اتهمت السلطات الجزائرية أعوان السلك النظامي للدفاع المدني بالانسياق "في خدمة أطراف حاقدة على الجزائر"، في أعقاب إضراب ومظاهرات نظّمها أعوان الدفاع المدني أمس الأحد في العاصمة وعدة مدن جزائرية، أعقبتها مواجهات عنيفة بين قوات الشرطة والمحتجين الذين يطالبون بحقوق مهنية واجتماعية وزيادة الأجور والمنح.
ونشرت وزارة الداخلية بياناً وصفت فيه الحركة الاحتجاجية التي قام بها أعوان الحماية المدنية بأنها "أمر غير مسموح به تحت أي ظرف، وبصفتهم سلكاً نظامياً خاصاً"، واعتبرتها حركة احتجاجية مفتعلة ومدفوعة من أطراف عدة لها حقد على الجزائر، و"بأجندات مغرضة تزامنت مع مباشرة السلطات الوصية دراسة الانشغالات المهنية والاجتماعية لمنتسبي هذا السلك، والسهر على التكفّل الأمثل بالمطالب المرفوعة في إطار ما يسمح به القانون".
وذهبت الداخلية الجزائرية إلى حد وصف الحركة الاحتجاجية بأنها "مدبّرة، وبصفتهم سلكاً نظامياً خاصاً فإن مثل هذه التصرفات التي تمس بالنظام والسكينة العموميين؛ تعد أمراً غير مسموح به تحت أي ظرف"، وطالبت السلطات أعوان الدفاع المدني بضرورة "العدول عنها بصفة نهائية"، وهددت "باتخاذ كل الإجراءات القانونية"، لكون "قيام أعوان الحماية المدنية بتنظيم حركة احتجاجية؛ يعد مخالفة للقانون ولممارسة حق الإضراب، ويتعارض مع أحكام القانون الأساسي للموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة".
واستخدمت قوات الشرطة مساء أمس الأحد القوة والعصي والقنابل المسيلة للدموع، لتفريق مسيرة لأعوان الدفاع المدني في العاصمة الجزائرية، وهو ما أثار استياء كبيراً في الجزائر، بسبب الاحترام الكبير الذي يحظى به أعوان الدفاع المدني لدى الجزائريين، حيث عبّرت عدة أطراف عن رفضها لما وصفته بالـ"التعامل القاسي" للشرطة مع أعوان الحماية المدنية، وحذّرت من وضع هيئتين نظاميتين في مواجهة مفتوحة في الشارع، باعتبار أن الشرطة والدفاع المدني هيئتان نظاميتان تتبعان لوزارة الداخلية.
وكانت المديرية العامة للدفاع المدني في الجزائر قد ذكرت أن كل المطالب المرفوعة المعبّر عنها خلال الوقفات الاحتجاجية؛ سيتم تحقيقها، ودعت الأعوان إلى "التحلي بالانضباط وروح المسؤولية العالية المعروفة لدى أبناء القطاع، وعدم الانسياق وراء المناشير التحريضية التي تهدف إلى زرع البلبلة والفوضى وتهدد استقرار الوطن".
يُذكر أن نقابة أعوان الدفاع المدني وموظفيه انحازت إلى صف السلطات، بينما اعترض أعوان الدفاع المدني على موقف نقابتهم، ورفضوا الاعتراف بشرعيتها أو الاستماع إلى دعواتها لهم بوقف الحركة الاحتجاجية.
وتلجأ الحكومة الجزائرية في الغالب إلى إطلاق اتهامات ضد أي من النقابات والحركات الاحتجاجية والإضرابات بخدمة أجندات أجنبية أو وجود أيادٍ تقف وراء هذه الإضرابات، والتشكيك في خلفياتها السياسية.
وقبل يومين، كان رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز جراد قد اتهم النقابات العمالية التي شنّت سلسلة إضرابات في قطاعات مختلفة، كالصحة والتعليم والبريد والنقل، "بالسعي لاستغلال الحقوق النقابية لتعكير المناخ السياسي، وقال: "لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد للاحتجاجات النقابية واستغلال الحريات النقابية والإضرابات، لا يُفهم منه إلا أنه يخدم أهدافاً واضحة وإن كانت غير معلنة، ترمي إلى تعكير مناخ التغيير الذي شرعت فيه السلطات".