سارع حزب الأمة القومي، الشريك الرئيس في الحكم، إلى إصدار بيان، دان فيه التحرك العسكري، وأكد أن الجماهير الصامدة ستقف سداً منيعاً لحماية مشاريع الحق ودحر المتربصين بأمن وسلامة الوطن، ودعا الكل للانتفاض من أجل حماية مكتسبات الثورة.

كذلك أصدرت لجنة المقاومة، أيقونة الحراك الثوري، بياناً، أكدت فيه كامل جاهزيتها للتصدي لأي محاولات لإعاقة التقدم في بناء الدولة السودانية، مهما كان الثمن الذي ستدفعه، وأوضحت أن المبدأ الأساسي الذي خرج المواطنون من أجله في ثورة ديسمبر هو الرفض التام لأي انقلاب عسكري أو صعود أي عسكري كان على رأس الدولة بحكم شمولي، وأن لجان المقاومة ثابتة على تلك المبادئ.