"وول ستريت جورنال": السعودية والإمارات "رفضتا" مكالمات من بايدن أثناء الأزمة الأوكرانية

09 مارس 2022
بن سلمان وبن زايد أصبحا أكثر صراحة في انتقادهما للسياسة الأميركية بالخليج (Getty)
+ الخط -

بينما كانت الولايات المتحدة الأميركية تحاول بناء دعم دولي لأوكرانيا، إثر بدء الاجتياح الروسي لها، حاول البيت الأبيض ترتيب اتصالات بين الرئيس الأميركي جو بايدن، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لكن "دون جدوى"، حسبما يشير مسؤولون أميركيون لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وقال المسؤولون في البيت الأبيض الذين لم تحدد الصحيفة هويتهم، إن بن سلمان وبن زايد "رفضا طلب الولايات المتحدة بالتحدث إلى بايدن في الأسابيع الأخيرة، حيث أصبح المسؤولان السعودي والإماراتي أكثر صراحة في الأسابيع الأخيرة، في انتقادهم للسياسة الأميركية في الخليج".

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الأميركيين عن المناقشة المخطط لها بين الأمير السعودي وبايدن، قوله "كان لدينا توقعات لإجراء مكالمة هاتفية، لكن ذلك لم يحدث".

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إنه سيتم إعادة جدولة المكالمة بين بايدن ومحمد بن زايد.  فيما أجرى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد اتصالاً بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن بحثا فيه "القضايا الثنائية، وعددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والمستجدات على الساحة الأوكرانية، وأهمية العمل على الوصول لتسوية سياسية للأزمة".

تدهور العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة

وتدهورت العلاقة بين السعودية وواشنطن، في ظل إدارة بايدن، حيث تريد الرياض دعماً أكبر لحربها في اليمن، والمساعدة في برنامجها النووي المدني أسوة بإيران، والحصانة القانونية لبن سلمان في الولايات المتحدة، حيث يواجه دعاوى قضائية عدة في الولايات المتحدة، بما في ذلك بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018.

ويشاطر الإماراتيون السعودية مخاوفهم حيال الرد الأميركي الباهت على الضربات الصاروخية الأخيرة التي شنها مسلحون حوثيون مدعومون من إيران في اليمن ضد الإمارات والسعودية. وتشعر الحكومتان بالقلق أيضًا بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني، الذي لا يعالج مخاوفهما الأمنية الأخرى، بعد أن دخل المراحل النهائية من المفاوضات في الأسابيع الأخيرة.

البيت الأبيض يسعى إلى إصلاح العلاقات مع الدولتين، اللتين يحتاج إليهما بايدن مع ارتفاع أسعار النفط

وتشير "وول ستريت جورنال" إلى أن البيت الأبيض يسعى إلى إصلاح العلاقات مع الدولتين، اللتين يحتاج إليهما بايدن مع ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 130 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ ما يقرب من 14 عامًا.

وتعدّ السعودية والإمارات المنتجين الرئيسيين الوحيدين للنفط اللذين يمكنهما ضخ ملايين البراميل الإضافية من النفط – كي تساعد، إذا تمت، في تهدئة سوق النفط الخام في وقت وصلت فيه أسعار البنزين الأميركية إلى مستويات مرتفعة.

وكان كل من بريت ماكغورك، منسق الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وآموس هوكشتاين، مبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة، قد سافرا إلى الرياض أواخر الشهر الماضي في محاولة لإصلاح العلاقات مع المسؤولين السعوديين. كما التقى ماكغورك مع بن زايد في أبوظبي في محاولة لمناقشة الإحباط الإماراتي من رد الولايات المتحدة على هجمات الحوثيين. إذ كان من المتوقع أن تركز المكالمة مع بن زايد في أوائل فبراير على الطرق التي يمكن للبلدين من خلالها مواجهة هجمات الحوثيين من اليمن.

وقال مسؤول أميركي إن إدارة بايدن "عملت بجد لتعزيز الدفاعات الصاروخية السعودية والإماراتية، وإن أميركا ستزيد جهودا في الأشهر المقبلة لمساعدة الدولتين الخليجيتين على حماية نفسيهما".

لكن السعوديين والإماراتيين رفضوا ضخ المزيد من النفط، قائلين إنهم متمسكون بخطة إنتاج تمت الموافقة عليها بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ومجموعة من المنتجين الآخرين بقيادة روسيا. وقد عزز تحالف الطاقة مع روسيا، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، قوة أوبك وزاد في قرب السعوديين والإماراتيين إلى موسكو.

وكان بن سلمان وبن زايد قد تلقيا مكالمات هاتفية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، بعد رفضهما التحدث مع بايدن. وتحدث الاثنان في وقت لاحق مع الرئيس الأوكراني، وقال مسؤول سعودي إن الولايات المتحدة طلبت من بن سلمان التوسط في النزاع.

وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى عدم وجود خطط للتحدث مع بن سلمان في أي وقت قريب بشأن النفط، وعدم وجود خطط لسفر بايدن إلى السعودية.

ويمتد الخلاف بين بايدن وولي العهد السعودي إلى الانتخابات الرئاسية لعام 2020، حين تعهد المرشح الديمقراطي بمعاملة المملكة كدولة "منبوذة" بعد أن قتل فريق اغتيال سعودي جمال خاشقجي في عام 2018 بإسطنبول.

وبعد توليه منصبه، أجاز بايدن تقريراً للاستخبارات الأميركية خلص إلى أن بن سلمان وافق على خطة القبض على خاشقجي أو قتله. وكان بن سلمان قد نفى معرفته بأي شيء عن المؤامرة، مع أن محكمة سعودية أدانت أشخاصًا مقربين من ولي العهد بالمشاركة في قتل الصحافي.

كما انتقد بايدن علناً المملكة العربية السعودية بسبب حربها الطويلة في اليمن، وقطع تدفق بعض الأسلحة التي يمكن أن تستخدمها الرياض لاستهداف الحوثيين. وتراجع بايدن عن خطة من سلفه ترامب وضعت الحوثيين على القائمة الرسمية الأميركية للجماعات الإرهابية العالمية.

وقالت ساكي يوم الاثنين إن الرئيس يتمسك بوجهة نظره بأن السعودية يجب أن تعامل كدولة "منبوذة". وكان بن سلمان قد رد في مقابلة مع مجلة أتلانتيك نشرت الأسبوع الماضي عما إذا كان بايدن أساء فهم الزعيم السعودي: "ببساطة، لا أكترث". وأضاف أن تنفير القادة السعوديين سيضر بالرئيس الأميركي. حيث قال: "الأمر متروك له للتفكير في مصالح أميركا".

واعترف مسؤول أميركي بأن بن سلمان هو صانع القرار السعودي الرئيسي، وأنه سيتعين على إدارة بايدن إيجاد طرق للعمل مع ولي العهد في كل الملفات من سياسة الطاقة إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

علاقة واشنطن بالإمارات

وكانت الإمارات قد حثت الولايات المتحدة أيضًا على وضع الحوثيين على قائمتها للجماعات الإرهابية وإرسال مساعدات عسكرية إضافية للدفاع عن البلاد أمام المزيد من الهجمات. لكن الولايات المتحدة لم تتحرك لمعالجة هذه المخاوف الإماراتية، وفقا لمسؤولين خليجيين.

وكان يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، قد صرح بأن العلاقات بين البلدين متوترة. "إنها مثل أي علاقة. ثمة أيام قوية حيث تكون العلاقة صحية للغاية وأيام تكون فيها العلاقة موضع تساؤل. اليوم، نحن نمر باختبار إجهاد، لكني واثق من أننا سنخرج منه ونصل إلى مكان أفضل".

المساهمون