استمع إلى الملخص
- تشمل المشاريع خط سكة حديدية، طريق مزدوج، ومشروع سكني، مؤكدًا على انتهاء عهد المشاريع الطويلة الأمد وتعزيز صورته كرئيس ملتزم بالتنمية المحلية.
- زيارات تبون تحمل رسالة سياسية قوية بالتزامه بدفع التنمية، وتعكس استراتيجية مدروسة لتعزيز فرصه في الفوز بولاية ثانية، في ظل تركيز وسائل الإعلام على إنجازاته.
قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الخميس، بزيارة ولاية خنشلة شرقي الجزائر، هي الثالث من نوعها إلى ولايات الداخل منذ تسلمه السلطة نهاية عام 2019، وعشية استدعائه الهيئة الناخبة في الثامن من يونيو/حزيران المقبل تمهيداً للانتخابات الرئاسية المقرر إجرائها في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل.
وتثار تساؤلات بخصوص توقيت الزيارة وسبب إحجام الرئيس الجزائري عن زيارة الولايات والنزول الميداني للاطلاع على الواقع المحلي ومآلات الخطط الحكومية، علماً أنه لم يعلن بعد ترشحه رسمياً لتولي عهدة رئاسية ثانية رغم كونه في وضع مريح مقارنة بمنافسيه المحتملين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ثلاث ولايات فقط في غضون خمس سنوات هي كل تنقلات الرئيس الجزائري إلى داخل البلاد منذ اعتلائه سدة الحكم. فبعد الجلفة وسط البلاد وتندوف جنوبي الجزائر، زار تبون ولاية خنشلة، وأطلق فيها مشاريع خدمية متواضعة في طبيعتها وحجمها (خط السكة 51 كيلومتراً وطريقاً مزدوج بطول 14 كيلومتراً ومشروع 600 مسكن)، لم تكن لتستدعي بالنسبة للمراقبين تدشينا رئاسيا، بقدر ما كانت بدافع تنفيذ وعد انتخابي كان قد قطعه الرئيس الجزائري لسكان الولاية بزيارتها. وقال تبون، خلال وضعه حيز الخدمة خط نقل بالسكة الحديدية وطريقاً برياً يربط خنشلة بولايات قريبة، إن "عهد المشاريع التي تدوم سنوات قد انتهى بفضل جهود الإطارات".
تعليقا على ذلك، أكد الناشط السياسي والعضو في الهيئة النيابية لولاية سعيدة غربي الجزائر أمين لعرابي، لـ"العربي الجديد"، أنه "إضافة إلى فترة كورونا التي عطلت الأوضاع، فان طبيعة الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي كان يتوجب القيام بها، ربما فرضت على الرئيس تبون التركيز وإعطاء الأولوية لإصلاح البيئة التشريعية والقوانين المنظمة للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية وإعادة هيكلة الدولة والاقتصاد، بدلا من النزول الى الولايات للاطلاع على أوضاع يحمل الرئيس فكرة واضحة عن طبيعتها وترابطها وتشابهها بين كل الولايات".
وتابع: "أعتقد أن الرئيس نجح في خياره"، معتبراً أن الرئيس الجزائري "لم يبد اهتماماً بالغاً بتحسين صورته، بل إنه حتى في الزيارات الثلاث تلافى مظاهر الصخب الشعبي السابقة". من جهته، قال الخبير في التنمية المحلية مجيد عجالي لـ"العربي الجديد" إن زيارات تبون "تمثل رسالة سياسية بأنه معني بدفع التنمية في ولايات محددة كانت تعاني لفترة من تأخر قياسي في مشاريع التنمية أو تحظى بأهمية خاصة في الاستراتيجيات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس تبون أكثر من أية غايات أخرى".
وأضاف: "أعتقد أن هذا واضح من خلال الولايات التي زراها، وقبل ذلك كان الرئيس قد حدد لولايات أخرى برامج تنمية خاصة كولاية تيسمسيلت غربي البلاد"، مردفاً: "هذا لا يمنع ارتباطها أيضا من حيث التوقيت بالسياق الانتخابي، من حيث إعطاء انطباع بالتزام الرئيس تبون بوعوده الانتخابية، وكونها جزءاص من حملة مبكرة تمهيدا لترشحه لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقبلة".
تواريخ زيارات الرئيس الجزائري
وعلى الرغم من الطابع التقني للزيارة التي جرت اليوم، فإنها لا تخلو في سياقها السياسي من الحسابات المرتبطة بالسياق الانتخابي، خاصة لتزامنها مع تركيز وسائل الإعلام الحكومية والموالية على تقديم نتائج عهدة تبون الرئاسية الأولى خاصة على المستوى الاقتصادي، من حيث إطلاق المشاريع وتطوير القطاعات الحيوية كالزراعة والصناعة، وفي المجال والاجتماعي والدبلوماسي من حيث عودة بروز المواقف الجزائرية بقوة في المنتظم الدولي.
وكانت زيارات الرئيس الجزائري الى الولايات قد تأخرت أربع سنوات منذ تسلمه الحكم في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2019، وفي وقت سابق، ثار جدل لافت في المجتمع السياسي والإعلامي حول عدم إجرائه زيارات إلى الولايات مقارنة بسلفه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لتلمس حقيقة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وفحص مدى تطبيق الحكومة والسلطات المحلية خطط التنمية والقرارات الرئاسية.
وفي نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قام الرئيس الجزائري بأول زيارة الى الداخل، لتفقد مشاريع وبنى تحتية وإطلاق خطط جديدة للتنمية المحلية في ولاية الجلفة، التي تسجل في جميع الاستحقاقات الانتخابية أعلى نسبة تصويت. وفي 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قام بثاني زيارة له إلى الداخل، حيث زار ولاية تندوف على الحدود مع موريتانيا، تفقد خلالها مشروع استغلال منجم غارا جبيلات للحديد الذي قدرت تكلفته بحدود 15 مليار دولار.