الرئيس الموريتاني في الجزائر: تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية

20 ديسمبر 2021
تخدم الزيارة المنتظرة للغزواني السياسة الإقليمية الجزائرية (فرانس برس)
+ الخط -

تتحضّر الجزائر لزيارة يقوم بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الأسبوع المقبل، في سياق انفتاح لافت واندفاع كبير تبديه الجزائر خلال الفترة الأخيرة باتجاه نواكشوط، لغايات سياسية واقتصادية، تندرج أيضا ضمن عودة اهتمام الجزائر بتصحيح مسار علاقاتها بدول الطوق. 
 ويصل ولد الغزواني إلى الجزائر يوم الأحد المقبل، في زيارة تدوم يومين، هي الأولى من نوعها لرئيس موريتاني منذ عشر سنوات، أي منذ آخر زيارة كان قد قام بها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في ديسمبر/كانون الأول 2011.

ويرافق الرئيس الموريتاني وفد وزاري هام للتوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجالات التجارة والصيد البحري والطاقة والأمن والدفاع والحدود، إضافة إلى البنوك، حيث تنوي الجزائر إنشاء فرع لبنك جزائري هو الأول في نواكشوط، إضافة إلى الاتفاق على إنجاز الطريق الاستراتيجي بين تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية، وهو الطريق الذي سيغير، بحسب الكثير من المراقبين، ملامح المنطقة برمتها، عبر توفير حركية تجارية وتنموية كبيرة، ولكونه طريقاً حيوياً يفتح الباب واسعا لتدفق السلع الجزائرية نحو أفريقيا، إضافة إلى أنه سيمكن موريتانيا من التواصل البري مع ثلاث دول مغاربية هي الجزائر وتونس وليبيا.

زيارة الغزواني المنتظرة هي الأولى من نوعها لرئيس موريتاني منذ عشر سنوات

الشأن الاقتصادي وكورونا

وخلال الفترة الأخيرة، شهدت العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجزائر ونواكشوط تطورا كبيرا، ترجمته، إضافة إلى ارتفاع نسق المبادلات التجارية، خاصة منذ فتح المعبر البري التجاري بين البلدين، سلسلة من الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، بدءا من زيارة وزير الشؤون الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى الجزائر في فبراير/شباط 2020، وزيارة وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقدوم إلى نواكشوط في 10 مارس/آذار 2020، ثم الزيارة الأولى من نوعها التي ضمّت أربعة وزراء جزائريين دفعة واحدة إلى نواكشوط، وهم وزراء الشؤون الخارجية والمالية والتجارة والصحة، إضافة إلى المدير العام للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي في يونيو/حزيران 2020.

وعلى خلفية هذه التطورات، أخذت الجزائر على عاتقها إسناد موريتانيا في مواجهة الأزمة الوبائية لكورونا، حيث نقلت الجزائر فريقا من 17 طبيبا وإداريا إلى نواكشوط للمساعدة في إدارة الأزمة وبناء صيدلية مركزية، وأرسلت شحنات من المساعدات اللازمة.

 

 

تعاون عسكري وأمني

كما تطورت العلاقات العسكرية بين الجيشين الجزائري والموريتاني، خاصة بعد زيارة وفد عسكري موريتاني بقيادة قائد الجيش الفريق محمد ولد مكت، تم الاتفاق خلالها على احتمالية توريد قطع ومركبات من الصناعات العسكرية الجزائرية إلى موريتانيا، وكذا تكوين إطارات من الجيش الموريتاني في المدارس العسكرية الجزائرية. 
  ويأخذ الملف الأمني والتعاون في مجال تأمين الحدود بين البلدين أهمية كبيرة، خاصة أن الحدود الممتدة على مسافة واسعة بين البلدين تفرض تعاونا وثيقا لردع ظواهر التهريب وشبكات الاتجار بالمخدرات والسلاح وتهريب البشر وغيرها، لكنه يتضمن أيضا منطقة حدود حساسة تتعلق بقربها من منطقة القراقرات التي تشعل الصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو، خاصة بعد القصف الذي استهدف قبل شهرين شاحنات جزائرية كانت تعبر منطقة الصحراء إلى موريتانيا، قتل خلالها ثلاثة جزائريين اتهمت الجزائر المغرب بالتورط في قتلهم.  

زيارة في خدمة سياسة الجزائر الإقليمية

وتعد هذه الزيارة بالغة الأهمية على الصعيد السياسي والإقليمي، فهي تأتي في ظرف تعيد فيه الجزائر رسم وتطوير علاقاتها مع دول الجوار، وخاصة موريتانيا التي تحظى باهتمام جزائري كبير لغايات اقتصادية، لأنها بوابة حقيقية للوصول إلى الأسواق الأفريقية، ولغايات سياسية، حيث تسعى الجزائر إلى ضم موريتانيا إلى حلف إقليمي مناوىء للتطبيع مع الكيان الصهيوني من جهة، ومناوىء للوجود الفرنسي في منطقة الساحل، ولإخراج موريتانيا من مجموعة "الخمس بالساحل" التي تقودها فرنسا وتستعملها غطاءً لوجودها في الساحل.

 

المساهمون