- البطالة والهجرة بين الشباب تشكلان تحديات اقتصادية كبيرة، مع ضرورة تغيير بنية الاقتصاد والاستثمار في الصناعة ورأس المال البشري بالتعاون مع القطاع الخاص.
- فاي يواجه ضغوطًا لإظهار نتائج سريعة في خفض أسعار الأساسيات ومكافحة الفساد، مع الحاجة لاتخاذ قرارات حول حل الجمعية الوطنية وتشكيل حكومة كفؤة، وسط تطلعات لاستقرار وتقدم السنغال.
تستعد السنغال لتنصيب باسيرو ديوماي فاي رئيساً جديداً للبلاد يوم الثلاثاء المقبل بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، نفسه أمام تحديات صعبة في مقابل التوقعات المرتفعة.
وفي ما يلي لمحة عن نوايا الرئيس الجديد المناهض للمؤسسة التقليدية.
مشاريع تمثّل أولوية باسيرو ديوماي فاي
حدد الرئيس السنغالي الجديد أولوياته في أولى تصريحاته التي أعقبت فوزه في الانتخابات وتمثّلت بخفض تكاليف المعيشة ومكافحة الفساد وضمان المصالحة الوطنية.
ورغم ثلاث سنوات من التوتر والاضطرابات الدامية، قام بأول خطوة على طريق المصالحة عبر عقد لقاء مع الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال الخميس، بعد أيام على إطلاق سراح فاي من السجن.
وتعهّد الرئيس السنغالي الجديد بإعادة "السيادة" الوطنية ومعاودة التفاوض على عقود النفط والغاز وتحسين حقوق الصيد.
كما يسعى إلى التخلي عن الفرنك الأفريقي، إذ يرى في العملة الإقليمية إرثاً استعمارياً فرنسياً، كما يتطلع إلى زيادة الاستثمار في الزراعة بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي، أما خبير الاقتصاد من جامعة دكار مامي مور سيني، فإن خلق فرص عمل سيشكّل التحدي الأكبر.
وتقدّر الأرقام الرسمية معدل البطالة بعشرين في المئة في بلد حيث 75 في المائة من السكان البالغ مجموعهم 18 مليوناً تحت سنّ الخامسة والثلاثين.
ويرى العديد من الشباب أن الوضع متدهور للغاية، ما أدى إلى ازدياد الهجرة في أوساطهم سعياً للوصول إلى أوروبا هرباً من الفقر.
لماذا سيكون الأمر صعباً إلى هذا الحد؟
وقال سيني إن "حل مشكلة البطالة سيستغرق وقتاً ولن يكون سهلاً.. يتعيّن تغيير بنية الاقتصاد بأكملها"، لافتاً إلى وجود حاجة إلى استثمارات هائلة في قطاع الصناعة في اقتصاد لطالما اعتمد على الخدمات.
وأوضح سيني أن على ديوماي فاي ألا يحاول تحمّل مسؤولية خلق فرص عمل جديدة وحده، مشيراً بدلاً من ذلك إلى أن على الحكومة العمل مع القطاع الخاص والاستثمار في رأس المال البشري لتنشئة بيئة مناسبة للأعمال التجارية.
وعلى وقع وباء كوفيد والحرب في أوكرانيا، عانى الاقتصاد السنغالي تداعيات الصدمات الخارجية لترتفع كلفة الخدمات الأساسية والإيجارات كثيراً.
ويتوقع الناخبون أن يروا النتائج سريعاً، لكن سيني حذّر من أنه "سيتعيّن عليهم أن يتحلوا بالصبر". وأضاف "لن يُحل كل شيء بين ليلة وضحاها".
ما الذي يمكن أن يتحقق سريعا؟
سيقضي أول اختبار بإقامة "بيئة مواتية لإعادة إرساء الثقة بين السنغاليين" التي فُقدت في عهد الرئيس ماكي سال، بحسب سيني.
وسعى ديوماي فاي لطمأنة المستثمرين بأن السنغال "ستبقى دولة صديقة وحليفاً موثوقاً يمكن الاعتماد عليه شريكاً يقيم معنا تعاوناً إيجابياً مبنياً على الاحترام ومثمراً للطرفين".
وقال المحلل السياسي الحجي محمد مباي إن على فاي أن يقدّم إثباتاً للناخبين بشأن نواياه عبر "المسارعة إلى خفض أسعار الأساسيات" مثل الأرز والزيت والكهرباء.
ويمكن أيضاً إدخال إصلاحات مؤسساتية ومكافحة الفساد عبر استحداث منصب المدعي العام المالي الوطني في أسرع وقت.
وسيتعيّن على فاي اتّخاذ قرار بشأن حل الجمعية الوطنية التي انتُخبت في سبتمبر/ أيلول 2022 ولم يحصل حزبه على الأغلبية فيها.
وبموجب الدستور السنغالي، يتعيّن على الجمعية أولاً إكمال عامين، ما يتيح إجراء انتخابات جديدة اعتباراً من منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقال مباي إن أول حكومة لفاي ستضم "رجالاً ونساء من أصحاب الكفاءة والفضيلة.. من الداخل ومن الشتات ممن يُعرفون بكفاءتهم ونزاهتهم ووطنيتهم".
وشهدت السنغال منذ 2021 فترات من الاضطرابات نتيجة الصراع الشرس بين المعارض عثمان سونكو، مستشار المرشح ديوماي فاي، والسلطة، فضلاً عن التوتر الاجتماعي والغموض الذي أبقى عليه الرئيس لفترة طويلة حول احتمال ترشحه لولاية ثالثة. واستمرت الأزمة مع تأجيل الانتخابات.
وقتل عشرات الأشخاص وأوقف المئات، ما قوض صورة البلاد، وهو ما تعتبره الحكومة ظلماً.
(فرانس برس، العربي الجديد)